السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

200 منسوج تحمل مشاعر النساء وتبرز مكانتهن في المجتمع

200 منسوج تحمل مشاعر النساء وتبرز مكانتهن في المجتمع
16 ابريل 2010 20:28
حيكت بدموع النساء وابتساماتهن، تلاقت عليها الفِكر والأنامل، بخيوط من حرير وفضة وذهب، نسجت على أقمشة قطن وحرير وقطيفة، تروي قصص إبداعات وفنون وخلق سيدات من أقاصي العالم، منسوجات بتطريزات متقنة ودقيقة، تآلفت في تحميلها المشاعر الإنسانية، وعمق تركيباتها الإبداعية، تفننت مهارات النساء المسلمات من المغرب إلى باكستان في خلق قطع غاية في الجمال، استغرقت في بعضها سنوات عدة، كل هذه التحف الفنية استطاعت شركة التطوير والاستثمار السياحي جمعها من مختلف أقطار العالم المترامية وتقريبها للزوار في الإمارات في إطار معرض «حكاية منسوجات إسلامية» بقصر الإمارات الذي ينظم تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. يجسد معرض «حكاية منسوجات إسلامية» فن المنسوجات والتطريز الإسلامي بتراثه الرائع والغني، ويقدم أكثر من 200 منسوج فخم ونادر، منها مجموعة من الأعمال التي لم تعرض في المنطقة من قبل، وجاء هذا المعرض في إطار برنامج فني وتثقيفي حافل تنظمه شركة التطوير والاستثمار السياحي تمهيدا لافتتاح متاحف المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات في العام 2013. انطلاق بدعم كبير انطلقت «حكاية منسوجات إسلامية» الذي تنظمه شركة التطوير والاستثمار السياحي، تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمعرض هو الأول من نوعه في المنطقة الذي يقدم عرضا شاملا لمختلف فنون المطرزات الإسلامية، حيث يشتمل على أكثر من 200 قطعة نادرة من المنسوجات تعود إلى الفترة ما بين القرنين السابع عشر والعشرين الميلاديين. يذكر أن معرض «حكاية منسوجات إسلامية» يقام في صالة «جاليري وان» في فندق قصر الإمارات، ويستمر حتى 28 يوليو 2010، ومن المقرر إقامة سلسلة من ورش العمل والمحاضرات والعروض الموسيقية المناسبة خلال الأشهر الأربعة التي يمتد خلالها المعرض، ستتناول مجموعة من مواضيع البحث مثل التبادل التجاري والثقافي عبر طريق الحرير التاريخي، والارتباط الوثيق لفنون التطريز بالمرأة بشكل خاص، والاعتبارات العملية والأخلاقية المتعلقة بحفظ المنسوجات. الأول من نوعه في أبوظبي يقول مبارك المهيري، العضو المنتدب في شركة التطوير والاستثمار السياحي «حكاية منسوجات إسلامية» يقدّم أعمالاً نادرة من فنّ المنسوجات والتطريز التي أنتجت عبر قرون من الزمن في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي، وهي تمثل صلة وصل بين الشرق والغرب، وبين التراث العريق للحضارة الإسلامية ومختلف أنواع الفنون الأخرى، إن ما سترونه في هذا المعرض يعطي فكرة عن حجم ونوعية الأعمال التي ستحتضنها المنطقة الثقافية في المستقبل القريب، مثل كل المعارض التي تنظمها شركة التطوير والاستثمار السياحي، يحمل هذا المعرض أبعاداً فكرية وثقافية، لكنّه يمثل أيضاً وإلى حد بعيد سلسلة من قصص الحياة الشخصية، لهذا السبب أطلقنا على المعرض تسمية «حكاية منسوجات إسلامية». أبوظبي أنسب مكان لإقامة المعرض وقالت إيزابيل دينامور، المنسقة والمسؤولة عن معرض حكاية منسوجات إسلامية: إن أقدم منتوج في هذا المعرض ينحدر من المغرب ويرجع تاريخه إلى أواخر القرن السادس عشر، حيث يمثل قطعة نادرة، وكان من الصعب الحصول على قطع متكاملة، وجل القطع مستخدمة سابقا، وتضيف إيزابيل أن بعض القطع استغرق البحث عنها مدة تفوق ثلاثين سنة، وبعض القطع الأخرى عملت بها الجدة والأم والبنت والحفيدة. وقد ينسج القطعة الواحدة ثلاثة أو أربعة أجيال، وقطع المعرض تكشف مشاعر النساء ومهاراتهن، فالمنسوجات كل واحدة منها تحمل قصة معينة، وكل قطعة تفضح أحاديث النساء عند تجمعهم على كؤوس الشاي وتبادل أطراف الحديث. كما تعبر عن مستوى المرأة الاجتماعي، ففي فاس المغربية مثلا كان نسج هذه القطع خاصا بنساء من مستوى راق، وتتنوع بين التراث القبائلي المتنقل والحضري، وتميزت القطع بتشكيلات جميلة وتطلب العمل فيها وقتا طويلا، فحتى نوعية الخامات المستعملة في كل قطعة تبين انتماء النساء لبعض المستويات الاجتماعية، وفي جوابها عن سؤال لماذا يغلب اللون الأحمر على بعض القطع؟ أجابت إيزابيل: ربما يرمز للحياة، وهو لون الورد ولون الدم، ولكن ستكون هناك فرصة للقاء خبير الألوان الذي سيأتي خصيصا لتفسير ألوان المنسوجات لاحقا، كما ذكرت إيزابيل أن هناك مقارنة بين المنسوجات الحضرية والبدوية، حيث أكدت أن كل نسيج يعبر عن دواخل ناسجيه، ومرتبط بدواخلهم الإنسانية، وقالت إن المعارض تهدف في مجمل القول إلى تلاقح الثقافات وهي تعليمية وتثقيفية تهدف صون التراث من جهة وتفتح نوافذ على العالم من جهة ثانية، وهذا ما تعمل عليه شركة التطوير والاستثمار السياحي. وفي سياق آخر تذكر إيزابيل: سنجعل الزوار يتعجبون بشأن الصورة التي كانت عليها الحياة خلف كل قطعة، يتخيلون من يكون قد بكى فوق هذه الوسادة أو صلى فوق هذه السجادة المطرزة، وتضيف إيزابيل: هناك أكثر من طريقة واحدة للنظر إلى هذه المنسوجات المطرزة، لأن كل قطعة فنية هي قصة في حد ذاتها، وفي الوقت نفسه جزء من صورة أكبر وأكثر تعقيداً، وبالتالي، فقد نظم المعرض بطريقة تعكس جمالية المطرزات وأهميتها مع كثير من الروابط والتقاطعات والتقسيمات المعقدة، ولا شك أن عالم الحرف اليدوية النسوية عالم رائع لكنه خفي، حيث تعمل معظم النساء بعيداً عن الأضواء من داخل بيوتهن، ولكن المطرزات تشرع أمامنا نافذة ندلف من خلالها إلى عقولهن وحياتهن، فخلف كل قطعة فنية جهد وعرق ودموع وضحكات وطموحات امرأة، وبذلك، تعبر المعروضات عن عالم شديد الخصوصية يفصح عن نفسه بخجل، فهي المظهر والشهادة الحية لما كانت تفعله كثير من النساء في عالمهن المنزلي الخصوصي، وبهذه الطريقة، تكون المجموعة الفنية دليلاً ومؤشراً زاخراً بالألوان يلقي الضوء على حياة النساء القائمات بأعمال التطريز. حكاية نساء منسوجات يحملها معرض «حكاية منسوجات إسلامية» تحكي قصص نساء من مناطق مختلفة من بينها: منطقة سهول وسط آسيا استخدمت هذه المطرزة لتزيين اليورت، وهي عبارة عن خيمة وكل خيمة هي ملجأ لعائلة واحدة ومركز تجاري وهي خيم للرحل من قبائل لكاي، وكل المراجع التطريزية عبارة عن حيوانات وأشياء أخرى ويضم المعرض أكثر من 70 قطعة، وهي تعبر عن البيئة التي عاشوا فيها القبائل وتمثل طريقة حياتهم، كما أن القطع تعتبر مخزنا لمجوهرات النساء وحليها وملبوساتها، فهو فن مصاحب للترحال، وهي خيام استخدمت خلال الهجرات وكحلية للخيول والإبل، وفي المدن، ظلت القطع الفنية المزخرفة، مثل المعلقات على الحوائط، والستائر، والوسائد، وأغطية الطعام، وأغطية الخزائن، وسواتر المرايا، تحيط بالرجال والنساء من المهد إلى اللحد، وهناك منسوجات من تركمانستان وقرغيزستان وكارا كالباك وأوزبكستان وأفغانستان وباكستان، جنبا إلى جنب منسوجات من المغرب والجزائر، وتعود كافة المطرزات إلى الفترة من القرن السابع عشر إلى العشرين الميلاديين. هناك أيضا قطع أخرى من فن نساء، وثروات الرحل الأوزيك، وهي تنتسب إلى أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وهي من الصوف والحرير. عراقة المعروضات يضم «حكاية منسوجات إسلامية» قطعا كثيرة من المغرب تتحدث عن عراقة القطع من المغرب تمثل حضارة ممتدة على مساحة جغرافية واسعة، بحيث تمثل المطرزات أو المنسوجات المغربية كل مدينة عريقة وكل منسوجة لها حكاية معينة، فهناك مثلا قطعة يطلق عليها التنشيفة، وهي على الشكل الطولي مطرزة بدقة متناهية، وهي تستعمل لتحجب المرآة أيام خطوبة العروس أو أثناء العرس، اعتقادا أنها تحمي العروسة من العين والحسد وتعمل على طرد الشر، ولها استخدام واحد فقط أثناء العرس، وتنتسب المطرزات إلى المدن العريقة بالمغرب وكل مدينة تتميز بتطريز معين، فهناك منسوجات من فاس وتطوان وشفشاون والرباط، ومكناس وسلا، وكل واحد يتميز عن الثاني بخصائص معينة، وتعتبر أقدم منسوجة في المعرض تنحدر من المغرب، والتي تعود إلى أواخر القرن السادس عشر وتنتمي إلى مدينة شفشاون. ثلاثة قرون تشمل الأعمال المعروضة أزياء مطرزة وقطع مزخرفة تعود إلى الفترة ما بين القرنين السابع عشر والعشرين الميلاديين، توضح كيف حافظ فن التطريز، الذي برعت فيه النساء في الريف والحضر، على الهوية الإقليمية والقبلية والعائلية من خلال دمجه في الأنشطة المجتمعية، وكيف تطور من خلال تفاعله مع الثقافات المختلفة، فقد أثر الأندلسيون في صنَّاع الأقمشة المغاربة، وأثر العثمانيون على الفنانين في الجزائر، وكان هناك تفاعل وتبادل مستمر في مختلف أنحاء وسط آسيا بين المغول والأوزبك والبشتون والطاجيك والتركمان وغيرهم. وكان للأنواع المختلفة من الأقمشة المعروضة دور بارز في التجارة النشطة بين بازارات المنطقة، وامتلأت بها رحال قوافل الإبل التي عبرت الصحراء من وسط آسيا إلى روسيا وتركيا وما وراءهما، كما كانت تحدد المكانة الاجتماعية لمرتديها، من الأثواب المميزة المصنوعة من القطيفة المطرزة بالذهب التي كان يرتديها الحكام، إلى الأقمشة القطنية المخططة الخاصة بالعمال والأقمشة الصوفية التي يرتديها أهل الريف، كما واكبت صناعة الأقمشة المطرزة واستخداماتها الأحداث السارة والمحزنة في حياة العائلات، من تقاليد الولادة والزواج وحتى مراسم الدفن. أعمال نادرة «حكاية منسوجات إسلامية» قدمه سمو الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس مجلس إدارة شركة التطوير والاستثمار السياحي وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، حيث قال في بعض من مقدمة الكتاب الذي جمعت فيه كل المعلومات عن «حكاية منسوجات إسلامية»: غالبا ما نتحدث في أبوظبي عن برنامجها الثقافي باعتباره يؤكد موقعنا التاريخي في مفترق التجارة العالمية، والتبادل الفني والفكري، ويستهوينا القول بأننا نخلق ملتقى خاصا على مسار جديد يعيد إحياء طريق الحرير. لذلك، فمن دواعي فخرنا أن نقدم هذا المعرض المهم الجديد «حكاية منسوجات إسلامية»، الذي يضم بين جنباته أعمالا عظيمة نادرة، أعمالا شهد طريق الحرير صناعتها ومسيرتها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©