الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حركة «الشباب» الصومالية... إغراءات المال

16 ابريل 2010 21:22
عندما التحق "ظاهر عبدي" بصفوف حركة "الشباب الإسلامي" الصومالية في وقت مبكر من العام الماضي، كان دافعه وراء ذلك، هو الحصول على المال أكثر منه قناعة بالأيديولوجية، التي تحملها الحركة المتطرفة ذات الصلة بتنظيم "القاعدة"، ففي منطقة براوة الواقعة جنوب الصومال، التي ينتمي إليها ظاهر عبدي، تعيش عائلته المكونة من والديه وإخوانه وأخواته على ما لا يزيد عن وجبة واحدة يومياً. كما أن والدته لا تقوى على البحث عن حطب الوقود، كي تبيعه في السوق، وتكسب منه ما يعين عائلتها. ولذلك لم يتردد ظاهر في الانضمام إلى الحركة والاستجابة لطلب ذلك المسؤول عن تجنيد المقاتلين الجدد في صفوف الحركة، خاصة أنه عرض عليه مبلغ 400 دولار تسلم إليه مباشرة إلى جانب الوعد بتخصيص راتب شهري منتظم له. فهو يدرك أن هذا القرار سوف يوفر لأسرته فرصاً أفضل لمعيشتها واستقرارها، حتى وإنْ لقي هو حتفه في العمليات القتالية التي تنفذها الحركة. وعندما وصل "ظاهر" إلى ضاحية "رأس كيامبوني" الساحلية الواقعة وسط الغابات الكثيفة بجنوبي الصومال، بهدف حضور الفترة التدريبية التي تمتد لستة شهور، اكتشف أنه كان واحداً بين مئات الآلاف من الشباب الذين بدأ إعدادهم وتدريبهم لخوض العمليات القتالية. كما أدرك الكثيرون من الذين انضموا إلى ذلك المعسكر مدى خطورة محاولة الهرب من صفوف الحركة التي أعلنت عن ارتباطها بتنظيم "القاعدة". "فعندما جندوني قالوا لي إنني سوف أقاتل ضد قوات الاتحاد الأفريقي والحكومة الصومالية المؤقتة التي لا تريد للصومال أن تتولى مقاليد الحكم فيه حكومة إسلامية". ذلك ما أخبرني عن "ظاهر" الذي اضطر إلى الهرب من صفوف الحركة في وقت متأخر من العام الماضي والاختباء في مكان ما بعيداً عنها. واستطرد ظاهر في القول: لقد سلموني 400 دولار قبل مغادرتي المنزل إلى معسكر التدريب، وقد سلمت ذلك المبلغ إلى والدي وودعت أفراد أسرتي. وعندما تشن الحكومة حملتها الطويلة الممتدة على الحركة تنفيذاً لما هددت به قريباً، فسوف يكون مئات الشباب من أمثال "ظاهر" وغيره في صفوف القتال الأمامية. وتمنح الأموال التي يتم تجنيدهم بها من قبل رجال أعمال متعاطفين مع الحركة، بينما تتولى عناصر باكستانية وأفغانية وعربية متطرفة تدريبهم عسكرياً. ويشمل التدريب تلقي دروس مكثفة عن أيديولوجية التطرف والعنف، تقدمها عناصر موالية لتنظيم "القاعدة" والموالون له من الإسلاميين المتطرفين. يذكر أن الصومال ظل بلا حكومة مركزية لما يقارب العشرين عاماً. ولذلك فقد لقيت الدعوة إلى حكومة إسلامية قوية متشددة، استجابة واسعة لها بين الصوماليين. غير أن اللقاءات الصحفية العديدة التي أجريت مع الفارين من صفوف الحركة، كشفت عن أن الأساس الذي تقوم عليه الحركة ليس أيديولوجياً، بقدر ارتباطها بالمال والمخاطرات وأعمال العنف، التي لا تقوم على أيديولوجية محددة. وبسبب غياب الحكومة المركزية القوية، مقابل الوعود والإغراءات التي تقدمها الحركة للمواطنين، نمت حركة الشباب التي لم يكن يعرف عنها الكثيرون من الصوماليين قبل أربع سنوات فحسب، سريعاً لتصبح أقوى مليشيا مسلحة في الصومال. كما تمكنت الحركة من فرض تصورها الخاص عن الإسلام والشريعة الإسلامية على جنوبي الصومال الذي تسيطر عليه. ليس ذلك فحسب، بل إن الحضور القوي للحركة في قلب العاصمة الصومالية مقديشو، يحول دون قدرة الحكومة المؤقتة الضعيفة التي يرأسها شيخ شريف أحمد على تمديد نفوذها إلى ما يزيد عن بضع كيلومترات لا أكثر داخل العاصمة. وتشير التقديرات إلى أن في صفوف الحركة نحو 3 آلاف من المقاتلين المدربين إضافة إلى 3 آلاف أخرى من العناصر ضعيفة التدريب من المسلحين، الذين يساعدون في توفير الدعم اللوجستي لمقاتلي الحركة. وتؤكد المعلومات المتوفرة وجود 200 مقاتل من الأجانب في صفوف الحركة، بمن فيهم أفراد من الأفغان والباكستانيين والعرب والشيشان، بل حتى بعض الأميركيين البيض الذين جذبهم للانضمام إلى الحركة وعدها بإقامة دولة إسلامية خالصة مثلما ورد توصيفها في نصوص القرآن الكريم والسنة المحمدية. يذكر أن أقوى معاقل الحركة توجد في الثلث الجنوبي من الأراضي الصومالية، وهي منطقة تمتد من الحدود المشتركة مع إثيوبيا وكينيا، وصولاً إلى مدينتي مقديشو وكسمايو الصوماليتين. وحسب إفادات الهاربين من صفوف الحركة، فإن هناك تخصصات معينة لكل واحد من معسكرات التدريب التي يتم استقطاب المقاتلين الشباب إليها. فعلى سبيل المثال يتخصص معسكر ألوية الفاروق – في البردي بمنطقة حيران- في تدريب المقاتلين الانتحاريين والقنابل البشرية. وكذلك يتخصص معسكر صلاح الدين بمنطقة "حورية" في العمليات نفسها. أما قاعدة الفاروق القائمة بضاحية "راس كيامبوني"، فقد خصصت تدريباتها لاستخدام الأسلحة الأتوماتيكية والقتال المباشر. وهناك قاعدة أخرى خصصت لمهارات اختطاف الأفراد. وليست الفتيات الصوماليات بمنجاة من عمليات الاستقطاب إلى صفوف الحركة التي تستهدفهن أيضاً. فهناك نساء أكبر سناً لا يتوقفن عن طرق أبواب جميع معسكرات النازحين الصوماليين المقامة في كلا جانبي الخط الحدودي المشترك بين الصومال وكينيا، بهدف إقناع العائلات النازحة الفقيرة بالسماح لبناتها بالانضمام إلى "الجهاد" الذي تقوده حركة الشباب. وحسب "شامس عبد العزيز"، وهي فتاة صومالية في أحد مخيمات النازحين، فإن هؤلاء النساء تقول لآبائنا وأمهاتنا: قبل أن يمنح المجاهد البندقية التي يقاتل بها، لا بد من أن يمنح امرأة حتى يطمئن لأنه سوف يخلف أحداً وراءه عندما يسقط في ساحات الجهاد ومعاركه ذات يوم. وعلى فتياتكم أن يتزوجن بالمجاهدين، ويصبحن جزءاً مكملاً لما يقومون به لنصرة الإسلام. وبالفعل غادرت شامس عبد العزيز مخيم النازحين وتزوجت من أحد أولئك الشباب المقاتلين. وهي اليوم من النساء اللائي يسعين لإقناع المزيد من الفتيات بالزواج من "المجاهدين" الشباب! سكوت بالدوف وعلي محمد - نيروبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©