الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصطفى أبو السعد: «التخمين الإيجابي» تنقذ العلاقات الأسرية من «فخ» التأزم

مصطفى أبو السعد: «التخمين الإيجابي» تنقذ العلاقات الأسرية من «فخ» التأزم
5 مارس 2011 20:23
غضب الأطفال وتمردهم من السمات الغالبة التي يعاني منها بعض الآباء، وأحياناً يصعب سلوك الطريق الصحيح لعلاج هذه المشكلة وتفادي السقوط في نوباتها المتكررة، وبذلك يظل التعامل مع الصغار يختلف من أب لآخر، حسب ما يحمله من خلفية تربوية وثقافية. غير أن تربويين وضعوا نظريات للتعامل مع نوبات الغضب عند الأطفال من بينها نظرية “التخمين الإيجابي” التي تستوعب أسباب الغضب وتعالجها بطريقة بعيدة عن السلبية. لايزال تربويون يبحثون عن استراتيجيات لتقويم سلوك الأبناء واحتوائها، في هذا الإطار، نجح المدرب مصطفى أبو السعد، أستاذ في تحديد بعض مفاهيم تربية الأبناء ونص على بعض الأسس التي يجب الالتزام بها في ترويضهم وتقويم سلوكهم واحتواء غضبهم. فهم الأسباب يقول أبو السعد، خبير التنمية البشرية ومدرب تربوي من خلال نظرياته في التربية، “هناك استراتيجية جديدة تساعد المربين على حسن التعامل مع أبنائهم، وتزيد من كفاءتهم التربوية وقدراتهم على احتواء المشكلات والأزمات العابرة في علاقاتهم مع الأطفال، وهي خطوة ورسالة للأبناء توحي إليهم أن المربي يبذل جهده، ويحاول فهم ما ألم بهم وتسبب في إفراز سلوكيات مزعجة، أو في نشوء تأزم بينهم وبين الكبار، هذه الاستراتيجية هي التخمين الإيجابي الذي يبرز تحسسك لفهم نفسيات أبنائك ومحاولتك للتعمق في التعرف على خفايا وخلفيات السلوكيات”. ويشير أبو السعد إلى أن وضع احتمالات أمام ما يزعج من تصرفات الأبناء، يجعل الآباء يتصفون بالهدوء ومن تم يبحثون عن دوافع السلوك وأصله بدل التركيز على الأعراض وهذه صفة أساسية لكل مدرب ومتعامل مع الطفل يجب أن يكون هادئاً حليماً، يستخدم الصبر بمفهومه الإيجابي، ويضيف “بمعنى أوضح يجب أن تمارس دورك التربوي بالطرق المطلوبة الواعية المبنية على أسس علمية رزينة، وتمارس عملية الصبر لتؤتي طرقك السليمة أكلها مع الزمن”. ويقول أبو السعد “الثقة بالنفس هي إحدى نتائج وضعك لاحتمالات السلوك والتخمين الإيجابي؛ فأنت أثناء ممارستك لهذه الاستراتيجية تمنح أبناءك ثقة بقدراتهم وثقة بأنفسهم، وتمنحهم صورة إيجابية عن شخصيتهم، وهذا هو المطلوب لوضع أساس لبناء شخصية متميزة بقوة المساعد وقوة العقيدة وقوة العطاء وقوة الإيمان، فضلا عن هذا فإن ممارسة هذه الاستراتيجية تؤسس ثقة بينك وبين الأبناء، وهذا مطلب تربوي لابد من تحقيقه لتتم عملية التواصل بين الطرفين”. خطوات التطبيق يسرد أبو السعد خطوات التخمين الإيجابي، ويشرح كيفية ممارستها قائلا “ابدأ بالتعبير عن شعورك مرددا: لدي إحساس بأن ابني لم يقصد بسلوكه أن يؤذي أحداًَ، ابني كان يريد فقط تقديم مساعدة، الابن بحاجة إلى شعور أننا نقف بجانبه ونتفهم احتياجاته، الابن يغضب لو أن أحداً اعتدى على ممتلكاته، لعله محبط لأننا لم ننتبه لإنجازاته ولم نقدرها ونعتبرها”. ويضيف “بعد وضعك لاحتمالات وتخمينات إيجابية اسأل ابنك سؤالا دقيقا واضحاً “أخبرني هل فهمت حقاً مشكلتك؟” أو “قل لي هل فهمت بشكل صحيح مشكلتك؟”، وحاول إثارته بكل هدوء ليتحدث ويجيب عن تخميناتك المطروحة، بداية ستدرك أن بداية الحديث الصادر عن ابنك تعني أنه انفتح عليك وهذه أكبر خطوة من خطوات الإرشاد والتوجيه، وسيبدأ التعبير عن خفايا وأسرار ما كنت لتعرفها لو لم تمارس استراتيجية التخمين الإيجابي، وبذلك يقدم لك معلومات تؤهلك لفهم سليم لحاجيات ابنك وبالتالي حسن التعامل معها وإشباعها بالطريقة السليمة لئلا تتحول إلى مولد للسلوك السلبي”. قواعد متغيرة ويتابع أن التخمين الإيجابي يقوي المشاعر ويرفع من المعنويات، ويقول “هذه الخطوة تعني أنك تمد يد المساعدة لابنك وبالتالي ترفع معنوياته النفسية، وتوطد العلاقة بينك وبينه وتعمل بشكل إيجابي على إخراج ما لديه من أسرار وخفايا تساعدك لتعامل مبني على فهم، إنها خطوة رائعة تنقذ العلاقات بين الآباء والأبناء من التأزم وتقدم لها أفضل إسعاف يحميها ويعيد لها عافيتها”. عن الممارسة المرنة التي يجب أن ينهجها الآباء تجاه الأبناء، ويقول أبو السعد إن المقصود بهذا النموذج هو تلك السلوكيات الثابتة أو القواعد العامة لبعض الآباء والتي يمكنها أن تتعدل حسب الظروف بحيث لابد للطفل أن ينام مثلا في وقت محدد، ولكن إذا كان يوم الغد عطلة يمكنه أن يسهر، ويشاهد برامج إيجابية، حينما يرغب، لكن باحترام بعض الشروط ومنها نوع البرامج ثم زمن ومدة المتابعة، وبإمكانه أن يزاول الأنشطة التي يرغبها ولكن بشروط، وهذا يعني أن القواعد ليست جامدة، بل تتكيف تبعا للظروف والأحداث، ولا بد من الممارسة المرنة التي تعكس مواصفات الممارسات التربوية الوالدية الصحيحة التي توفر الإشباع المنتظم لحاجيات الطفل والمتمثلة في المرونة، والحرية، والتقبل، والتسامح، والعدل، والحوار، والالتزام ، والدفء الوالدي، فالطفل الذي يترعرع عادة في كنف هذه الممارسة التربوية المرنة يتميز بسمات الشخصية السوية المتمثلة أساساًَ في الثقة في النفس والتقدير العالي للذات وتحمل المسؤولية والشعور بالأمن والكفاءة في التحصيل وفي التواصل والتوفر على المهارة في حل المشكلات والقدرة على مواجهة مواقف الحياة المختلفة. وعن نوبات الغضب وكيف يمكن حلها دون الرجوع لخبراء نفسيين، يقول أبو السعد “يمكن التعامل مع غضب الطفل الصغير بدون الحاجة إلى دراسة سيكولوجية، ويأتي التواصل الفعال، في مقدمة العوامل الناجحة في هذا الشأن، وهذا يستدعي أمرين الاستماع المؤثر، والاستجابات المؤثرة”. ويوضح “الاستجابات التي قد تكون شفهية أو غير شفهية؛ فحتى تعرف ما يريده طفلك عليك الاستماع له، ومن الجوانب المؤثرة في مهارات الاستماع الوضع أو الجلسة الصحيحة مثل: الانحناء إلى مستواه والانتباه المركز له، كالتواصل بالعينين، والصمت حينما يحاول شرح احتياجاته، والاستجابة المناسبة التي تتضمن الخطاب الهادئ، والابتعاد عن كلمات الوعيد والتهديد، واستخدام اللغة غير المنطوقة مثل الإيماء والابتسام واللمس”، مشيراً إلى أن توظيف عاملي الاستماع المؤثر والاستجابات المؤثرة معاً يتناسب بشكل رائع في التعامل مع نوبات الغضب، ويجب التحمل والصبر لعلاج نوبات غضب الطفل بشكل عام. تأرجح المشاعر وراء نوبات الغضب يقدم خبير التنمية البشرية ومدرب تربوي مصطفى أبو السعد وصفاً لنوبات الغضب التي تنتاب الأبناء ، ويقول “قد تصادف أن يتعرض طفلك لنوبات من الغضب كالبكاء الشديد، والصراخ، والارتماء على الأرض يضرب بقدميه، ويصك على أسنانه إذا لم يحصل على ما يريد، قد يتكرر ذلك المشهد دون أن ندرك الطريقة الصحيحة للتعامل معه، لكن لا داعي للخوف من تلك النوبات التي تعتبر لبعض الناس لحظات شديدة الإحباط، وأحيانا شديدة الحرج”. ويفسر أبو السعد أسباب نوبات الغضب، قائلا إن الطفل يتأرجح بين مشاعر عدة ففي لحظة يكون مبتهجا، ممتلئا بالنشوة، وفي أخرى يكون مشحونا ومملوءا بالألم، لاسيما أثناء نوبة غضبه، ولكن ما لا يعلمه الوالدان أن نوبة الغضب هذه تشكل صمام أمان أمام الطفل، يمرر من خلالها توتره بطرق يعدها مألوفة بالنسبة له، هذا التوتر الذي يشمل على جميع أنواع المشاعر التي تنطلق في صورة: صرخات، صيحات، ضرب، تشبث، وغيرها من ردود أفعال.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©