الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل: انقلاب على الديمقراطية

22 مايو 2016 23:11
ينطوي عزل الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، قبيل أشهر قليلة على استضافة البلاد للألعاب الأولمبية الصيفية، على تعسف وسوء استغلال للسلطة. كما أنه يُستعمل لإلهاء الناخبين وصرف انتباههم عن الفساد المستشري في الحكومة وعن الصراع المحتدم على السلطة بين السياسيين اليمينيين. والواقع أن روسيف لا تواجه تهماً بالفساد، بل إن سبب عزلها هو استعمالها لآلية مالية مألوفة تقوم على اقتراض أموال من بنوك عمومية من أجل تغطية نفقات برامج اجتماعية في الميزانية الفيدرالية. وهو أسلوب سبق لإدارات وطنية ومحلية أخرى أن استعملته من قبل. ولو تم اعتماد المعيار نفسه ضد حكام الولايات البرازيلية اليوم، لواجه 16 منهم إمكانية العزل. بيد أن وسائل الإعلام الرئيسية خلقت الانطباع بأنه كان لابد من عزل روسيف من السلطة من أجل التخلص من معضلة الفساد وحل الأزمة الاقتصادية. ذلك أنه على مدى أكثر من عام، ظلت الشبكات التلفزيونية الرئيسية تدعو إلى مظاهرات ضد الحكومة وتخصص تغطية حية يومية لها. وفي الوقت نفسه، ضربت هذه المظاهرات صفحاً عن مظاهرات حاشدة نُظمت دفاعاً عن العملية الديمقراطية التي أعادت انتخاب روسيف في 2014 بـ51 في المئة من الأصوات. ومن أبرز هذه الشبكات التي لعبت دوراً مهماً «جلوبو تي في»، المعروفة بدعمها للدكتاتورية العسكرية التي دامت أكثر من 20 عاماً في البرازيل. والواقع أن عمليتي التصويت حول العزل في مجلس الشيوخ وفي الغرفة السفلى (مجلس النواب) كانتا متوقعتين، على اعتبار أن معظم المشرِّعين كانوا قد عبَّروا عن آرائهم سلفا. لكن من الواضح أن الأمر كان ينطوي على مناورات سياسية، ذلك أن معظم أعضاء مجلس النواب أعلنوا أنهم يدعمون العزل باسم الله أو عائلاتهم. بل إن أحد الأعضاء ذهب إلى حد الإشادة بقائد عسكري سابق عذب عدداً من النشطاء السياسيين خلال الحكم العسكري. وهكذا، بات التصويت بعزل روسيف يُستعمل لإلهاء الناس عن التهديدات المحدقة بديمقراطيتهم. واليوم، يواجه أكثر من نصف أعضاء الكونجرس البرازيلي تحقيقات خطيرة حول الفساد. ومن هؤلاء رئيس مجلس النواب السابق إدواردو كونها، الذي دبّر ونفّذ تصويت العزل في السابع عشر من أبريل، والذي أرغمته المحكمة العليا منذ ذلك الوقت على التنحي بتهم الفساد وامتلاك حسابات غير قانونية في بنوك سويسرية. ومن جانبه، يخضع الرئيس البرازيلي بالإنابة ميشال تامر، إلى جانب سبعة وزراء عُينوا جميعهم من قبله، للتحقيق أيضاً على خلفية تهم تتعلق بالفساد. والأدهى من ذلك أنه بعد خمس ساعات فقط على تسلمه السلطة، عمد تامر إلى إزالة الوكالة الفدرالية المسؤولة عن مراقبة العقود الحكومية مع الشركات الخاصة، والتي كانت محورية في التحقيق في قضايا الفساد. وفي اليوم نفسه، أقال وزراءَ الثقافة، والاتصال، وحقوق الإنسان، والمساواة العرقية، والنساء، والتنمية الزراعية، ووزير مراقبة الموانئ والمطارات. تامر أعلن أيضاً عن تقليص البرامج الاجتماعية، مثل التعليم والرعاية الصحية والتقاعد. وتتألف حكومته الجديدة من أكثر القطاعات محافظة في الطيف السياسي البرازيلي، ما يمثل أجندة رفضها المجتمع البرازيلي في استحقاقات انتخابية متتالية منذ 2002. ولا شك أن الإجراءات التقشفية ستزيد من التفاوت الاقتصادي وانعدام الاستقرار، إضافة إلى القمع ضد الحركات الاجتماعية. وعلاوة على ذلك، يعتزم أعضاء الكونجرس اعتماد تشريع يقضي بتفكيك الوكالات البيئية وتسهيل استغلال احتياطات النفط البرازيلية من قبل الشركات متعددة الجنسيات. وخلاصة القول هو أن على المجتمع الدولي أن يدعم العملية الديمقراطية. أما الاعتراف بنظام غير شرعي في البرازيل، فإنه يؤسس لسابقة خطيرة بالنسبة للمنطقة برمتها. *مديرة «شبكة العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان» البرازيلية وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة ريو دي جانيرو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©