الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ما له تالي»

«ما له تالي»
30 يونيو 2009 00:01
خلال زياراتي إلى جزيرة الأحلام «السمالية» لتغطية فعاليات «ملتقى 2009» الذي يقيمه «نادي تراث الإمارات» سنوياً في دورتي الشتاء والصيف، تشرفت بلقاء كبارنا من الاستشاريين التراثيين (بن حثبور، بن يعروف، بن يولة، زايد المنصوري) وغيرهم ممن تصدوا لتعريف وتثقيف الطلاب من أبناء الدولة بتراث المنطقة وتاريخ الأجداد عبر فعاليات البيئتين البرية والبحرية. حين لقائي بهم تحدثنا عن التقاليد والعادات الاجتماعية القديمة فأخبروني بحماس وغبطة كيف أنهم عبر ملتقيات النادي ومهرجانات؛ يعملون على تكريس تراث الأجداد في نفوس الطلاب، وتعزيز انتمائهم الوطني. يرى هؤلاء الاستشاريون أن العادات الحميدة لا تزال قائمة -على الرغم من دخولنا الألفية الثالثة- ولم يتنصل الناس من ماضينا وحياة أجدادنا بكل ما فيها من حلو ومرّ، عملاً بالمثل الشعبي الذي يقول «اللي ماله أول ما له تالي». بعد إلحاحي لمعرفة قصة المثل الشعبي ومناسبة قوله، أخبرني أحد الاستشاريين، قائلا: «يروى أن رجلاً مضى فوق فرس يجوب الصحراء، يقتات مما يصادفه من شجيراتها ويلقم الفرس من أعشابها، إلى أن سقط عنها غائباً عن الوعي. ولما صحا وجد نفسه على فراش من صوف الماعز، وثمة من يسقيه حليب النوق ويغطيه، واستمرت الضيافة والرعاية ليومين، بعدها سئل عن قبيلته ودياره، فخشي على الرغم من طيبته، أن يخبرهم عن أصله لئلا يفقد الاهتمام والعناية وحسن الاستقبال، فتنكر لأهله البسطاء الفقراء، وادعى أنه أحد فرسان قبيلة كبيرة مضاربها بعيدة، ويرغب في أن يستمر بينهم، وسيفلح في أي مهمة أو عمل يسندونه إليه. فقال له كبيرهم: سأذكّرك بحادثة وقعت قبل عامين في قبيلتكم مع ولدي ورفيقه، حين قمتَ بنجدتهما من قطّاع طريق أرادوا قتلهما وسلبهما، فأهداك ولدي هذا الفرس الذي تركبه، عرفاناً لك، خاصة أنه لمس مع فقرك وشح مواردك، كم كنت شهماً أصيلاً وطيباً كريماً». شكرت الاستشاري.. فحقاً قيمة الإنسان تكمن في احترامه لتاريخ أجداده وأصله وأهله، فالأجداد على الرغم من قسوة الصحراء وشظف العيش لم يقصروا في إيجاد ما ييسر أمرهم ويعينهم على ظروفهم، وتركوا لنا ما يشهد على صمودهم وصبرهم وكرم أخلاقهم. روعة يونس rawa.younis@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©