الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمود عبداللطيف.. عقــل مـن ذهـب

محمود عبداللطيف.. عقــل مـن ذهـب
22 مايو 2016 00:14
أبوظبي ( الاتحاد) يقرأ بشفاه أمه، ويكتب بيدها، ويتحرك بساقيها .. إنه النابغة «محمود عبداللطيف تنيره»، 11 عاماً، الطالب بالصف الثاني الابتدائي بمدرسة الأنصار العالمية بالشارقة، والذي وصل بقدراته العقلية المتميزة إلى التصفيات الإقليمية على مستوى دولة الإمارات في مسابقة مشروع «تحدي القراءة العربي» الذي دشنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» في سبتمبر الماضي واختتم فعالياته مؤخراً. وحقق محمود هذا التميز على الرغم من ظروفه الصحية الصعبة، حيث يعاني مرضاً يتسبب فيه أحد الجينات الوراثية باسم «أم تي إيه بي»، وهو جين لا يزال قيد البحث في نيدرلاند بالولايات المتحدة، عبر مستشفى توام بالعين وهو مرض غير معروف، يتسبب في هجمات مرضية على فترات متفاوتة، ويؤثر هذا الخلل الجيني على قدرة التحدث، والمشي وتحريك اليدين والأكتاف بشكل طبيعي. خرجت من المصعد بهمة عالية تدفع أمامها كرسي مدولب يجلس عليه فتى وسيم الملامح، تناثرت على جبهته خصلات من شعره.. توجهت إلى قاعة الانتظار.. جلست في هدوء تتجاذب أطراف الحديث مع فتاها، وفي الأثناء، أقبلت منسقة الحدث، منادية على الطالب «محمود عبداللطيف تنيره»، فنهضت السيدة بحماس، تدفع محموداً على كرسيه إلى حيث قاعة الاختبار.. جلست إلى جواره، وأخرجت قلماً وأمسكته إياه، ثم وضعت يدها برفق على يده الصغيرة، وعلى الجهة المقابلة جلست المحكّمة ممسكة بأحد الدفاتر الملونة مكتوب عليه «مسابقة تحدي القراءة العربي».. هي تلقي السؤال ومحمود يحرك يده بمساعدة بسيطة من أمه ليكتب الإجابة. محمود عبداللطيف تنيره، منتظم في دراسته بمدرسة الأنصار العالمية بالشارقة، إلى جوار زملائه ضمن برنامج الاندماج مع الطلبة الأسوياء،وهو متفوق ويحقق معدلات ممتازة في جميع المواد. تذكر أمه، هالة تنيرة: «رحلتي مع محمود بدأت منذ ولادته، ثم رزقت بأخيه زين الذي يصغره بستة أعوام، وأحمد الله أن هذا المرض لم يتسلل إلى قدرات محمود العقلية». وتضيف:«من حسن حظنا أننا نقيم هنا في دولة الإمارات التي تدعم ذوي الاحتياجات الخاصة بلا حدود، وتؤمن بضرورة مساهمتهم بفاعلية في عملية التنمية». بدأت رحلة تعليم محمود عندما انتظم في صفوف إحدى المؤسسات النشطة في مجال تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في الشارقة، وأمضى عامين إلى جوار طلبة آخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان عمره 3 سنوات، لم ينسجم محمود كثيراً مع هذا الخيار، وبدأ يتذمر، ويبدي عدم رغبة في التعلم بهذا الأسلوب حتى وصل سنه 5 سنوات، وفي هذا التوقيت كانت أمه تقدم أوراق تسجيل أخيه في مدرسة الأنصار العالمية، وتبادلت الحديث حول محمود مع المعلمة المتخصصة في مجال تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والتحدي الذي توجهه معه، فأبدت المعلمة رغبة كبيرة في رؤية محمود والتعرف على قدراته. وتتابع أمه، هالة تنيرة: «أجرينا اختبار التقييم لمحمود في المؤسسة التي كانت يتعلم فيها، وحقق نتائج تؤهله للانضمام إلى مدرسة عادية، وقد كان.. حصلنا على موافقة مدرسة الأنصار لقبول أوراقه، وقمنا بإجراء اعتماد نقله عبر وزارة التربية والتعليم». وتشير إلى أنها تعرفت على جانب كبير لم يكن ظاهراً في محمود من خلال مشاركته في مسابقة تحدي القراءة العربي، وتعرفت على ملكاته في الاستيعاب وقوة ذاكرته وقدرته على الوعي والفهم والإدراك، والثقة بنفسه، مضيفة: «وكل ذلك منحني المزيد الإصرار على دعمه ومساندته حتى يكبر ويصبح فرداً فاعلاً ومفيداً لمجتمعه، وفي هذه الأثناء علمت بمسابقة تحدي القراءة العربي، وفكرت في إشراك محمود فيها وشجعني على ذلك نتائج محمود الأكاديمية، وإجماع معلميه على نبوغه العقلي، وذكائه الحاد». وتؤكد تقول هويدا محمدي نسيم؛المشرفة المعتمدة لتنفيذ برنامج مسابقة مشروع تحدي القراءة العربي بمدرسة الأنصار العالمية، أن تفوق محمود، ونبوغه العقلي، وإحرازه لمعدلات متفوقة تصل إلى 98%، ليس فقط في اللغة العربية، وإنما في كل المواد، كل ذلك أهله للتفوق على زملائه من الطلبة الأسوياء في المدرسة، والوصول إلى مرحلة التصفيات النهائية الإقليمية في المسابقة .وعن محمود، تلفت ولاء محمد لبيب،التي أشرفت على لجنة تحكيم محمود خلال مراحل التصفيات وصولاً إلى التصفيات الإقليمية، إلى أنه من أول جلسة للتحكيم مع محمود، لم تستطع أن تخفي انبهارها بما حققه هذا الفتى النابغة من نتائج. المحفظة الضائعة تشير هالة تنيرة إلى أن قصة محمود المفضلة هي «المحفظة الضائعة»، وقد قرأ أكثر من 25 قصة متنوعة، خلال مشاركته في المسابقة، إلا أنه أبدى استيعاباً كبيراً للقيم والمبادئ التي جاءت في قصة «المحفظة الضائعة»، وهي من تأليف الدكتور طارق البكري، وأكثر ما أعجبه بهذه القصة ومعانيها، الجملة الأبرز التي جاءت على لسان «سلمى» بطلة القصة عندما قالت: إن كان الناس لا يروننا فأين الله؟ أين الله؟»، وتقول تنيرة : «ابني محمود يعتز بجنسيته الفلسطينية، ويحلم بأن يكون طبيباً بشرياً عندما يكبر، وأتمنى من الله أن يصبح ستيفن هوكينج العرب في المستقبل، حيث إن هوكينج وهو عالم الفيزياء البريطاني الشهير، حقق شهرة واسعة ونجاحات علمية بارزة رغم إعاقته».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©