الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشويق في سباق الرئاسة الروسية

9 يناير 2018 23:01
هناك مرشح للرئاسة الروسية يحظى بشعبية واسعة النطاق على يوتيوب. ولدى المرشح آلة سياسية على امتداد البلاد وجمهور ناخبين يقدر بالملايين ممن سئموا من الرئيس فلاديمير بوتين وأصدقائه من الأغنياء أصحاب النفوذ. ورغم أنه من المحتمل بشكل كبير أن يفوز بوتين بفترة رئاسية جديدة مدتها ست سنوات في الانتخابات التي تجرى يوم 18 مارس، لكن هذا المنافس لديه فرصة جيدة لأن يحل في المرتبة الثانية. إنه ليس «أليكسي نافالني»، بل «بافل جرودينين» المرشح الذي عينه الحزب الشيوعي في الاتحاد الروسي الشهر الماضي ليحل محل «جينادي زيجانوف زعيم الحزب البالغ من العمر 73 عاماً ومرشح الرئاسة لأربع مرات. وأدار «جرودينين» البالغ من العمر 57 عاماً مزرعة كانت تديرها الدولة من قبل على أطراف موسكو وحولها إلى نموذج اقتصادي منتعش يروج له باعتبارها مثالاً للاشتراكية التي يود إعادتها إلى روسيا. واستبعدت لجنة الانتخابات الروسية الشهر الماضي «جرودينين» من قائمة المرشحين مثل «نافالني» البالغ من العمر 41 عاماً الناشط المناهض للفساد، لكن «جرودينين» يخاطب الروس الذين يعتبرهم قد ملوا من الأوضاع الراهنة في روسيا. وسخر «جرودينين» من بعض التجاوزات، ووعد بإعادة مليارات الدولارات في حسابات الصفوة الروسية المودعة بالخارج. ويخاطب جرودينين، كما فعل نافالني من قبل، القوميين الروس ويعارض الرجلان علناً المهاجرين لأسباب اقتصادية من وسط آسيا. وكلاهما عبر عن الاستياء من أن الروس لا يعيشون في رفاهية مثل الغرب. وأعلن «جرودينين» الشهر الماضي في برنامج تلفزيوني سياسي شهير أنه يجب أن يعيش الروس حياة أفضل من الألمان الذين هزمهم الروس في الحرب العالمية الثانية. وخاطب جرودينين الروس الذين يتحسرون على انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991. فقد أشارت استطلاعات رأي أجريت في الآونة الأخيرة إلى أن 58% من الروس يتحسرون على انهيار الاتحاد السوفييتي. ويستطيع جرودينين أن يقدم لهم شيئاً لا يستطيع نافالني ولا بوتين تقديمه. وهذا الشيء هو مزرعة «لينين سوفخوز» التعاونية السوفييتية السابقة. والمزرعة تقدم الفاكهة والخضراوات للأسواق الراقية في موسكو لتوفر منتجات متميزة لمن يريدون دفع أسعار أعلى. وأقر جرودينين أنه يحصل على 350 ألف دولار شهرياً لكن العامل الواحد لديه يحصل على 1370 دولاراً في الشهر، أي أكثر من ضعف متوسط أجر العامل في روسيا، كما يحصل العامل على الرعاية الصحية والتعليم لأطفاله بالإضافة إلى السكن.وذكر تقرير لوكالة «أسوشيتدبرس» الأميركية للأنباء أن بوتين تعهد في كلمة أمام حزب «روسيا الموحدة» الذي رشحه لخوض السباق الرئاسي الشهر الماضي أن يحارب الفساد ويقدم حوافز أكبر للأنشطة الاقتصادية ويعزز الإنفاق لنظامي التعليم والرعاية الصحية اللذين يعانيان بشدة من قلة التمويل، لكن الصحفي الروسي أندريه بيرتسيف كتب يعترض على هذا في تحليل نشره مركز «كارنيجي موسكو» البحثي في الآونة الأخيرة ليقول «تقديم وعود جديدة ينطوي على مخاطر للرئيس لأن السؤال سيكون: ما الذي فعله الرئيس في السنوات الثماني عشرة الماضية؟ جرودينين يملأ الحاجة إلى الوعود بحياة أفضل وبانتقاداته للسلطة حالياً».والتغطية خارج روسيا تركز في الانتخابات الرئاسية على «نافالني» الذي استأثر بخيال الغرب، لكن «نافالني» لا يتزعم أي معارضة موحدة. واستطلاعات الرأي تشير إلى أن قدرته على تنظيم احتجاجات مناهضة للفساد على امتداد البلاد لم تتحول إلى شعبية سياسية، يستفيد منها كمرشح. وظل «نافالني» شخصية بارزة بفضل حملته التي خاضها على مدار عام 2017 في الوقت الذي انتظر المرشحون الآخرون بوتين حتى يعلن ترشيحه في ديسمبر. وقرار مسؤولي الانتخابات الروس بحظر خوض «نافالني» الانتخابات بموجب إدانة جنائية وصفها بأن أسبابها سياسية ودعواته التالية إلى المقاطعة جعلته حاضراً في الأنباء. والجدير بالذكر أن النظام السياسي في ظل إدارة بوتين يتضمن الشيوعيين والقوميين المتشددين والحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي الذي يتزعمه مرشح دائم للرئاسة هو «فلاديمير جيرينوفسكي» كجزء مما يطلق عليه «المعارضة المنهجية». وهذه الأحزاب تقدم فنياً للناخبين بدائل لبوتين وحزب روسيا الموحدة لكن زعمائها نادراً ما حاولوا عرقلة سياسة الكرملين. ولا أتذكر المرة الأخيرة التي سمعت فيها جيرونوفسكي أو زيجانوف وهما يطالبان بتنحي بوتين رغم أنه من المفترض أنهما يشنان حملة ضده. ولذا، فحين ظهر «جرودينين»، فإن الأمر كما لو أنه يريد حقاً أن يحل محل بوتين: والأسئلة تتعلق بمدى إخلاصه والمساحة التي يسمح له بها الكرملين. ويزعم محللون روس أن ترشيح «جرودينين» جزء من مشروع الكرملين لتعزيز المشاركة الانتخابية بتقديم بدائل موالية لبوتين بما في ذلك «جيرونوفسكي» كبديل للقوميين وكـ«سينيا سوبشاك» لليبراليين من أنصار الثقافة الغربية. وذكر المحلل السياسي «يفجيني مينتشينكو» في تدوينة على فيسبوك أن «الحزب الشيوعي مؤيد للحكومة ومندمج في النظام السياسي للدولة ولا أحد يعتبر حملته قراراً مفاجئاً للسلطات».ويرى الصحفي الروسي «أندريه بيرتسيف» أنه في هذا النظام «يحصل المرشح الشيوعي على نسبة تزيد أو تقل قليلاً عن 15%، لكن هذا لن يتحقق إلا إذا اتبع المرشح قواعد النظام». وأضاف أن «جرودينين» قد يحصل على أكثر من الحصة المخصصة له في حالة انتهازه فرصة تمتعه بتأييد الليبراليين باعتباره رجل أعمال ناجحاً وتأييد أنصار الاتحاد السوفييتي باعتباره «مديراً أحمر» وتأييد آخرين باعتباره سياسياً معارضاً. فهل هناك فرصة لتحقق هذا؟ لا أحد يعلم؟ لكن على الأقل هناك سبب إضافي إلى جانب «نافالني» يجعل المرء يهتم بمتابعة حملة الانتخابات الرئاسية الروسية. *رئيس مكتب واشنطن بوست في موسكو. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©