الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الرسوم الأميركية» فرصة للبرازيل!

21 مارس 2018 21:34
لم يؤد قرار الرئيس ميشال تامر بإرسال قوات إلى ريو دي جانيرو بشكل رسمي إلى القضاء على إصلاح نظام المعاشات التقاعدية في البرازيل فحسب، ولكنه أيضاً قضى على ما تبقى من أمل في أن يتمكن من معالجة التغييرات الهيكلية في أنظمة الضرائب والعمل والتعليم والنظم التي ينظر إليها الاقتصاديون والمستثمرون باعتبارها خلاصاً اقتصادياً. ومع ذلك، فإن هذه الإصلاحات التي فقدت صلاحيتها الآن ليست هي السبيل الوحيد لتعزيز النمو. فالتجارة لها أهمية أكبر أو أكثر بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، تماماً كما يساعد تدفق السلع والخدمات والمنافسة على تحقيق القفزة الاقتصادية الكامنة في زيادة الإنتاج. وبالنظر إلى الانسحاب الحمائي للولايات المتحدة، فإن الانفتاح على العالم يمكن أن يحظى ولو لمرة واحدة في البرازيل بشعبية سياسية في عام ستشهد فيه انتخابات. لقد كانت البرازيل دائماً تاجراً متردداً. وعلى الرغم من وفرة مواردها الطبيعية، إلا أنها تظل واحدة من أكثر الاقتصادات المنغلقة في العالم. وتمنحها مجموعة من الاتفاقيات التجارية الرسمية فرصة الوصول إلى 10% فقط من الأسواق العالمية وتتضمن مئات الاستثناءات، ما يقلل من وصولها ويحد من أهميتها. وهذه المعوقات التي خلقتها البرازيل لنفسها تحول بينها وبين الأجزاء الأكثر ربحية من سلاسل التوريد العالمية، وتصبح بدلاً من ذلك عالقة في توريد المواد الخام إلى مصانع الدول الأخرى. وتؤدي الضرائب المرتفعة نسبياً المفروضة على الواردات إلى رفع التكاليف بالنسبة للشركات المحلية والمستهلكين على حد السواء. ووفقاً لدراسة أعدتها شركة ماكنزي عام 2014، فإن فتح البرازيل لاقتصادها من شأنه أن يحدث زيادة بنسبة 1.25% في نمو ناتجها المحلي الإجمالي السنوي، أكثر من النمو الذي من الممكن أن تحدثه الإصلاحات العمالية أو التنظيمية. وخلال الفترة من 1990 حتى 2012، قاد العمال الجدد أكثر من نصف مكاسب الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 1.8% سنوياً. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة الديموغرافية في سبيلها للانتهاء –في أقل من عقد من الزمن، سيفوق عدد الأطفال والمسنين في البرازيل عدد المعيلين في البلاد– وسيتسبب هذا في توقف محرك النمو الذي كان يعتمد عليه ذات يوم. ويفهم ساسة البرازيل تكاليف الحماية. فهم يمنحون الشركة البرازيلية الجوية «امبراير» الحرية لاستيراد معدات ومكونات بدون الرسوم التي تواجهها الصناعات الأخرى. وأصبحت طائراتهم الآن تتنافس عالمياً. وهذا يتناقض بشكل حاد مع شركات صناعة السيارات البرازيلية، التي لا تتمتع بمثل هذه المزايا. ونتيجة لذلك، فإن السيارات البرازيلية تستغرق فترة مضاعفة لتصنيعها، وفي الوقت نفسه فإن ثمنها أعلى بنسبة 40% من السيارات المكسيكية. وتذهب صادراتها الضئيلة إلى حد كبير إلى الأرجنتين، وهي شريكة البرازيل التجارية في تجمع «الميركوسور» الذي يضم البرازيل والأرجنتين وأوروجواي وباراجواي وفنزويلا. وربما يكون التوقيت السياسي للانفتاح صحيحاً أخيراً. وميل ترامب لتهديد -إنْ لم يكن إنهاء- العديد من الصفقات التجارية القائمة من الممكن أن يؤدي إلى إعادة النظر في قضية كانت في السابق تعد محرمة في السياسة البرازيلية. ودولة حيث أقل من شخصين من كل عشرة أشخاص يحبون الرئيس الأميركي، من الممكن أن تكون القضايا المناهضة لترامب رائجة. ومن خلال الانسحاب، أعطت الولايات المتحدة للبرازيل المساحة لتشكيل اتفاقات جديدة تميل إليها بصورة أكبر. والصراع على السلطة الذي أغرق اتفاقية التجارة الحرة للأميركيتين في منتصف العقد الأول من القرن الحالي تلاشى مع غياب الدور الأميركي المحفز على حرية التجارة. وإن المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وتجمع «ميركوسور» فرصة مناسبة للبدء. وبعد ما يقرب من عقدين من الزمن من بدء المحادثات والتوقف عنها، يحاول المشاركون تحقيق تقدم في العقبات التي تتعلق بالزراعة وقواعد المنشأ. والقرارات الأخيرة التي اتخذها ترامب بشأن فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم، ما يلحق الضرر بالصناعة على جانبي المحيط الأطلسي، من الممكن أن تعزز الصداقة الحميمة اللازمة للتغلب على النقاط الخلافية الأخيرة. ومن المناسب أن تعيد البرازيل التفكير في تحالف المحيط الهادئ الذي أسسته المكسيك وكولومبيا وبيرو وتشيلي بهدف القضاء على الرسوم الجمركية والحواجز الأخرى التي تعيق حركة الاستثمار والخدمات والأفراد. ومشاركة البرازيل في هذا التحالف ستحفز آمال أميركا اللاتينية فيما يتعلق بتحقيق التكامل الاقتصادي. وسينضم معظم الشركاء الطموحين إلى اتفاقية الشراكة عبر الهادئ بعد تنقيحها، ما يفتح ما يقرب من ثلث أسواق العالم أمام الشركات البرازيلية، ومن أجل أن تحقق البرازيل نمواً أسرع ولفترة أطول، يتعين عليها أن تصبح أكثر تنافسية على مستوى العالم. *زميل بوحدة «دراسات أميركا اللاتينية» في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©