الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صناعة السيارات تبدأ «ماراثون» التطوير للفوز بجائزة «البقاء» في عالم الأزمات

صناعة السيارات تبدأ «ماراثون» التطوير للفوز بجائزة «البقاء» في عالم الأزمات
2 يناير 2010 00:55
تضررت صناعة السيارات من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية أكثر من أي صناعة أخرى، بل عانت ولا تزال تعاني من آثار بلغ بها العمق إلى درجة تجبرها على إعادة النظر في منظومتها التجارية. فكل أزمة تجعل القائمين على الصناعة يتعاملون بالأسلوب التقليدي في النظر إلى الأمور. وهذه الأزمة أجبرتهم على ذلك، ولكن فيما يتعلق بصناعة السيارات، هناك عامل يزيد الأمور تعقيداً وهو ضرورة مراعاة البيئة والتقيد بحلول تحقق تقليل الانبعاثات. وفيما يتعلق بالسيارة ذاتها بصفتها المنتج النهائي، فالابتكار المطلوب في فترة الأزمة ليس اختراع شيء جديد ولكنه تبني مقاربة مختلفة تكمن في الكف عن النظر إلى السيارة باعتبارها منتجاً مستقلاً بذاته وبدء اعتبارها جزءاً من منظومة أكبر. وتعكف صناعة السيارات على تطوير محركات أكثر توفيراً للوقود وحلول أخرى أكثر مراعاة للبيئة. فنجد أن مجموعة “فيات” سلكت هذا النهج، حيث صنعت سيارات انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون هي الأدنى على الصعيد الأوروبي. ومع ذلك، فمن أجل تحقيق تقدم حقيقي ينبغي اعتبار ذلك تحدياً يشترك في مواجهته كافة صناع السيارات وكبار رجال الصناعة على مستوى العالم. والغاز الطبيعي يعتبر مثالاً حياً على ذلك، فهو يعتبر اليوم البديل الجاهز للبنزين. ويعد الوقود المتوافر في الطبيعة الأكثر الأرخص ثمناً للمستهلك فسعره يقل 30 في المائة عن الديزل و50 في المائة عن ثمن البنزين. ورغم ذلك نجد أن استخدام سيارات الغاز الطبيعي في أوروبا شديد التدني حتى الآن. وحلقة ضعيفة في سلسلة كفيلة بإجهاض العديد من المزايا التي يقدمها الابتكار الجديد. وهناك ثلاثة عوامل رئيسة ستمكن صناعة السيارات من إجراء التغيرات اللازمة: الاستثمار والابتكار والشجاعة. وحتى مع ذلك، فاتباع الجديد من التقنيات لا يخلو من المخاطر. فالهيدروجين مثلاً كان يعتبر لسنوات طويلة دواءً شافياً للمشاكل البيئية. واتهم الكثيرون صناعة السيارات بعدم بذل الجهد الكافي لتطوير محركات بديلة تستخدم الهيدروجين. وربما في المستقبل نستخدم جميعاً في تنقلاتنا طاقة الهيدروجين. ولكن إلى أن نتوصل إلى حل مستدام لتخزين وقود الهيدروجين، سيظل هذا الحل وهماً.. وكل ما سنفعله هو نقل المشكلة إلى مكان آخر. صحيح أن وقود الهيدروجين قد يكفل سيارات فائقة النظافة، ولكن ستكون هناك كميات هائلة من انبعاثات الطاقة والتلوث مرتبطة بتوليد الهيدروجين ذاته. وحتى مع نظام الدفع الكهربي الذي يعد بلا شك أكثر التقنيات الواعدة، يلزم الأمر توضيح شيء مهم وهو أنه بالنسبة للدول التي نعتمد اعتماداً كبيراً على الطاقة الكهربية سواء المستوردة أو المولدة من النفط، فإن استخدام السيارات الكهربائية على نطاق واسع ليس بالضرورة مفيداً للمنظومة ككل. والخطوة الشجاعة إنما تكمن في انتهاز الفرصة لنبني منظومتنا بكاملها على تطوير طاقة متجددة. ومن المؤكد أن في مقدور الحكومات في مجال السيارات أن تلعب دوراً مهماً في تخطيط مستقبلها. ففي الولايات المتحدة، بادر الرئيس الأميركي باراك أوباما بتشكيل فريق عمل متخصص مهمته تحويل الأزمة إلى فرصة. والهدف هو التأثير على صناعة برمتها وعلى عادات المستهلكين مع تقديم الحماية لصناعة السيارات وتعزيز الأهداف المشتركة الرامية إلى تقليص الانبعاثات والحد من استهلاك الوقود. وقدمت الحكومات في أوروبا الدعم لقطاع السيارات كل بطريقته الخاصة، واتخذ ذلك شكل حوافز تشجيع الطلب من خلال توجيهه نحو بدائل أكثر رفقاً بالبيئة، بالإضافة إلى حجم دعم مالي مباشر للمنتجين المحليين. والهدف سواء لأميركا وأوروبا هو إنعاش صناعة مهمة. غير أن هناك احتمال أن تتفاوت النتائج تفاوتاً عظيماً. فالخطة الأميركية معنية بالتغلب على المصاعب التي لحقت بصناعة السيارات لسنوات وبناء مستقبل أكثر استدامة من الناحية الاقتصادية والناحية البيئية على السواء. أما الخطط الأوروبية، على عكس الخطة الأميركية، فلا تعالج الأسباب الجذرية؛ لأنها تفتقر إلى رؤية مشتركة، فكل دولة تتصرف من جانبها من منطلق مصلحتها الذاتية وليس من مصلحة أوروبا ككل. كذلك تواجه صناعة السيارات في أوروبا عقبة كبرى هي كثرة القوانين، وهو ما يشكل بالطبع أعباءً على صناع السيارات إذ إن كثرة القوانين بما تحمله من معايير وشروط تزيد من تكاليف الإنتاج. غير أن الجانب الأكثر إزعاجاً يتمثل في أن هذه القوانين لا تحقق في كثير من الأحوال فوائد ملموسة. فإن أخذنا قانون الاتحاد الأوروبي بشأن تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في السيارات الجديدة، فسيكلف مصانع السيارات مبلغاً مذهلاً يصل إلى 45 مليار يورو (67 مليار دولار) في السنة، بينما لن يحد سوى 0,0015 في المائة فقط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في السنة، وهي نسبة صغيرة جداً تدعو إلى السخرية مع تكلفة عالية جداً. وفي النهاية، يجب أن يكون التطور التكنولوجي مجدياً وعملياً بالنسبة لتطور السوق. فالأزمات الكبرى يمكن أن تعجل بالتغيير، وهي تفتح المجال لمواجهة المشاكل الهيكلية بكل إصرار وسرعة، ولكن فقط إذا سلمنا بأن هذه الإجراءات حتمية وضرورية.. فإن التغيير الفعال يظل هو التحدي الحقيقي خلال السنوات المقبلة. عن “ايكونوميست”
المصدر: اقتصاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©