الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنزويلا...بعد عشر سنوات من حكم شافيز

فنزويلا...بعد عشر سنوات من حكم شافيز
30 يونيو 2009 00:16
حين تولى شافيز رئاسة فنزويلا عام 1999، كنت متفائلا جداً لأنني كنت من بين الذين شاهدوا عن قرب الانهيار الاقتصادي المأساوي لهذا البلد الغني بالنفط طيلة أكثر من عقد من الزمن، وشعرت على غرار الكثير من الفنزويليين أن ثورة شافيز الموعودة هي الشيء الوحيد الذي يستطيع تغيير أحوال هذا البلد. ولكنني اليوم وبعد مرور عشر سنوات بتُّ أقل تفاؤلا إزاء مستقبل البلاد. فعلى رغم سيطرة شافيز على الأفرع الثلاثة للحكم والأرباح التي تم جنيها خلال الطفرة النفطية من 2003 إلى 2008، فإن سجله ضعيف على نحو لافت؛ حيث يفوق معدل التضخم 30 في المئة في وقت تضاعف فيه معدل جرائم القتل منذ أن وصل إلى الرئاسة، وباتت قلة المواد الغذائية أمراً متكرراً. وبموازاة ذلك، فإن الصحفيين يتلقون التهديدات، وعمال حقوق الإنسان يطردون بشكل جماعي. وخلال الأسابيع الأخيرة، استولى المسؤولون الحكوميون على أصول شركات نفطية أجنبية، وهددوا بإغلاق شبكة «جلوبوفيجن» التلفزيونية الإخبارية المحسوبة على المعارضة. إنها مأساة حقيقية، لأنه لا يوجد سبب لكي لا تنجح الاشتراكية في فنزويلا الغنية بالنفط. والواقع أنها لا تنجح لأن الحكومة قصيرة النظر وفاسدة؛ فإنتاج النفط على سبيل المثال – والذي يعد مصدر الثروة الرئيسي للبلاد وبمثابة الوقود بالنسبة لثورتها الاشتراكية – هو اليوم دون المستويات التي كان عليها حين وصل شافيز إلى السلطة بكثير. وإذا كان الكثير قد قيل عن أوجه التشابه بين شافيز والديكتاتور الكوبي فيديل كاسترو، فإنه من الحكمة ربما، بالنظر إلى العقد الذي قضاه شافيز في السلطة، النظر إلى الاختلافات. فعلى غرار كاسترو، استثمر شافيز كثيراً في الرعاية الصحية ومحاربة الأمية؛ غير أنه إذا كانت الملايين من الناس قد استفادوا من برامج فيديل كاسترو الاجتماعية، فإن برامج شافيز لم يكن لها سوى تأثير محدود لأن ما يحركها في الأساس هي مكاسب سياسية على المدى القصير، وليس هدف تحسين مستوى البلاد على المدى الطويل. فقد استطاع كاسترو في عام 1961 رفع معدلات معرفة القراءة والكتابة في كوبا من 77 إلى 96 في المئة في عام واحد – في إطار برنامج مذهل وظف كل قطاعات المجتمع. ولكن مبادرة شافيز بالمقابل لم ترفع معدلات معرفة القراءة والكتابة سوى بـ1 في المئة فقط – ثم إن معدل معرفة القراءة والكتابة في البلاد كان يبلغ 92 في المئة أصلا، ما يمثل واحداً من أعلى المعدلات في أميركا اللاتينية. ولكن اللافت هو أن البرنامج أُطلق خلال محاولة شافيز الفوز في استفتاء 2004، فترة قدم خلالها هبات مجزية للأشخاص الذين انضموا إلى حزبه السياسي. ولا غرو بالتالي أنه حين فاز في الاستفتاء، أُغلق البرنامج على الفور. وعلاوة على ذلك، فإن مبادرات شافيز الصحية كان دافعها أيضاً الانتهازية السياسية. فإذا كان برنامج الرئيس «باريو أدينترو» قد وفر الرعاية الصحية للفقراء في كثير من المناطق، فإن مناطق أخرى هي اليوم أسوأ حالا من أي وقت مضى. ولعل الدليل القوي والمعبّر أكثر هو حقيقة أنه رغم أن الناتج المحلي الإجمالي لفنزويلا أكبر بأضعاف مضاعفة من نظيره الكوبي، إلا أن معدل وفيات الأطفال في فنزويلا مازال أعلى بثلاث مرات مقارنة مع كوبا. وبالتالي، فمن الواضح أن الثروة الوطنية لا تصل إلى الأشخاص، الذين هم في أمس الحاجة إليها. غير أن البعض جنى الفوائد من حكم شافيز، ويُعرف هؤلاء باسم «البوليجارشية» – والمقصود تلك النخبة الجديدة التي انبثقت عن ثورة شافيز البوليفارية، والذين يسمي أفرادها أنفسهم اشتراكيين، ويملكون مركبات الهامر واليخوت. وعليه، فيمكن القول إن تجاوزات رفاق كاسترو في الحزب الشيوعي الحاكم أثناء الحرب الباردة تبهت مقارنة مع الغنائم التي يغنمها أعضاء «البوليجارشية» في فنزويلا. ثم إنه من الصعب تصديق ما يقوله شافيز من أن «الرأسمالية ستؤدي إلى هلاك البشرية». إن «البوليجارشية» ترمز إلى نفاق اشتراكية شافيز وتُظهر الكم القليل الذي تغير. أما ما حدث في فنزويلا في الواقع، فهو أن نخبة رأسمالية استُبدلت بنخبة شبه اشتراكية تتمتع بثروة البلاد النفطية بينما الجماهير مهمَلة وفقيرة. لقد أعلن شافيز في مناسبات كثيرة أنه يريد حكم البلاد حتى عام 2050 – فترة حكم قد تنافس فترة حكم كاسترو -غير أنه في ظل التعديلات التي أدخلها على الدستور مؤخراً، فإنه لا يوجد ربما ما يمكن أن يوقفه. وبالتالي، فلا يسعنا إلا أن نأمل، من أجل خير الشعب الفنزويلي ومصلحته، أن يجد طريقة ما لخلق المجتمع العادل الذي يزعم أنه أوجده. بريان نيلسون مؤلف كتاب جديد حول محاولة الانقلاب على هوجو شافيز في 2002 بعنوان «الصمت والعقرب» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©