الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بَرِّدوا عليهم» خطوة صغيرة بقيمة كبيرة

«بَرِّدوا عليهم» خطوة صغيرة بقيمة كبيرة
28 يونيو 2009 00:11
إنها الثانية والنصف ظهراً، والشمس تضرب بقسوة أرض منطقة الحيل في رأس الخيمة، درجة الحرارة اليوم تجاوزت الخمسين مئوية، والناس اختبأوا في بيوتهم لائذين ببرودة التكييف من حرارة الجو، بينما تجوب هند النعيمي وفريقها الصغير مناطق الإنشاءات والمشاريع قيد الإنشاء بحثاً عن عمال مختبئين في الظل بانتظار انقضاء فترة الظهيرة ليعودوا إلى أعمالهم. ترى لم تبحث هند وفريقها المكون من شقيقها وشقيقتيها وطفلي أختها الصغار المنطقة؟، لم تحاول الوصول إلى العمال في «عز القايلة»؟ سؤال يلوح في خاطر كل من يشاهد السيارة الصغيرة يتقافز منها أطفال يحملون أكياساً في مواقع الإنشاءات. «بردوا عليهم» قالت هند: «نحن نوزع وجبات خفيفة وعصائر على العمال»، هكذا فقط باقتضاب، قالت العبارة ويداها تملأ كيساً بلاستيكياً بعلبة عصير وقنينة ماء وبعض الكعك، وتربطها ثم تناولها يد ابن أختها الصغير محمد شملان. تتابع هند مشيرة لشقيقتها المنهمكة في توزيع العصائر بين الأكياس: أختي الكبرى هي صاحبة الفكرة، وهي المحرك الرئيسي للعمل، اقترحت أن نساهم في تخفيف حرارة الصيف عن العمال الذين يعملون في المشاريع القريبة من بيتنا، وحظيت فكرتها بتأييد كبير من الأسرة، لكن لم نحدد يوماً للقيام بها، ومنذ أسبوع تقريباً بدأنا بالتخطيط العملي والتنفيذ الفعلي للمشروع الذي نود أن يكون خيرياً لا أكثر، لذا أسميناه «بردوا عليهم». وهو اسم اختارته والدتي بالمناسبة. فريق عائلة النعيمي الذي يعمل ضمن «بردوا عليهم» كبير، ترى تعاونهم ظاهراً بتوزيع الأدوار بينهم، فبينما كانت هند ونوال منهمكتين في التوزيع، كانت شقيقتهما فاطمة تهتم بالصغيرين شوق ومحمد شملان اللذين كانا ضمن الفريق أيضاً. تكمل فاطمة حديثها، وهي تفتح علبة عصير لابن اختها الصغير محمد: أحضرنا معنا الصغار لعدة أسباب، أردنا أن يتعلموا معنى المبادرة، وكيف يمكن لخطوة صغيرة أن تغير مشاعر الآخرين، كما أنَّ وجود الأطفال يحفزنا أكثر على العطاء، ويفرح قلوب العمال الذين لم يتعامل بعضهم مع أي طفل منذ سنوات، والأطفال عادة يشيعون جو فرح وبهجة أردنا أن نبثه في أرواح العمال أيضاً. دعم أسري كبير تتناول شقيقتها نوال النعيمي طرف الحديث وتقول: حين أعود ظهراً من عملي أراقب تحركات العمال الذين يكونون في فترة استراحة الظهيرة التي تحميهم من العمل بأوقات الحرارة المرتفعة، مراقبتي اليومية لهم صنعت داخلي تعاطفاً كبيراً تجاههم، وقررت أن أقدم لهم شيئاً ما تعاطفاً ودعماً لهم. طرحت نوال الفكرة على أسرتها التي دعمتها بقوة، تتابع: لم أكن أتوقع مبادرة أسرتي، الكل تحمس للموضوع، واقترحت أمي أن نقدم لهم الماء والعصائر، بينما أضاف أخي الأكبر الكعك للقائمة، وجرى شقيقي الصغير «عبد الله» لحصالته وأخرج منها كل ما ادخره طوال عدة أشهر ليساهم مع الجميع في شراء ما نوزعه على العمال. شيخة النعيمي الشقيقة الصغرى، كانت صاحبة فكرة توزيع العصائر عوضاً عن النقود، تقول عنها: توزيع النقود على العمال فكرة واردة لمن يملك رأس مال كبير، أما لمبادرة عائلية صغيرة، فالفكرة غير مناسبة، كما أنَّ الهدف كان تخفيف حرارة الجو، وفي الحر يشعر الإنسان بالعطش كثيراً لذا كان الأفضل أن نقدم ما يمكن توزيعه من طعام وشراب، فهكذا نضمن تحقيق هدف أسرتنا أكثر من توزيع النقود. أنا رجل عبد الله النعيمي، فتى لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره، يقول وهو يحمل عدة أكياس بيده: «أنا مستأنس». أوصل عبد الله ما يحمله لعدد من العمال الذين كانوا ينادون بعضهم ليحصلوا جميعاً على الأكياس، وعاد إلينا يقول: منذ بدأنا بتوزيع الأكياس وأنا أشعر بالفرح، كل يوم أنتظر عودة شقيقاتي من أعمالهم لنذهب لتوزيع الأكياس على العمال، وفي كل يوم نذهب لمكان مختلف عن الذي سبقه، وأنا «الرجل» الذي يحمل الأكياس التي تجهزها أخواتي ويوزعنها على العمال، كما أني موجود لمساعدة أخواتي إذا احتجن أي شيء. ويتابع وهو يفتح كيساً من الأكياس التي تجهزها أسرته: أنظري أنا اخترت هذا الكعك لأني أحبه، وهذا العصير اختارته شقيقتي هند لأنه طبيعي ومغذٍ!
المصدر: رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©