الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الخلايا الجذعية» بين أخلاق البحث العلمي ومخاطر الاستنساخ الكامل للبشر

«الخلايا الجذعية» بين أخلاق البحث العلمي ومخاطر الاستنساخ الكامل للبشر
15 ابريل 2010 20:55
الخلايا الجذعية الجنينية المعروفة أيضاً باسم خلايا المنشأ من المجالات العلمية الحديثة التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الطبية والدينية، وتراوحت المناقشات الحادة حولها بين التأييد والمعارضة لأن المعارضين يرون أنها تعتمد على الأخذ من الأجنة البشرية وهو أمر لا أخلاقي، كما يقول علماء الشريعة وتحرمه الأديان السماوية. ويؤكد الدكتور عبدالهادي مصباح، استشاري المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأميركية للمناعة، أن الخلايا الجذعية من أهم وسائل علاج الأمراض المستعصية في المستقبل القريب، والأطباء والمرضى يعقدون آمالاً كبيرة عليها من أجل الشفاء التام من العديد من الأمراض مثل السكري والشلل الرعاش والزهايمر وتصلب الأعصاب وتليف الكبد والفشل الكبدي والكلوي وتلف عضلة القلب بعد الجلطات وعلاج الحروق المتقدمة وإصابة المخ والحبل الشوكي وبعض حالات فقدان البصر والأورام مثل اللوكيميا. ويمكن أن تستخدم كبديل لزراعة الأعضاء لحل هذه المشكلة المزمنة. نوعان من الخلايا وأوضح أن هناك نوعين من الخلايا الجذعية، الأول الخلايا الجنينية، ويمكن الحصول عليها من دماء الحبل السري بعد الولادة مباشرة، أو من النطفة الجنينية، وهي عبارة عن كتلة الخلايا الجنينية الأم، التي تتكون داخل النطفة الملقحة خلال الأيام الخمسة الأولى بعد الإخصاب، وتحتوي على ما يقرب من 100 إلى 150 خلية جنينية أو خلية جذعية جنينية تستطيع أن تنمو لتعطي أي نوع من أنواع خلايا الجسم المختلفة. وكانت المشكلة التي تواجه العلماء حتى عام 1998 هي كيفية استخلاص هذه الخلايا والحفاظ عليها في هذه المرحلة الجنينية، قبل أن تنمو وتتميز إلى ثلاث طبقات داخلية يتكون منها الكبد والبنكرياس وبقية الجهاز الهضمي والتنفسي والغدة الدرقية وغدة التيموس الخاصة بالمناعة والمثانة. ومتوسطة ينمو منها نخاع العظام الذي تتكون من خلاياه وخلايا الدم والمناعة والجهاز الليمفاوي والقلب والعضلات والعظام والغضاريف والجهاز البولي والتناسلي. وخارجية ينمو منها الجلد وخلايا المخ والأعصاب والغدة النخامية والعين والأذن والأنسجة الضامة للوجه والرأس. ويضيف أن النوع الثاني هو الخلايا الجذعية الناضجة والموجودة في كل عضو من أعضاء جسمنا كرصيد استراتيجي احتياطي. النعجة “دوللي” وقال إنه في أعقاب توصل العالم “ويلموت” إلى الأسلوب الذي استنسخ من خلاله النعجة “دوللي” والتطور في أسلوب وتكنولوجيا الاستنساخ في كثير من المراكز العلمية في العديد من دول العالم، أصبح من المتاح الآن تحضير الخلايا الجذعية الجنينية عن طريق أخذ المادة الوراثية من نواة خلية من جلد الشخص المصاب بالمرض وحقنها في بويضة مفرغة من جيناتها الوراثية، موضحاً أن النطفة تبدأ في الانقسام من خلال التلقيح في المعمل مثلما يحدث مع أطفال الأنابيب، وفي اليوم الخامس تقريباً عندما تصبح النطفة كرة من الخلايا تحتوي على نحو 100 - 150 خلية جذعية جنينية وتسمى “بلاستوسيست” يمكن زرع هذه النطفة في رحم الأم لتكمل حملها لمدة 9 شهور، لتلد طفلًا عبارة عن صورة طبق الأصل من الشخص الذي أخذت منه المادة الوراثية للخلية وهذا ما يسمى الاستنساخ الكامل للبشر الذي يعترض عليه معظم الناس، أو أن تؤخذ هذه الكرة من الخلايا “بلاستوسيست” من دون أن توضع في الرحم نهائياً وتستخلص منها الخلايا الجذعية الجنينية، التي يمكن أن تتحول إلى أي نوع من خلايا الجسم. ويطالب د. عبدالهادي بوضع مشروع قومي عربي يشمل الجامعات ووزارات الصحة وهيئات البحث العلمي ويمول من رجال الأعمال من أجل انشاء بنوك لحفظ ماء الحبل السري وأنسجة المشيمة التي نرميها لتأكلها القطط في معظم مستشفيات الولادة، وهي تحمل الحياة والأمل لملايين المرضى. وشدد الدكتور حمدي السيد، نقيب الأطباء المصريين، على ضرورة طرح القضية للنقاش الموسع والمستفيض خاصة بعد قرار الرئيس الاميركي باراك أوباما بالإفراج عن أبحاث الخلايا الجذعية التي أوقفت الإدارة الأميركية السابقة تمويل أي أبحاث بشأنها. وطالب بالتريث في الحديث عن زرع الخلايا الجذعية وعدم المبالغة أو التحفظ أو التعجل في المسألة، مضيفاً أنه يجب تبني موقف علمي معتدل لأن هذه الخلايا تؤخذ من الحبل السري أو بويضات ملقحة لم تستخدم أو من جنين مجهض وغير ذلك من الأمور الكثيرة المرتبطة بالخلايا. وقال إن الخلايا الجذعية عندما تؤخذ من الإنسان لنفسه فهذا يؤدي إلى قلة المخاطر ولكن مع ذلك فلا أحد يعلم مستقبلها، خاصة أنها خلايا جديدة لا يعرف أحد إن كانت ستسير بشكل منضبط أم أنها من الممكن أن تخرج عن الناموس وتبدأ تشكيل أشياء إضافية لا نعلمها كالأورام أو خلايا غريبة عن الجسم. أخلاقيات البحث العلمي وقال الدكتور جمال أبو السرور، مدير المركز الدولي الإسلامي للدراسات السكانية بجامعة الأزهر، إن اللجنة الوطنية المصرية لأخلاقيات البحث العلمي لم تصدر موافقة على العلاج بالخلايا الجذعية، إأن الاستنساخ العلاجي ما زال في طور البحث العلمي وتوجد به العديد من المشاكل التطبيقية ولذلك رفضت الهيئات الدولية السماح به كوسيلة علاجية. وأوضح أن الدراسات أظهرت أن العلاج بالخلايا الجذعية فيما عدا زرع النخاع العظمي مجال بحثي واعد وما زال تحـت التجريب، ولذلك يجب أن تكون هناك ضوابط صارمة تضمن بحوثه وتجاربه وممارساته وأهمها قصره على المراكز البحثية الجامعية والحكومية بحيث لا يجوز الإعلان عنه كطريقة فعالة للعلاج. وأكد ضرورة أن تكون مشاركة المريض في الدراسات العلاجية للخلايا الجذعية طوعية ومجانية وتسبقها موافقة كتابية مستبصرة من المريض مع تكفل مركز الخلايا الجذعية بعلاج المريض من أي مضاعفات نتيجة العلاج وأيضاً ضرورة تشكيل لجنة أخلاقيات البحث العلمي داخل المؤسسات الممارسة للعلاج بالخلايا الجذعية. الكرة الجرثومية ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن المجامع الفقهية الإسلامية ناقشت تفاصيل القضية وأصدرت عدة قرارات ولم تعترض عليها من ناحية المبدأ، وإن كانت قد رفضت استعمالها من أجنة يتم إجهاضها لهذا الغرض كإجهاض جنين من أجل أخذ خلاياه فقط فهذا مرفوض بشكل قاطع. وأوضح أن الخلايا الجذعية هي التي تتكون في الأساس بعد تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية، فالجنين في بداية الحمل يتكون من بويضة تم تلقيحها بحيوان منوي وبعد التلقيح تبدأ البويضة الملقحة الانقسام إلى خليتين ثم تنقسم الخليتان إلى أربع والأربع إلى ثمان وهكذا وفي الأيام الخمسة الأولى يأخذ هذا الجنين المبكر شكل الكرة ويسمونها “الكرة الجرثومية” المكونة من خلايا متناهية الصغر. وهذه الكرة الجرثومية تتكون من خلايا خارجية تسمى كتلة الخلايا الخارجية الآكلة ومن خلايا الكتلة الداخلية وهي التي تتحول بإرادة الله تعالى إلى خلايا الجنين المختلفة ويبلغ عددها أكثر من 220 نوعاً من الخلايا مما نسميه الخلايا الجذعية. قضية جديدة عن حكم الشرع يقول شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إن زرع الخلايا الجذعية قضية جديدة لا يعرفها التراث الطبي والأخلاقي الإسلامي، ويجب أن يخضع تقييمها للإطار العام لفلسفة الأخلاق في الإسلام حتى يمكن التوصل فيها لما ينفع البشرية ويفيد المرضى. وطالب بضرورة الالتزام بالسند الأخلاقي والإسلامي للقيام بأي أعمال لنقل الأعضاء، وكذلك بأخلاق مهنة الطب وآدابها وواجبات الطبيب والمريض، ويجب وضع قواعد أخلاقيه ملزمة ومواثيق شرف وآداب لمهنة الطب فيما يتعلق بالخلايا الجذعية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©