الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

أحلام مسروقة

15 ابريل 2010 23:23
هل سبق لك أن دفعت ضريبة للحلم؟!.. وهل رفرفت يوماً مع الأحلام، كما رفرف العباس ابن فرناس طائراً بجناحين من قمة عالية فدفع “مؤخرته المكسورة” ثمناً لارتطام الحلم بصخور الواقع! إذن عليك أن تحتاط إذا كنت ممن تراودهم أحلام المونديال.. وتخيل أنك احتسيت فنجاناً من القهوة وتجولت في شوارع جوهانسبرج وسحبت بعض الدولارات من ماكينة الصراف الآلي واستمتعت في المساء بحفل افتتاح يشبه الأساطير ثم استيقظت لتجد نفسك مسروقاً بكل سلاسة تجلس على الرصيف باحثاً عن طريق العودة! استبدت بي خيالاتي وأنا أطالع رسالة على “الإيميل” تحذر من مخاوف الباحثين بشركة “سيمانتيك” إزاء مئات الآلاف ممن يعتزمون السفر إلى جوهانسبرج بعد أقل من شهرين، حاملين أحلامهم في رحلة مونديالية، فإذا بهم يقعون ضحية لكبار “علماء الإجرام” ممن صار بوسعهم تطوير إصدارات حديثة متطورة من مخترعات تعمل بنظام “GSM” يتم تركيبها على أجهزة الصراف الآلي تتولى إرسال كافة المعلومات والبيانات السرية للبطاقة الائتمانية إلى المحتال وهو جالس مستريح في الفندق أو على المقهى ليستنسخ منها في وقت قياسي صورة طبق الأصل ويسرق الحلم في لحظة. يالها التكنولوجيا من قاتل وضحية بعد أن صارت سلاحاً للعلماء والحرامية!.. ويالها كرة القدم من حقل لألغام التكنولوجيا بعد أن حاصرتها كاميرات المراقبة من كل زاوية في الملعب، ناهيك عن أصوات تتعالى بتطبيق المزيد من الحصار الإلكتروني حول الساحرة المستديرة في المستقبل القريب. لم تعد التكنولوجيا قاصرة على استنساخ “نعجة” مثل “دوللي”، لكنها صارت قادرة على استنساخ أجزاء آدمية وأعضاء بشرية وبطاقات ائتمانية وكرة قدم تكنولوجية، بل وتدخلت في المشاعر الإنسانية.. فقديما كنا نباهي الحبيبة بكتاب قرأناه أو قصيدة كتبناها، فإذا بنا اليوم نتألق مرحاً أمامها بأحدث موبايل أو سيارة أو لوحة أرقام متميزة، وأصبح الواقع بديلاً عن الحلم والتكنولوجيا بديلاً عن الخيال حتى وقع المطربون في تناقض، فانطلق أحدهم يقول “حط الساعة .. والولاعة.. علق حلمه على الشماعة”، ورد الآخر صارخاً: “لو بطلنا نحلم نموت”.. فماذا نفعل إذن.. نضع الساعة والولاعة أم نموت؟. وما بين انطفاء الحلم واشتعاله، وقفت الرياضة باعتبارها جزءًا من الحياة تضحك وتبكي.. وما بين انتصار جاء بجهد علمي مدروس وآخر جاء مسروقاً بتكنولوجيا تخصصت في دس المنشطات بجرعات مقننة يصعب الكشف عنها، تقف الرياضة حائرة متخمة بالأحلام المشروعة والأحلام المسروقة، في عصر صار فيه العلم يوزع عطاياه دون تمييز بين الأبطال واللصوص! علينا إذن في الرياضة والحياة أن نحلم وأن نحتاط من الحلم، فالأحلام على طريقة ابن فرناس قد تكسر المؤخرة، وعلى الطريقة الأميركاني قد تنتهي إلى قنبلة ذرية فوق هيروشيما أو عنقودية على رؤوس أطفال الحجارة في القدس، وعلى الطريقة الروسية قد تصل إلى “بروستريكا” يتفكك فيها الوطن الواحد.. علينا إذن أن نخترع طريقة أخرى للحلم.. وقديما قالوا: “على قد لحافك مد رجليك”، وبالطبع فإن لنا بحمد الله أقدام وأحلام ولكن السؤال الذي لا يزال يحيرني: أين وضعنا قدمينا، وهل حقاً لنا غطاء؟. mamdo9495@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©