الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجال عراقي حول الاستثمار الأجنبي في النفط

سجال عراقي حول الاستثمار الأجنبي في النفط
29 يونيو 2009 02:22
خلال هذا الأسبوع يتوقع أن يفتح العراق حقوله النفطية أمام الشركات الأجنبية للمرة الأولى خلال ما يقارب الأربعة عقود. ويحيط الخطر السياسي بهذه الخطوة في بلد لم يتمكن بعد من إزالة وصمة الاحتلال الأجنبي منذ غزوه من قبل الولايات المتحدة عام 2003. فمن رأي عدد من الساسة العراقيين وكذلك قدامى العاملين في صناعة النفط أن صفقات الاستثمار الأجنبي في حقول النفط العراقية تعد مكسباً جائراً غير مستحق للشركات المتعاقد معها، خاصة وأن هذه الأخيرة ينظر إليها بالكثير من الريبة المدفوعة بالمشاعر الوطنية على رغم العوز النقدي الذي يعانيه عراق اليوم. ومن جانبهم يتابع المدراء التنفيذيون لشركات النفط العالمية العملاقة سير هذه الصفقات بقلق واضح على مصيرها النهائي، حسب إفادة بعض محللي وخبراء الطاقة. على أن هؤلاء المدراء يبدون حرصاً على أن يكون لهم موطئ قدم في حقول النفط العراقية. فالمعروف عن العراق أنه ثاني أكبر دولة ذات احتياطيات نفطية هائلة عالمياً، إضافة إلى كونه يبدو الآن السوق العالمي الوحيد الذي يمكن اختراقه من قبل شركات النفط العملاقة. «إنه الشيء الذي تحتاجه صناعة النفط بشدة في الوقت الحالي. فالملاحظ تناقص موارد احتياطيات النفط العالمي التي يمكن اختراقها. أما العراق فلا يزال يحتفظ باحتياطي وقود هائل يمكن الاستثمار فيها عالمياً». ذلك هو ما قاله «بن لاندو» محرر موقع «تقرير النفط العراقي» وهو موقع إخباري متخصص في شؤون الطاقة. وخلال اليوم وغداً الثلاثاء يتوقع أن تطرح وزارة النفط العراقية عطاءات عن طريق المزاد العلني ثمانية عقود للاستثمار في ستة حقول نفطية عاملة الآن، إضافة إلى حقلي غاز لم يبدأ تشغيلهما بعد. وقد تم اختيار 35 شركة لتقديم عطاءات من أجل التنافس على عقود تشغيلية للحقول المعنية تمتد لعشرين عاماً. ويتوقع للشركات الفائزة بالعطاءات أن تقرض الخزانة العراقية العامة مبلغاً قدره 3 مليارات دولار مقابل تعويض الشركات عن تكلفة الإنتاج والتشغيل، إضافة لحصولها على رسوم مقابل كل برميل ينتج حفزاً لها على تحسين مستوى الإنتاج في الحقول المذكورة. وعلى رغم أن شروط التعاقد مع المستثمرين أبعد ما تكون عن المثالية على حد رأي المحللين، فإن من المتوقع أن تحظى الشركات التي يتم اختيارها خلال الجولة الأولى من التنافس على العقود المطروحة، على عقود مجزية أكثر في المستقبل. كما تستعد الشركات الفائزة بعطاءات جديدة لخوض جولة ثانية من التنافس على عقود إضافية متعلقة بالاستثمار في حقول لم يبدأ العمل فيها بعد. ويتوقع أن يطرح المسؤولون العراقيون هذه العقود خلال الشهور القليلة المقبلة. غير أن الشركات الفائزة بالعقود المذكورة، سوف تخوض مخاطرة استثمارية كبيرة في بلد لم تنطفئ فيه نيران التمرد بعد، بينما تحول الفساد فيه إلى داء مستوطن، وتسود الخلافات والانقسامات الحادة صفوف قادته السياسيين، مع العلم أن هذه الخلافات هي التي حالت دونهم وتشريع قانون وطني خاص بموارد الطاقة. كما تعرض وزير النفط العراقي، حسين الشهرستاني، الذي يقود الجهود الرامية لاجتذاب شركات النفط العالمية للاستثمار في بلاده، لهجوم عنيف من قبل بعض المشرعين ومسؤولي الطاقة خلال الأيام القليلة الماضية. فمن رأي المنتقدين لخطوات الوزير أن على العراق أن يتصدى لبناء قطاعه النفطي المنكوب بنفسه، دون التعويل كثيراً على العون الذي تقدمه له الشركات الأجنبية. وليس في وسع البرلمان العراقي الاعتراض رسمياً على منح هذه العقود التي يتشكك الكثير من المشرعين وكذلك مسؤولو إقليم كردستان المستقل ذاتياً في شمالي البلاد في مدى شرعيتها. ويرى المنتقدون للعقود إن من الواجب الإبقاء على تشريعات نظام صدام حسين القائمة على تأميم صناعة النفط الوطني إلى حين سن تشريعات جديدة منظمة لهذه الصناعة. أما الشهرستاني -الذي خضع للاستجواب من قبل البرلمان العراقي، في جلسات طال مداها ليومين كاملين خلال الأسبوع الماضي- فمن رأيه أنه ليس في مقدور العراق إعادة بناء قطاعه النفطي على نحو مستقل عن أي عون خارجي. وأضاف قائلا إن الهبوط الذي حدث مؤخراً في أسعار النفط العالمي ودفع الحكومة إلى اتخاذ المبادرات الوطنية ضاعف من حاجة الحكومة الماسة للسيولة والخبرة الأجنبيتين. «والحقيقة أن جميع خبراء النفط داخل الحكومة وخارجها يتفقون على أهمية إعادة تأهيل البنية التحتية النفطية، إلى جانب اتفاقهم على توسيع عمليات التنقيب في الحقول الأخرى. ذلك أن العراق يعتمد اعتماداً كلياً وحصرياً تقريباً على موارده النفطية». يذكر أن العراق كان قد طرد شركات النفط الأجنبية من أراضيه في عام 1972، وسط أجواء إقليمية سادتها حركة التأميم. ومن حينها واصلت شركته النفطية الوطنية عملها بمستوى جيد إلى أن نشبت حرب الخليج الأولى في عام 1991، التي تلتها العقوبات الدولية التي فرضتها الأمم المتحدة. ولكن أضر العنف وموجات الهجرة الجماعية الواسعة للتكنوقراط العراقيين إثر الغزو الأميركي في عام 2003 بهذه الصناعة الوطنية الحيوية. وأنابيب النفط في شمالي وجنوبي العراق في أمس الحاجة للصيانة. أما معدات وأجهزة الحقول العاملة، فهي إما على وشك الخروج من الخدمة، أو أنها تؤدي عملها بالكثير من التدني والبطء. هذا ويضخ العراق حوالي 2.4 مليون برميل من النفط يومياً الآن. لكن ومع ضخ رؤوس الأموال الأجنبية والاستفادة من الخبراء الأجانب، يتوقع لهذه الإنتاجية اليومية أن تصل إلى 10 ملايين برميل يومياً في غضون بضع سنوات فحسب، كما يقول المحللون. وتبلغ احتياطيات النفط العراقي حوالي 115 مليار برميل، ما يجعل منه ثاني دولة عالمية بعد المملكة العربية السعودية مباشرة. إرنستو لوندونو- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©