الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فيسبوك» والنساء

5 مارس 2011 20:21
قبل ثلاثين عاما، أي قبل بدء الاستخدام الجماهيري للإنترنت وظهور الإعلام الاجتماعي مؤخرا، كتبت طبيبة نفسية أميركية عن الفروق في أسلوب التفكير بين الجنسين، وبقي ما كتبته قابلا للشك حتى الأمس القريب قبل أن يفيق منظرون كثر على أننا أصبحنا في عالم شبكي تتغير فيه العلاقات بين البشر بشكل بنيوي. وكنت قرأت ما كتبته كارول جيلجيان قبل عامين، ثم تذكرته قبل أسابيع عندما قرأت عن المعدل العالمي للرجال والنساء في استخدام موقع التفاعل الاجتماعي فيسبوك. جيلجيان، وهي «داعية نسائية» وأستاذة في جامعة نيويورك وكمبردج، اعتبرت قبل ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي بنحو ثلاثة عقود، أن الرجال يميلون إلى أن يروا العالم مكونا من تنظيم هرمي للسلطة ويسعون للوصول إلى القمة، بينما تميل النساء إلى عالم مكون من شبكات من العلاقات ويسعين (يطمحن) هن إلى الانتقال إلى مركزه. وإذا كان تحديد «المركز» هنا يبقى غامضا إلى حد كبير مقارنة برأس الهرم أو القمة، فإن «زحف» النساء على فيسبوك لتصل نسبتهن العالمية إلى النصف تماما، أمر يسهل فهم فكرة العلاقات الشبكية (بغض النظر عن المركز والقمة وبغض النظر عن أن النساء يعتبرن محركا لدفق كثير من المناقشات على الموقع خاصة وأن معظم مستخدمي الموقع من الفئات العمرية الشابة ولا ننسى أيضا قصة مخترع الموقع مارك زوكربيرج في فيلم «التواصل الاجتماعي» في الجانب الاستفزازي من العلاقات مع الجنس الآخر). ليبرز سؤال مفاده: هل هذا الزحف يعبر عن طفرة مؤقتة أم شيء آخر؟ وتوصلت دراسة مشروع الرصد الإعلامي العالمي (GMMP) للعام 2010 الذي شمل 1281 جريدة وتلفزيون ومحطة إذاعية (وسائل الإعلام التقليدي) في 108 بلدان إلى أن فقط 24% من الأشخاص المسموع أو المقروء عنهم هم من النساء مقابل 76% للرجال، فيما أظهرت دراسة 84 من أهم مواقع الإنترنت (التقليدية) في العالم أن النسبة تكاد تكون ذاتها (23%) ما يعكس انتقال عدوى «ظلم» المرأة إعلامية إلى التكنولوجيا الجديدة. مؤدى ذلك أن وحدها مواقع التواصل الاجتماعي (وليس التكنولوجيا الرقمية بذاتها) هي التي صنعت الفرق . ولأنها الأكثر تعبيرا عن الواقع المعاش فذلك يعني أننا أقرب إلى «تصحيح أوضاع» يتجاوز القيود التي نشأ عليها الإعلام في الماضي. فالإقبال النسائي (العالمي) على فيسبوك (وإلى حد ما تويتر) هو بحث عن تعويض «ظلم» متراكم لم يجد متنفسا له في أي نوع آخر من وسائل التعبير. والمعدل العالمي (1/1) يعني أن استخدام النساء للموقع في بعض المجتمعات يزيد عن الذكور، كما يعني أنه لا زال أقل في بعضها الآخر. مثل حال المجتمعات العربية. ففي تقرير «العرب والتواصل الاجتماعي» الصادر عن كلية إدارة أعمال دبي للتواصل الاجتماعي يتبين أن نسبة استخدام النساء من مجموع العرب على فيسبوك في ديسمبر 2010، تقل في خمس دول عن 30% وتتراوح في 11 دولة بين 30 و40% وتزيد قليلا عن الأربعين في 4 دول. وهي نسبة أقل طبعاً من المعدل العالمي في معظم الدول، لكنها تشير في الوقت نفسه إلى أن اتجاه «تصحيح أوضاع» لابد جارٍ الآن من باب تمكين النساء من التعبير و»الفعل التواصلي»، وهو اتجاه من النوع البنيوي – أي أهم من مسألة القمة والمركز. وستكون له حتما تجليات وانعكاسات متعددة يجب عدم التخلف عن الاستعداد لها ومعرفة أفضل الطرق لتوظيفها. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©