السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علم البيان «7»

22 مايو 2016 23:19
«من الآثار القرآنية المتقدمة التي عنيت بالمجاز، وتوسعت في مفهومه الأثر الخالد، الذي كتبه ابن قتيبة الذي ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين، وتوفي سنة ست وسبعين ومائتين، كتابه المسمى «تأويل مشكل القرآن»، وليس هذا الكتاب كما يبدو من اسمه كتاب تفسير، ولكنه كتاب يعرض فيه ابن قتيبة «أبو محمد عبد الله بن مسلم قتيبة الدينوري»، لما خفي عن العامة الذين لا يعرفون إلا اللفظ وظاهر دلالته على معناه. وللعرب (المجازات) في الكلام، ومعناها طرق القول ومآخذه، ففيها الاستعارة، والتمثيل، والقلب، والتقديم، والتأخير، والحذف، والتكرار، والإخفاء، والإظهار، التعريض، والإفصاح، والكناية، والإيضاح، ومخاطبة الواحد مخاطبة الجميع، والجميع خطاب الواحد، والواحد والجميع خطاب الاثنين، والقصد بلفظ الخصوص لمعنى العموم وبلفظ العموم لمعنى الخصوص، وبكل هذه المذاهب نزل القرآن. وقد ذكر ابن قتيبة هذه الفنون، لورودها في كتاب الله الكريم، ولأنه رأي جماعة يطعنون في كتاب الله الكريم ببعض ما خفي عليهم مما فيه من فنون القول، وأساليب الكلام، فأراد أن يبين أن القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز، والاختصار، والإطالة، والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، وإغماض بعض المعاني، حتى لا يظهر عليه إلا اللقن، وإظهار بعضها، وضرب الأمثال لما خفي. ومن أمثلة ذلك ما نقله من قولهم في قول الله تعالى للسماء والأرض: (ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ). لم يقل الله ولم تقولا! وكيف يخاطب معدوماً؟ وإنما هذه العبارة لكوناهما فكانتا. كما قال الشاعر، حكاية عن ناقته: تقولُ إذا دَرأْتُ لها وَضِيني أهذا دينهُ أبداً وديني؟ أكلَّ الدَّهرِ حلٌّ وارتحــــــالٌ أما يبقى علىَّ وما يقيني! وهي لم تقل شيئاً من هذا، ولكنه رآها في حال من الجهد والكلال، فقضى عليها بأنها لو كانت ممن تقول لقالت مثل الذي ذكر، وكقول الآخر: «شكا إلي جملي طول السرى»، والجمل لم يشك، ولكنه خبر عن كثرة أسفاره وإتعابه جمله، وقضى على الجمل بأنه لو كان متكلماً لاشتكى ما به، كقول عنترة في فرسه: فَازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ القَنا بِلِبانِهِ وشَكَا إِلَىَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ لما كان الذي أصابه يشتكي مثله ويستعير منه، جعله مشتكياً مستعيراً، وليس هناك شكوى ولا عيرة». - الوضين: بطان عريض منسوج بسيور أو شعر، ودرأت وضين البعير إذا بسطته على الأرض ثم أبركته عليه لتشده به. - والمعنى: وقالت عندما شددت عليها الحبل: هذه عادتك وطريقتك التي لا تفارقها أبداً مدى الحياة. ازور: مال. - التحمحم: صوت منقطع ليس بالصهيل. - اللبان: الصدر. * المرجع البيان العربي - دراسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى - تأليف الدكتور بدوي طبانه طبعة منقحة 1972م. إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©