الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السفير تقدم عرضاً خارج الواقع العربي

السفير تقدم عرضاً خارج الواقع العربي
15 مايو 2008 01:58
قدمت فرقة ''المسرح الجديد'' الجزائرية مؤخراً عرضاً مسرحياً على خشبة مسرح محيي الدين باشطارزي في العاصمة الجزائرية بعنوان ''السفير'' من تأليف الكاتب المسرحي العالمي سلافومير مروزك، وإخراج شنتوف عبدالغني، وأداء ستة ممثلين شباب· ودارت أحداث المسرحية في سفارةٍ مَّا بأحد البلدان، حيث يزور مسؤول بتلك الدولة سفير دولة أخرى ببلده ليقدم له كرة أرضية كبيرة كعربون صداقة بين البلدين، إلا أن أحد عمال ورشة صناعة الكرات الأرضية، يخرج فجأة من الكرة المُهداة ويطلب اللجوء السياسي من السفير· تتصاعد الأحداث بوتيرة سريعة، حيث يتعرض السفير لضغوط هائلة من سلطات ذلك البلد، وكذا سلطات بلده لتسليم اللاجئ الهارب، إلا أنه يبدي إصراراً شديداً على الرفض، ويزداد حجم الضغوط حينما يقرر سكرتيره الشخصي ثم زوجته التخلي عنه، كما تُنظَّمُ مظاهراتٌ صاخبة أمام مقرِّ السفارة لمطالبته بتسليم اللاجئ، ويُقطع عنه الغاز والكهرباء والماء والمؤونة، وحينما يتأكد السفير من تعذُّرِ الاحتفاظ باللاجئ ودفع الدولة المُضيفة إلى التراجع، يقرِّرُ الانتحارَ بإطلاق الرصاص على رأسه· العرضُ مقبولٌ من الناحية الفنية الجمالية، وقد بذل الفنانون الشباب الستة -على قلة خبرتهم الفنية- جهوداً لإثبات كفاءتهم وأداء أدوارهم· السينوغرافيا بدورها بدت معبِّرة عن مكان الأحداث، أي السفارة وبروتوكولاتها وملابس موظفيها، إلا أن أحداث المسرحية ونهايتها المأساوية بدت غير مرتبطة تماماً بالواقع الجزائري والعربي عموماً، إذ إن أحداثها تصلح لدولٍ غربية، ولا تصلح للواقع العربي المغاير تماماً، ولعل ذلك يقود إلى الحديث مجدَّداً عن قضية الاقتباس التي أصبحت موضة في المسرح الجزائري ولو تمَّ اقتباسُ نصوصٍ لا علاقة لها بالواقع المحلي والعربي بذريعة أنها نصوصٌ عالمية· ويبدو أن المخرج الجزائري اختار اقتباس النص حرفياً عوضاً عن التصرف فيه لتكييفه مع الواقع المحلي ليصبح أكثر ملاءمة له من الناحية القيمية على الأقل، فحينما يُبقِي على نهاية المسرحية كما هي، فكأنه بذلك يقرُّ ما قام به ''السفير'' من وضع حدٍّ لحياته كإشارة إلى رفضه التنازل عن موقفه مهما كان الثمن، وإذا كانت القيمُ العربية منذ العهد الجاهلي تحث على إغاثة المستجير ورفض تسليمه لطالبيه والدفاعِ عنه وافتدائِه بالنفس إذا تطلب الأمر، فإنها لا تقر بمواجهة الضغوط بوسيلة غير شرعية، وهي الانتحار الذي يعدّ محرَّماً قطعاً مهما كانت الظروف وحجم الضغوط التي يتعرض إليها الإنسان في حياته· ومن ثمة يطرح سؤالٌ كبير ومحيِّر على المخرج وهو: ماذا يريدُ باقتباس مسرحيةٍ يسوِّق بطلُها الانتحارَ كحلٍّ للخلاص من ضغوط الحياة؟! ولماذا لم يعدِّل نهايتَها على الأقل لتتلاءم وواقعنا العربي؟
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©