السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روايتان تعمقان جروح أفغانستان

روايتان تعمقان جروح أفغانستان
15 مايو 2008 02:02
خالد حسيني·· اسم فرض نفسه بقوة على عالم الأدب العالمي في الآونة الأخيرة· فالنجاح المنقطع النظير الذي لاقته روايتاه ''عداء الطائرة الورقية'' و''ألف شمس رائعة'' مكّنه من وضع قدميه بثبات على طريق العالمية· فحسيني طبيب أميركي شاب من أصل أفغاني يعيش في ولاية كاليفورنيا إلا أن روحه تسكن وطناً على الجانب الآخر من المحيط· فأفغانستان حاضرة في الروايتين الصادرتين باللغة الإنجليزية، باقية في ملامح شخصياته وخصوصية مصطلحاته، وتعقد المشاهد الروائية بالأحداث السياسية· يأتي نجاح خالد حسيني كروائي ثمرة موهبة متفردة، وتمكن من تقنيات السرد، ومهارة في مخاطبة العقل الغربي بما يجتذبه من قضايا اجتماعية وثقافية عن الشرق الملتهب بالحروب والأطماع والصراعات· نجحت روايته الأولى ''عداء الطائرة الورقية'' لكشفها الأسرار الدفينة للثقافة الأفغانية والغوص في علاقات الصداقة والحب والزواج وما تتخللهما من قسوة وعنف· فكان أن تصدرت روايته قائمة أفضل مبيعات الكتب عام 2003 لعامين متتاليين في الولايات المتحدة الأميركية، كما احتلت قائمة أفضل المبيعات في أربعين دولة أخرى، وطبع منها أربعين مليون نسخة، وترجمت إلى لغات عدة، وتحولت إلى فيلم سينمائي عرض مؤخراً في صالات العرض بالدولة· أما روايته الثانية ''ألف شمس رائعة'' والتي نشرت في مايو عام 2007 فتحتل حالياً مكانة مرموقة في قائمة أفضل مبيعات الكتب في أميركا، وهي التي تؤرخ لمجموعة من الأحداث السياسية المتقلبة في أفغانستان خلال الثلاثين عاماً الماضية من خلال زوجتين لرجل واحد اقترنتا به قسراً· ولقد كان لخلفية خالد الحسيني الثقافية الغنية بالتراث الأفغاني، وفهمه العميق للمجتمع الأميركي أثر هاماً في تمكنه من تحقيق المعادلة الصعبة· وهي الإبحار بلغة الغرب في ثقافة الشرق· مسيرة الإبداع ولد خالد حسيني في العاصمة الأفغانية كابول عام 1965 لأب دبلوماسي يعمل في وزارة الخارجية وأم معلمة للغة الفارسية تعمل في أكبر مدرسة ثانوية في كابول· وكانت سنوات طفولته ثرية بالمعارف غنية بالذكريات لاختلاطه بأصدقاء والديه من الشعراء والأدباء والدبلوماسيين والمحامين والأطباء، إلا أن وفاة والدته- وهو في سن صغيرة- شكلت نقطة أساسية في تكوين شخصيته وتفكيره· فلقد اجتباه والده مذ ذاك بالرعاية وغمره بالحنان وأغدق عليه المال· فكان يقيم له احتفالاً مهيباً كل عام في ذكرى مولده، واعتاد أن يأخذه في جولات سياحية للتعرف على أنحاء أفغانستان التي كانت آنذاك مدينة مزدهرة بالعلم والثقافة تبشر بأن تكون إحدى أرقى عواصم الشرق· وكان والده يحرص على غرس القيم النبيلة بداخله وتعليمه حسن التعبير عن مشاعره وأحاسيسه مما مكنه بأن يكون قاصاً متمكناً تفيض رواياته بالصدق والإبداع وجمال الصور وتماسك البناء· لكن عقب اجتياح الجيش الروسي للأراضي الأفغانية عام ،1980 تغير كل شيء وخيم الموت والفقر والدمار على المدن الأفغانية، فتقدمت أسرة خالد حسيني بطلب للجوء السياسي للولايات المتحدة الأميركية· واستقر بها الحال في سبتمبر من العام ذاته في سان خوسيه بولاية كاليفورنيا حيث أكمل خالد تعليمه والتحق بكلية الطب· وطوال سنوات الاستقرار الأولى في المهجر كان خالد يعين والده على استقبال الأفغان الفارين من لهيب المعارك وترتيب أمورهم المعيشية· عداء الطائرة الورقية بدأ خالد حسيني كتابة أولى رواياته ''عداء الطائرة الورقية'' في مارس ،2001 والتي يوحي عنوانها بحنينه للعبة مطاردة الطائرات الورقية الملونة والتي يمارسها الأطفال في كابول في بداية فصل الشتاء، إلا أن خالد حسيني يرمز بهشاشة الطائرة الورقية إلى علاقة الصداقة الهشة التي تجمع بين الطفلين أمير وحسن اللذين كانا يطيران معاً الطائرة الورقية وهما صبيان رغم الفوارق الطبقية والمذهبية بينهما· وهي رواية تتناول في ظاهرها محاور الصداقة والخيانة والإحساس بالذنب لصبيين يترعرعان معاً في مدينة كابول في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، لكن في باطنها تفجر عشرات القضايا التي يناقشها خالد حسيني في الرواية وكأنه يريد أن يطرح كل ما في جعبته مرة واحدة· فمن السرد التاريخي إلى الغوص في علاقة الشرق بالغرب إلى تصادم الثقافات وأزمة الاغتراب والحنين للأوطان والعلاقات الإنسانية الشائكة ومفاهيم الصداقة والوفاء والخيانة والانقسامات الطبقية والمذهبية والتطرف والأصولية، إلا أن علاقة أمير بحسن تبقى هي القاسم المشترك والحبكة الرئيسية التي تربط كل هذه القضايا ببعضها البعض· فالراوي الشاب الثري أمير ينتمي إلى عائلة من الإقطاعيين، ووالده ذو شأن اجتماعي رفيع، بينما حسن هو يتيم الأم ووالده يعمل خادماً للعائلة· وفي الوقت الذي ينتمي فيه أمير إلى قبيلة البشتون السنية ينتمي حسن إلى قبيلة الهزارة الشيعية، وبينما يتناول أمير فطوره كل صباح من إعداد حسن ثم يمتطي الفرس إلى المدرسة يبقى صديقه حسن بلا تعليم لينظف البيت· ورغم كل هذه الفروق لا يحمل حسن ضغينة لأمير، ولا يشعر أمير برغبة في إذلال حسن· بل يعامله بكل لطف واحترام ويحرص على الدفاع عنه عندما يسخر منه المتعجرفون من أولاد الجيران· وذات يوم وأثناء اشتراكهما في مباراة للطائرات الورقية تصدى لحسن مجموعة من الشباب الأغنياء لتأديبه وفشل أمير في حماية صديقه· وظل تأنيب الضمير يطارده بقية حياته· وتتأثر حياة الصبيين بالظروف السياسية للبلد وتتعقد علاقتهما ويتشابك مصيرهما· وتخضع هذه الصداقة إلى الاختبار حينما تعم الحرب الأهلية البلاد فيهرب أمير مع والده وأسرته من البلاد بحثاً عن حياة جديدة في أمركا، مخلفاً وراءه صديقه حسن دون أن يتمكن من ترك ذكريات الطفولة وراءه· ومن خلال شخصية أمير يستعرض خالد حسيني أحوال الأفغان في المهجر، وكيف أجبرت الحرب الأطباء والمحامين والأساتذة والمثقفين على بيع بضائع مزجاة على أرصفة الشوارع في الولايات المتحدة· وأنهم رغم الفقر والغربة والعوز تمكنوا من الحفاظ على مبادئهم الأصيلة من الشرف والعزة والفخار· وأعانته على ذلك تجربته الشخصية عندما كان يعين والده على استقبال المهاجرين الأفغان إلى الولايات المتحدة وترتيب أحوالهم المعيشية· ثم تتطور الأحداث بأمير حتى تستقر أحواله في الغربة وتهدأ، إلا أن قلقه على صديق طفولته حسن لا يقر ولا يهدأ· فيقرر العودة إلى أفغانستان في ظل حكم طالبان لإنقاذ حسن وعائلته· ويتمكن من التكفير عن خطيئة الطفولة· وهناك يستعرض خالد حسيني ما حل ببلده من خلل اجتماعي في ظل حكم طالبان، كما يعرض صوراً مزعجة للمجتمع يصدم بها القارئ من فرط مرارة الحياة وقسوة العيش وظلم الحرب، كما يحاول تقديم صورة عن التشدد الديني ودوره في إطفاء جذوة العلم والتقدم وإشعال نيران الفتن بين أطياف المجتمع· ألف شمس رائعة أما الرواية الثانية لخالد الحسيني فصدرت في مايو 2007 عن دار ''ريفرهيد بوكس'' للنشر أي بعد أربعة أعوام من صدور روايته الأولى، وهي -كما وصفها النقاد- كتبت برؤية أكثر عمقاً وأرقى لغة من سابقتها· فلقد كان تحدياً عظيماً للطبيب خالد حسيني أن يأتي براوية ثانية ناجحة يثبت من خلالها قدراته الأدبية ويبرهن أن الكتابة بالنسبة له ليست هواية لطيفة بل موهبة أصيلة· وربما كان قرار خالد حسيني في السفر لزيارة أفغانستان لأول مرة عام 2003 قبل الشروع في كتابة الرواية هو بهدف تجديد ذاكرته عن وطنه وتأمل حال البلاد عقب الإطاحة بنظام طالبان، وهو مما لاشك فيه ساهم في إضفاء مزيد من الشفافية والواقعية على أحداث وشخصيات الرواية· وكان خالد حسيني قد استمد عنوان روايته ''ألف شمس رائعة'' من قصيدة نظمها الشاعر الفارسي صائب التبريزي في القرن السابع عشر الميلادي بعد زيارته لمدينة كابول، وذلك بعد رحلة بحث قام بها خالد حسيني عن أبيات شعر فارسية تعبر عن الحزن العميق لرحيل شخصيات الرواية عن مدينتهم الحبيبة، فقاده بحثه إلى العنوان الملهم في البيت قبل الأخير من القصيدة· وتحكي الرواية قصة امرأتين من جيلين متعاقبين وخلفيتين مختلفتين، إلا أن القدر كتب لهما أن تعيشا معاً تحت سقف بيت واحد وتحت ظل رجل واحد، فمريم وليلى هما زوجتان لنفس الرجل اقترنتا به قسراً· مريم الفتاة غير الشرعية- التي انتحرت والدتها ورفض والدها استقبالها في منزله والعيش وسط أخواتها- أرغمت على الزواج وهي في سن الخامسة عشرة من صانع أحذية أرمل يكبرها بثلاثين عاماً لإجبارها على العيش بعيداً عن العائلة· أما الزوجة الثانية فهي ليلى الشابة التي لم تكمل العشرين من عمرها والتي راح والداها ضحية قصف منزلهما، واستشهد أخواها في معارك ضد السوفييت، فقبلت الزواج من الرجل الستيني حتى يتسنى لها البحث عن حبيبها الذي تحمل طفلته في أحشائها· ورغم الشكوك التي حملتها كل منهما تجاه الأخرى في البداية، إلا أن الآمال والأحلام وخيبة الأمل ربطتهما في صداقة عميقة، فقررتا العيش معاً والتعاون من أجل البقاء على قيد الحياة والبحث عن السعادة· ومن خلال أحداث الرواية التي تؤرخ لثلاثة عقود من التاريخ الأفغاني، حرص خالد حسيني على نقل القارئ إلى أجواء المكان وربطه بخصوصية الشعب الأفغاني وحياته اليومية، ووازن في سرده بين الحياة الخاصة لشخصيات الرواية والواقع الخارجي الذي يرغمهم على المضي نحو قدرهم، هذا بالإضافة إلى حرص حسيني على إضفاء الحميمية على المكان من خلال وصف طبيعة أفغانستان الجميلة وشكل الثياب وملامح الوجوه الودودة، كما ربط القارئ بالحياة الشعبية لأفغانستان من خلال استخدام الأسماء الفارسية والبشتونية لأنواع الطعام وطقوس شرب الشاي الأخضر مع حب الهيل ساعات العصر والكثير من العادات والتقاليد· مدارات فلسفية تتذكر الفيلسوف المغربي الراحل محمد عزيز الحبابي أسئلة الأصل من الفلسفة إلى الفنون محمد نجيم الرباط- أصدرت الجمعية الفلسفية المغربية عددها الجديد من المجلة الفصلية الرصينة ''مدارات فلسفية'' والتي يديرها المفكر والفيلسوف المغربي الدكتور محمد سبيلا· جاء العدد الجديد من هذه المجلة محملاً بعدد هائل من الأبحاث والدراسات التي تصب كلها في الشأن الفلسفي العربي والعالمي· مواد العدد افتتحها المفكر الموريتاني السيد ولد أباه ببحثه القيم ''التأويل والتنوير: نصر حامد أبو زيد''، كما نقرأ في باب مقالات: ''الخلاف والاختلاف أو الفصل بين الواحد والمتعدد'' سعيد بنكراد، ويكتب إدريس هداري بحثه: ''البراديم والسلطة'' مسلطاً الضوء على كتاب المفكر المغربي سالم يفوت: ''سلطة المعرفة''، وهو الكتاب الذي رصد فيه الدكتور يفوت سلطة المعرفة في العلم لدى باشلار وكلود ليفي شتراوس وميشيل فوكو وبيير بورديو· العلوم والتقنية كما نقرأ في العدد للدكتور سبيلا بحثه المعنون: ''الثورات العلمية والتقنية الكبرى وتخومها الفلسفية والأخلاقية''، وفي باب مقالات نقرأ: ''هايدغر وسؤال الحقيقة'' لمحمد الأشهب، ''تجليات العلاقة بين ما هو كوني وما هو خصوصي: تأويلات هايدغر وهابرماس وديريدا لكانط'' لعز الدين الخطابي، وعنون المفكر المغربي إدريس كثير بحثه المنشور في العدد بـ''لا شيء'' معتبراً ''الشيء'' من الكلمات الفارغة والتي تدل على كل شيء وعلى لا شيء في آن واحد· كما يأخذنا محمد بهاوي عبر بحثه القيم ''موضوعة الأصل من نيتشه إلى فوكو'' لنتعرف من خلال بحثه على أن هناك ميزة خاصة تطبع الفكر الفلسفي الحديث والمعاصر، ألا وهي البحث في موضوعة ''الأصل''· فإلى جانب الاقتراب الحاصل في إنتاجات المعاصرين، على اعتبار أن الدراسات المؤلفة في الموضوع قد تتابعت في فترة زمنية قصيرة، ففي 1936 صدر مؤلف ''هسرل'' ''أصل الهندسة''، وفي السنة نفسها (1936-1935) صدرت مقالة ''هايدغر'' ''أصل العمل الفني''، وبعد ذلك تحول الاهتمام- بفعل الترجمة- إلى الفكر الفلسفي الفرنسي· وكان أول عمل صدر في الموضوع ذاته هو ''مقدمة لأصل الهندسة'' لدريدا سنة ،1962 ثم مقالة ''فوكو'' ''نيتشه الجينالوجيا والتاريخ'' سنة ،1971 إلى جانب هذا التقارب -كما يرى الباحث- هناك هدف واحد ميز هذا التقليد مفاده أن البحث في ''الأصل'' يسعى إلى خلق ممارسة جديدة تعنى بالبحث في مشكل ''الأصل'' خارج ما توورث داخل الميتافيزيقا، وذلك بغية الإجابة على سؤال: لماذا تظهر فكرة في مقابل تخفي أخرى؟ إختيار نيتشه وفوكو كمادة بحث يستند إلى التبريرين الآتيين: أولاً: الامتداد النتشوي الذي نجده حاضراً في الفكر الفلسفي المعاصر عامة، وفي موضوع ''الأصل'' على وجه الخصوص، ثم الاهتمام الكبير الذي أولاه ''فوكو'' لأعمال ''نيتشه'' بخصوص الموضوعة ذاتها، إلى درجة يتحدث فيها الدارسون على أن مقالة ''فوكو'' ''نيتشه، الجينالوجيا والتاريخ'' تكاد تكون مقدمة لكتاب نيتشه ''جينالوجيا الأخلاق''· على أن اهتمام فوكو بنيتشه لا يلغي كذلك تأثره الشديد بما أفرزته أعمال ''هسرل'' و''هايدغر'' و''ديريدا'' وغيرهم··· فكيف إذن يعالج نيتشه وفوكو ''موضوعة الأصل''؟ وهل الأصل واحد أم متعدد؟ ثم كيف يتحدد الشيء على أنه أصل؟ في الفلسفة هو بهذه الأسئلة يسعى إلى مقاربة تحديد كل من نيتشه وفوكو لموضوعة الأصل التي يعتبرها الباحث: موضوعة الفلسفة بامتياز والذي لا يزال بفكرنا العربي والإسلامي -حسب الباحث محمد بهاوي- لم يعمل على إجرائها ومن ثمة جعلها موضوعة تحظى بما حظيت به في الفكر الفلسفي الحديث والمعاصر· وفي بحثه المعنون بـ''محمد عزيز الحبابي والشخصانية'' يتساءل الباحث عبدالعالي معزوز: ''ماذا تمثل الفلسفة الشخصانية لمحمد عزيز الحبابي (1922-1993) في إطار الفكر العربي المعاصر، علماً بأن هذا التيار الفسلفي نشأ من امتزاج نزعة مسيحية رافضة لاختزال الفرد الحديث إلى مجرد قوانين آلية تفرغه من بعده الروحي وتمسخه إلى إمتعة داخل انساق شمولية، ونزعة فلسفية وجودية تنتصر للحرية، ونزعة إنسانية موروثة عن عصر الأنوار، كل هذه الاعتبارات تفضي بنا إلى السؤال المشروع حول ما إذا كانت هذه الفلسفة طبعة عربية لشخصانية إيمانويل مونييه ومن ثم لا تمثل سوى اقتباساً وشكلاً مكرراً وفكراً هجيناً أم أنها إبداع أصيل لفكر محلي تواق إلى العالمية''، ويرى معزوز ''أن هناك من يدرج شخصانية الحبابي ضمن الاغتراب الفكري ويعتبرها نسخة باهتة وصدى خافتاً للشخصانية الفرنسية، ويحكم عليها بالانتقائية والهامشية لكونها اقتباساً معرباً لهذه الفلسفة· إن مجاراة هذا الحكم هو نوع من الاستسهال الذي لا يستقيم مع الحد الأدنى المطلوب في مقالة تزعم لنفسها قدراً من الموضوعية، وسيبدو الأمر كما لو كان محاكمة غير عادلة تحرم صاحبها من أبسط حقوق الدفاع''· الابتكار والتجديد إن المتأمل لفلسفة الحبابي -برأي معزوز- لا يجد بداً من الاعتراف لها بالابتكار الفكري والتجديد الفلسفي خاصة إذا ما نظر إليها بوصفها عاكسة لهموم مفكر تواق لا إلى الحرية بل إلى التحرر، ولا إلى الكينونة بل إلى التشخصن، وهو بذلك واع تمام الوعي بالمسافة التي تفصله عن أقرانه من الفلاسفة الغربيين الذين ينتمون إلى ذات المشرب الفكري، كما يرى معزوز أن فلسفة الحبابي محاولة لفهم الذات بالمعنى الظاهراتي وتمثل مجهوداً فكرياً هيرمينوتيقيا لتأويل دلالاتها التاريخية وبحثاً مضنياً لاستنطاق مخبوئها ومكنونها وسعياً لايني للتشخصن ومن ثم للتحرر· هو ذا الإنسان الذي يبحث عن معنى الكائن لا في كينونته بل في تاريخيته المتعينة، لا في حريته الميتافيزيقية بل في تحرره التاريخي· تركي علي الربيعو في الأرض اليباب محاكمة فكرية تنتظر المحكمة والشهود غادة علي كلش ''الأرض اليباب محاكمة الفكر الاسطوري العربي'' كتاب جديد للباحث تركي علي الربيعو، صدر حديثاً عن ''شركة رياض الريس للكتب والنشر''، وحمل في دلالة عنوانه أكثر من مؤشر نقدي وتقييمي، بحيث يمكننا الوقوف أولاً على العنوان، ومن ثم الولوج في متن هذا البحث المعمق والمضطرد في الوقت عينه، خصوصا وأن العنوان يضع القارئ في سياق أولي أمام محصلة لدراسة تأريخية استقرائية تفكيكية، مؤداها أن أرض الفكر العربي الكامنة تحت سماء الاسطورة ليس فيها عمران فني شامخ، وهي أشبه باليباب، وانطلاقاً من محورية هذا الحكم، يندفع تركي الى محاكمة لأصحاب الارض اليباب من خلال العقل، الموروث، التاريخ، الرؤيا، الحديث، والاسطورة· وبقطع النظر عن المنظور العقائدي لبعضنا الذي لا يجاري تركي في مذاهبه التي ذهب اليها في هذه الدراسة، فإن الاضاءة عليها أمر ملح في ديارنا العربية، نظراً الى حاجة المفكرين والباحثين والمؤرخين وطلاب العلم الى ما يحرك دوائر واسعة في النهر الراكد· العقل أولاً عند هذا المقام، يحرك الربيعو آليات البحث بادء ذي بدء، عن موقع الاسطورة التي هي القصة أو الحكاية التي تمتزج فيها مبتكرات الخيال مع التقاليد الشعبية، وعن مضمونها في خطابنا النهضوي المعاصر أنه بحث عن موقع العقل في هذا الخطاب تغدو الغاية منه، الحكم على طبيعة العقل العربي المعاصر، وموقع الاسطورة في ثنايا هذا العقل· وقد أعلن الباحث حكمه في متن المقدمة معتبراً أن الخطاب العربي النهضوي العقلاني في رؤيته للأسطورة، يستقي مرجعيته، في أغلب الحالات، من رؤى سلفية وايديولوجية عفا عليها الزمن، وتجاوزتها الآفاق الجديدة للثورة الحديثة في مجال العلوم الانسانية· تيار ما بعد الحداثة الى ذلك، يتناول الباحث جدلية العلاقة بين المعقول واللامعقول، والتي لا تزال تقض مضجع الخطاب النهضوي، بين حدين اثنين هما من نتاج العقل، الاول، أي المعقول، يحظى بحكم قيمة إيجابي عند أغلب مفكرينا المعاصرين· فيما يحظى الثاني بحكم قيمة سلبي، حين يغدو ساحة لكل ما هو غرائبي وعجائبي ومدهش وأسطوري وخرافي· ساحة، يقول الربيعو، إنها تضم كل ما هو منفي ومطرود ومتجاهل من حقل ما اصطلح عليه بـ ''اللامفكر فيه'' والذي يردنا في أغلبه من حقل الثقافة ''العالمية''، وليس حصراً من الثقافة الشعبية·· واذ يسعى الباحث الى التعرف من خلال فصول الكتاب، الى طبيعة العقل العربي المعاصر فإنه يكشف مزاعم هذا العقل في التقدم والنهضة، عبر اظهاره كيف يفكر، وفي أين ينطلق، وكيف يمارس هروبه الى الأمام عندما يقف في مواجهة مع اللامعقول، خصوصا انه لا يملك الوسيلة والمنهج في دراسته للامعقول· ومن ثم كيف يبني صروحه الايديولوجية بعقلانوية هي ليست من العقل في شيء· محاولة جديدة نحن اذاً، امام محاولة من قبل تركي علي الربيعو لنقد العقل العربي وهي محاولة مختلفة، كما يقول الربيعو نفسه، عن محاولات أخرى في هذا المجال، منها مشروع محمد عابد الجابري، وكذلك مشروع عبد الله العروي· وتندرج خانة الاختلاف في الحيز الواضح والمحدد الذي يتناوله الكتاب، وهو حيز خطابات النخبة المثقفة التي جعلت من الاسطورة فهما ودراسة، وسيلة للحكم على العقل العربي، منذ بداياته وحتى اللحظة المعاصرة· بحيث شهدت وسائل الحكم تناقضات كثيرة تسببت بتهافت هذه الخطابات لضعفها وسذاجتها، على حد تعبير الباحث· لقد أظهرت فصول الكتاب في صيغة مرحلية، الافكار والابحاث التي ذهب اليها باحثون لبنانيون وغير لبنانيين، فأفرد الربيعو مساحات جيدة لمناقشة افكار هؤلاء الباحثين الذين كتبوا وبحثوا في متون النصوص الاسطورية، وفي موقع الاسطورة في الفكر العربي بشكل خاص· وهو في هذا المقام اعتمد المقارنة منهاجاً، وسعى الى استخلاص البنيوي، والثابت في خطابنا المعاصر· ميثولوجيا تاريخية يقول الربيعو: ''أود أن ألفت الانظار الى حقيقة هامة، تتمثل في تلك الصلة التي نوهنا اليها، الصلة العضوية الوثيقة بين الاركيولوجيا والميثولوجيا· ففي أحيان كثيرة، نجد العلاقة القوية بين الاركيولوجي وبين محقق النصوص الاسطورية الكبرى، وفي أحيان كثيرة نعثر عليهما في صورة رجل واحد كوجهين لحقيقة واحدة· هذه هي على الاقل مسيرة بعض الاعلام في هذا المجال، وهذه العلاقة سوف تختزل لاحقاً، وتصبح غير ضرورية بالنسبة الى محلل الاساطير ودارسها''· ويقول في فقرة أخرى ''الباحث في كتب التاريخ العربي الاسلامي، كثيرا ما يعثر على تلك الصلة الوثيقة بين المؤرخ والباحث في الميثولوجيات والامثلة كثيرة لا تحصى، وحسبنا المسعودي في ''مروج الذهب''، والطبري المؤرخ الشهير صاحب ''تاريخ الأمم والملوك''· ويضيف أيضا في فقرة أخرى من الصفحة ذاتها أن الظاهرة الميثولوجية بكل زخمها وفاعليتها، هي ظاهرة داخل التاريخ لا خارجه، وتشكل من وجهة نظرنا أساس الاجتماع البشري، لأن الاجتماع البشري يتأسس في الوهمي والاسطوري، وهذا ما يدفعنا الى التساؤل عن سر الجفاء بين المؤرخ المعاصر، وحقل الدراسات الاسطورية· الكتاب يفتح في محاوره الباب على المناقشة والتفنيد وردود الفعل من قبل المختصين في هذا الحقل الفكري المهم، وهو قابل للحكم على ما جاء فيه من طرحها يكاد ان يكون متفجرا· ويبدو أن هذا النوع من الدراسات المثيرة للاهتمام والجدل، يبقى محركا رئيسيا لكل أنماط الكتابة الفكرية والتأريخية والفلسفية في آن معا· وضعه مؤلف فرنسي منذ قرن شاعران ووزيران وراء كتاب الموجز المعرب حلمي النمنم ليس هذا الكتاب مجرد عمل قديم تعاد طباعته، ولكنه أقرب إلى وثيقة أدبية وتعليمية، فقد أصدرت دار الكتب والوثائق القومية المصرية طبعة جديدة من كتاب ''الموجز في علم الاقتصاد'' وضعه الفرنسي ''بول لروابوليو''، وقام بتعريبه كل من الشاعرين حافظ ابراهيم وخليل مطران، والأول هو شاعر النيل، والثاني شاعر القطرين، وصدرت طبعته الأولى عام 1913 في أربعة أجزاء، وترجمة الكتاب لم تكن فكرة أيِّ من الشاعرين، ولكن كلفهما بهذه المهمة أحمد حشمت باشا وزير المعارف العمومية المصرية، وحشمت باشا أحد الذين درسوا في باريس وتخصص في القانون والاقتصاد، وعندما عاد إلى مصر تولى عدة مناصب مهمة من بينها محافظ لعدة محافظات، ثم صار وزيراً للأوقاف وبعدها وزيراً للخارجية ثم التربية والتعليم، وكان من أصدقاء الأستاذ الإمام محمد عبده وسعد زغلول، وكان آخر منصب شغله هو نائب رئيس لجنة وضع دستور مصر عام ·1923 غاية تعليمية قرأ حشمت باشا كتاب الموجز في باريس، وحين صار وزيراً للمعارف، أراد أن يكون الكتاب مقرراً على تلاميذ المدارس، ولا يوجد كتاب واحد في الاقتصاد يدرسه تلاميذ المدارس الآن، كان يريد أن يكون الاقتصاد علماً يدرس وقواعد منطقية يستوعبها التلاميذ، وأن يظهر الكتاب بالعربية في أسلوب أدبي سلس جذاب، لا ينفر التلاميذ، وهكذا وقع اختياره على الشاعرين الكبيرين لترجمة الكتاب، وكان كل منهما يجيد الفرنسية، وسبق له أن ترجم عنها، وكل منهما شاعراً كبيراً يجيد اختيار الكلمات العربية العميقة والسهلة في آن واحد، والكتاب يقع في 770 صفحة من القطع الكبيرة، وقدم للطبعة الجديدة استاذ الاقتصاد د· محمود محيي الدين، وزير الاستثمار المصري الآن· وافتتح المترجمان الكتاب بمقطوعة شعرية، تحمل توقيعهما معاً ''المعربان'' ونادراً ما نجد مقطوعة شعرية بقلم شاعرين معاً، وهي مهداة إلى حشمت باشا وزير المعارف المصرية، ويطلقان عليه ''العامل العالم''· اعتراض المترجمين قدم المعربان للترجمة، بمقدمة مهمة، توضح خطة العمل وموقفهما من الكتاب، فهما يعترضان على العنوان، الذي يسميه المؤلف الموجز ويقولان: ''دعا كتابه هذا بالموجز'' وما نراه اختصر هذا العلم وحشر فيه المعاني حشراً· وتأخذ المقدمة على المؤلف التطويل والتكرار في عدد من الحالات ''هو إذا ذكر اصطلاحاً مَّا، وعرفه مرة، أعاد ذلك التعريف بتعداد ما يجري ذكره في الكتاب، غير أن هذا الإسهاب يقع في تلك الجزئيات ولا يعدوها''· ويدرك حافظ ومطران أن الترجمة مهمة للغة العربية ذاتها، ويرفضان موقف أولئك الذين يصرون على الوقوف باللغة عند حد الموروث في الكلمات والمصطلحات ويقولان: ''لا يهولنك قول أولئك المتزمتين الذين وقفوا باللغة عند حد النقل، فتماشت لغات العالم مع المدنية والعمران ووقفت لغتنا وحدها عند ذلك الحد، تنظر إلى أخواتها وقد سبقنها وقصرت نظر الشرقي الى الغربي··''· ويعترف المعربان بأنهما واجها مشكلة في نقل بعض المصطلحات الاقتصادية، وقد كان متوقعاً بالنسبة لهما، ذلك أن ''العلم الاقتصادي غريب عنا، حديث بيننا والاصطلاحات التي خلقناها خلقاً، بعد أن عانينا ما شاء الله من المشقة، لم تسعدنا بأكثر مما اسعدت أمثالها عن تقدم من المعربين بدليل التقاطع الذي تجده في الديباجة العربية، بين الأساليب العلمية، والأساليب الأدبية''· وتحدد المقدمة طريقة اختيار أو سك بعض المصطلحات الجديدة في عملية التعريب، ''كنا كلما عرض لنا في طريق التعريب شيء من الأشياء التي لم تجد لها عندنا نصيباً من الأسماء، رحبنا به واستوقفنا من الكلمات ما يسكن إليه، فإذا ضاق اللفظ القديم بما عسى أن يتعدد من معاني الشيء الجديد، احتلنا له احتيال أسلافنا، وقد رأوا أن يضعوا للغة قواعد تعصم النطق وتقيم اللسان فسموا ذلك العلم نحواً، وقلنا ما بالنا نتابعهم متابعة الأرقاء في النقل، ولا نجاريهم مجارات الأكفاء في الاصطلاح، وإننا إليه في عهدنا لأحوج، وإنا به لأولى''· وهما يدركان أهمية المصطلح وقيمته بالنسبة للغة وللعلم ''·· ما من كلمة تنبت ولا من لفظة تذوي إلا وللاصطلاح يد في حظها من الموت أو الحياة''· الأمانة والدقة يعلن حافظ ومطران أنهما التزما الأمانة في الترجمة والدقة في التعامل مع النص الأصلي: ''إنما الناقل أمين المنقول عنه، فرض عين، وكذلك المترجم، هذا هو الذي أخذنا أنفسنا به وعليه قدّرنا''· ويضيفان ''إن المؤلف لو كان واحداً منا وعنَّ له أن يضع كتابه في لغتنا كما وضعه في لغته حرفاً بحرف، أفكان هذا اللسان السمح يبخل عليه من المادة بما يحقق أبعد آماله ويفي بأدق أغراضه؟ اللهم لا، فإن لم يكن هذا البخل، فلا تبجح منا ولا تمدح بقولنا إننا عربناه كما أنشأه منشئه، طبع المثال على الغرار''· ولا يعني هذا منهما ادعاء الكمال، ولكنهما بذلا الجهد ويدركان أن الكمال لله وحده: ''جئنا في تعريبنا هذا بما وسع الجهد وإن كان ضعيفاً، ويسر العلم وإن كان طفيفاً، ولسنا نقول إنا أتينا بجماع الحكمة، ولا نحن ممن يدعي العصمة، لكنها خطوة خطوناها، على قدر وأمنية تركنا بقية تحقيقها لمن تولاها بعدنا وقدر''· وقد زود المعربان الكتاب بعدد ضخم من المصطلحات المترجمة وشرح واف لكل مصطلح، ويمكن القول إن تلك المصطلحات كانت نواة لقاموس اقتصادي عربي· دروس الكتاب من يقرأ الكتاب يتصورْ للوهلة الأولى أن الكتاب وضع أصلاً باللغة العربية، اقرأ قول المؤلف -صفحة 35 من الجزء الأول- ''إن الملكية والحرية هما أساس الحق العام والحق الإنساني، كما هما أساس الحق الخاص''· وكذلك قوله عن المعاهدات التجارية إنها ''اصطلاح فيه منافع للناس، لكنه قد جهل في هذه الأيام''· وفي مجال التحريض على الادخار يقول: ''يظن السواد الأعظم ممن لم يثقفهم العلم، أن الذي يدخر يحرم جمهور أهل العمل الانتفاع بما له، وأن الذي يسرف فينتقص ما يمكله أو يبدده جميعاً، يزيد أسباب العمل للصناع ويروج التجارة فكان من هذا الزعم إطراء الأكثرين للسفيه ورضاهم عنه، كما كان من إنحائهم باللائمة على المدخر وخصوصاً المقتر، غير أن هذا التصور الشائع واقع على عكس الحقيقة''· ويرى د· محمود محيي الدين أن دارس الاقتصاد حالياً، حينما يطالع هذا الكتاب القديم، سوف يكتشف أن ما يدرسه اليوم هو ''أفكار قديمة في أوعية جديدة''، فما كان يشغل علماء الاقتصاد هو ما يشغلهم اليوم، ولكن بأساليب تحليل جديدة والاستعانة بمستجدات من علوم أخرى تعين على الفهم والتحليل والاستقراء· عناوين ومضامين تنوع الرؤى في مجلة الدوحة صدر العدد الجديد من مجلة ''الدوحة'' عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث في قطر، وفيه إفتتاحية لمدير التحرير عماد العبدلله بعنوان ''عصر الجماهير الغفيرة''، إستعاد خلالها بعض ما ورد في كتاب يحمل العنوان نفسه للكاتب المصري جلال أمين، مجريا مقارنة بين الماضي والحاضر بالاعتماد على التطور التقني القائم، وما يعكسه من دخول في زمن الاستهلاك من بابه الواسع· في العدد أيضا مقالة لحسن حنفي بعنوان ''أشباح الوهم''، تبحث في التفكير المتبادل بين الإسلام والغرب، وأخرى لنرمين الحوطي عن ''الثالوث الخالد''، وهي بحث في البعد الاجتماعي لمسرح الأفكار، كما كتب جورج طراد عن''الماضي الذي لايعود''، مقاربا مسألة الحداثة وتحدياتها، وتحت عنوان ''إخوان وخلان'' تناول الباحث المغربي عبد العزيز بومسهولي قضية الفضاء المشترك لتدبير التفكير وفن العيش، كما أجرى صبحي البستاني قراءة في النتاج الروائي للكاتبة هدى بركات بمقال عنونه ''كاتبة وبطل''، وبحثا عن مفهوم يعزز الإنتقال الى الديمقراطية في البلاد العربية تضمنت المجلة مقالا للباحث القطري علي خليفة الكواري· ''على المرأة أن تقول لا'' كان عنوان حوار أجرته الكاتبة الأردنية عزيزة علي مع الروائية الجزائرية فضيلة الفاروق، قبل أن يفرد العدد مساحة للنصوص الابداعية كان أبرزها للروائي المصري بهاء طاهر ''لم أعرف أن الطواويس تطير''، و''العودة الى البيت'' لمحمد علي شمس الدين، و''الهروب الى البستان'' لوليد إخلاصي· في باب شخصية العدد كتبت فاطمة شرف الدين عن الروائي السوداني الطيب صالح تحت مسمى الهرم الأسمر، وتضمنت فقرة كتاب الشهر قراءة في كتاب ''تواطؤ الأضداد'' للمفكر اللبناني علي حرب، أجراها بيار شلهوب· في حين امتلأت رفوف المكتبة في المجلة بمتابعات لأعمال عبد الرحمن الكواكبي الكاملة، وكتاب الباحث الايراني سيبهر زابح عن جذور الثورة الاسلامية في إيران، و''بنات إيران لناهيد رشلان، و''دراسة في روايات نجيب محفوظ الذهنية'' لمصطفى التواتي· سأحاولك مرة أخرى مجموعة شعرية للفلسطينية ريتا أبو عودة صَدرتْ مؤخرًا مجموعةٌ شعريةٌ جديدةٌ للشّاعرةِ والقاصّةِ الفلسطينيّة ريتا عودة بعُنوان: ''سَأُحاولكِ مرّةً أُخرى'' عن بيتِ الشّعر الفلسطينيّ في رام الله· جاءت المجموعةُ في 108 صفحاتٍ من القطعِ المتوّسطِ الجديدِ، وأَهدتها الشاعرة ''إلى اللّغةِ التي كلّما حاولتُها باغَتتني باحتمَالاتِها''، وتَميّزت بوجودِ 14نصًّا تحتَ عنوان ''ومضات''، إضافةً للنّصوصِ الأخرى· في إستهلال للديوان كتبه الشّاعر محمّد حلمي الرّيشة، رافضا اعتباره تقديمًا أو عتبةً، نقرأ تحتَ عنوان: ''قبلَ إرتكابِ الشّهدِ بقليلٍ'': ''علمني السيّد الشعر حين اذهب اليه قارئا، أن أكون قد تركت قبل الوصول الى عتبته الأولى، كلّ ما أستطيع من موروثاتي الثقافية، أَيًّا كانت في محتوياتها الرؤيوية أَوِ الاستشرافية، باعتباري مقبلا نحو براءة شعرية جديدة، وأن أكون قد أخفيت ذاكرتي تحت رداء حريري أبيض في ما يشبه المحو، وذلك لأن أقسى قراءة للشعر هِيَ القراءة التي تمرر النص بَيْنَ حواف أسنان الفكر المتجلط، أو القوالب الصامتة في ما يشبه الزور، لهذا أجدني، كما علمني صاحب الحدوس والإستشراف والرؤى مَأْخُوذًا بحنان أنثوي نحوه، أقرأه من خارجه ومن باطنه في آن، ببطء سلحفاة نشيطة، لا بسرعة أرنب يريد أن يدرك الفهم كغاية إبتدائية نهائية بِقَفَزَاتٍ (سِيرْكِيَّةٍ)، ودون أن يدرك، قبل أية غاية، تلك الطاقة المذهلة الساحرة التي ترفعه من إبطيه، لتحّلق به في فضاءات تحرّك كيمياء المخيّلة نحو إستعادة حالة النشوء/ النشوة الأولى لدى شاعره· من هذا رأيت وأرى، أن الشعر يكون شعرا، إن نبت واينع فأتى أُكله في حديقة حواس الشاعر كلّها، المرئية وغير المرئية، ودخلها قارئه مضاءً بحواسه نفسها، أيضا''· يُذكرُ أنّه كانَ صدرَ للشّاعرةِ والكاتبةِ: ثورةٌ على الصّمتِ (1994)· مَرايا الوهمِ (1998)· يوميّاتُ غجريّةٍ عاشقةٍ (2001)· ومَنْ لا يعرفُ ريتا (2003)· قبلَ الاختناقِ بدمعةٍ (2004)· وكذلكَ لها إصداراتٌ إلكترونيّة: طُوبى للغرباءِ/ رواية· بنفسجُ الغربةِ/ رواية· أبعدُ مِن أنْ تطالَني يدٌ/ مجموعةٌ قصصيّةٌ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©