النخلة.. تروي بشموخها حكاية عطاء وصبر طويل

تألقت شجرة النخلة عبر التاريخ واحتلت مكانة عالية لدى العربي لم ينلها سواها من الأشجار. كانت بالنسبة له ابنة يحنو عليها ويرعاها، كما كانت أماً يحبها ويخلص لها ويعتني بها. زينت النخلة حياة أجدادنا في البوادي والواحات على حد سواء، وكانت ملازمة لابن الإمارات، ولا زالت حتى يومنا هذا شريكة أيامه يزرعها بحب فتقدم له خيرها بحب أكبر. ما من شجرة مجدت وذكرت في كافة الأديان السماوية سوى النخلة، إذ جاء ذكرها في التوراة والإنجيل. وذكرت في القرآن الكريم في (21) آية، منها قوله سبحانه وتعالى «والنخلَ باسقات لها طلع نضيد»، كذلك ذكرت في أكثر من (300) حديث شريف، كما في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- «أكرموا عمّتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم». أصول ومواطن تنتصب النخلة كما ألف الأبجدية، فهي مغروسة كرايات نصر في أرضنا الطيبة وشاهدة على معاناة أجداد وبناء أبناء ونهضة أحفاد، لكنها ترفرف بأوراقها لتلقي التحية على الشمس. يقول زايد المنصوري- استشاري التراث في «نادي تراث الإمارات» موضحاً أصل النخلة وموطنها: «عبّرت النخلة في العسر عن الضيق والعطش بمزيد من الصبر والصمود، لذا لم تكن رمز الحياة بل الحياة نفسها. وقد انتشرت في منطقتنا العربية منذ آلاف السنين، بل يعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وثمة مؤرخون يقولون «النخلة خلقت قبل الإنسان»، فلشجرة النخيل قبائل وأصلها واحد وهي تشبه زارعها الإنسان في الاستقامة والشموخ والعزة، وتضاهيه كرماً وصبراً وحناناً. وتنتشر في الإمارات بكثرة كأحد مواطنها العديدة، وكذلك في الخليج وبادية الشام والمغرب العربي. كما تنتشر في عدة قارات أهمها مناطق الأفروآسيا». فوائد لا تحصى حول صفات النخلة، يقول سيف الكعبي- مالك مزارع نخيل: «النخلة شجرة معمرة، لها جذع غليظة ترتفع أحياناً نحو نحو 30 مترا تتوجها أوراق «سعف» جميلة المنظر. ويؤكل ثمر النخلة على شكل البسر أو الرطب ويؤكل لبعض الأصناف الأخرى على شكل تمر بعد أن يجف، خاصة أن ثمرها ذا قيمة غذائية عالية». يسترسل مضيفاً: «النخل نبات ثنائي المسكن فهناك نخل ذكري وآخر أنثوي كلاهما يخرج عراجين ويتوجب نقل بعض العراجين الذكرية لرش طلعها على العراجين الأنثوية لتلقح وتثمر عن بلح أخضر يتحول إلى اللون الأصفر أو الأحمر. حيث يعتبر ثمر النخيل غذاء كاملاً إذ يحتوي على السكريات والبروتين وأملاح البوتاسيوم وفيتامينات عديدة. فقد جعل الله تعالى في كل جزء منها خيراً للإنسان، وقاض لها أن تُفيد خَلقِه من ثمارها وأغصانها وجذعها وسعفها وجريدها وخوصها». إضاءات ? يتراوح طول شجرة النخلة ما بين 2- 50 متراً. وطول البلحة من 2 8- سم. ? يتراوح إنتاج النخلة الواحدة من 50- 500 كج في بعض الأنواع. ? يوجد في الإمارات حوالى 50 نوعاً من النخيل أشهرها (بومعان، نغال، مسلى، لولو، جش، خصاب، خنيزي، خشكار، مرزبان، شبيصي، دباسي، بقل، رحبي، خضراوي). ? قال الشاعر: «كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً يُرمى بصخرٍ فيعطي أطيب الثمرِ