الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة أم درمان ونذر الحرب بين تشاد والسودان

معركة أم درمان ونذر الحرب بين تشاد والسودان
16 مايو 2008 22:59
قطع السودان علاقاته الدبلوماسية يوم الأحد الماضي مع جارته تشاد التي يتهمها بدعم الهجوم الذي شنه متمردو دارفور على العاصمة السودانية الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي· وعلى رغم ضآلة حظوظ نجاح متمردي دارفور في الإطاحة بالنظام السوداني، إلا أن تقدمهم ''يمثل المرة الأولى التي يتمكن فيها أي أحد من نقل الحرب الأهلية إلى عتبة الحكومة (السودانية)، وهو ما يمثل بالتالي انتصاراً دعائياً بشكل أو بآخر، كما يقول ريتشارد كونويل من ''معهد الدراسات الأمنية'' في جنوب إفريقيا· وحسب المراقبين، فإن الخطوة التي أقدمت عليها ''حركة العدالة والمساواة'' المتمردة قد تكشف ضعف وهشاشة الحالة السودانية؛ ولكنها تمنح في الوقت نفسه الخرطومَ سبباً لتكثيف هجماتها في دارفور، هذا إضافة إلى زيادة احتمال اندلاع حرب حدودية بين تشاد والسودان، اللتين تعتقد كل منهما أن الأخرى تستعمل المتمردين كمقاتلين بالوكالة ضدها· وفي هذا السياق يقول صالح محمود عثمان، وهو عضو في البرلمان الدارفوري: ''لقد بدأت الحكومة في استغلال هذا الوضع''، موضحاً أن الخرطوم باتت تتوفر اليوم على الغطاء السياسي الذي تحتاجه لزيادة وتكثيف هجماتها في دارفور وتأخير الانتخابات· وأضاف: ''لقد شرعوا منذ بعض الوقت في إلقاء اللوم على تشاد؛ كما تم اعتقال عدد من الناس؛ ويمكنهم أن يقولوا إن البلد بات تحت تهديد خارجي''· والحقيقة أن الهجوم الذي شنه المتمردون كان مفاجئاً؛ حيث أطلق المئات من متمردي ''حركة العدل والمساواة'' هجومهم صباح يوم السبت الماضي، بعد أن قطعوا أكثر من 965 كيلومتراً من معاقلهم في إقليم دارفور· وردت القوات المسلحة السودانية بالمدفعية والمروحيات الحربية حين اشتد وطيس القتال· ومع حلول صباح الأحد، ظهر الرئيس عمر البشير على التلفزيون الوطني بزي عسكري للإعلان عن صد الهجوم وقطع العلاقات مع تشاد؛ حيث قال في خطابه التلفزيوني: ''هذه القوات هي قوات تشادية بالأساس، مدعومة ومجهزة من تشاد، وقد تحركت من هناك تحت قيادة خليل إبراهيم''، مضيفاً أنه يحتفظ بحق الرد على ''النظام الإجرامي''· يذكر أن خليل إبراهيم، الذي يقود ''حركة العدل والمساواة''، ينتمي إلى قبيلة الزغاوة، وهي القبيلة نفسها التي ينتمي إليها الرئيس التشادي إدريس ديبي· وعلى رغم نفيه تلقي الدعم من تشاد، إلا أن العلاقات بين الجانبين ليست سراً· ففي فبراير الماضي، خفَّ مقاتلو الحركة من دارفور إلى تشاد من أجل حماية ''ديبي'' من المتمردين الذين كانوا يزحفون على العاصمة نجامينا· وفي الوقت نفسه، فإن العلاقات بين الخرطوم والمتمردين التشاديين لا تخفى على أحد أيضاً؛ حيث يستطيع عادة أي زائر لعاصمة غرب دارفور ''الجنينة'' رؤية المتمردين التشاديين يتزودون في سوق المدينة إلى جانب مليشيا الجنجويد والقوات السودانية المتحالفة معهم؛ حيث يميزهم استعمالهم للغة الفرنسية ومركباتهم المميزة عن غيرهم· وحسب أمجد عطا الله، من ''ائتلاف أنقذوا دارفور''، وهو تحالف يضم منظمات إنسانية، فإن الهجوم على أم درمان، إحدى مدن العاصمة المثلثة (الخرطوم)، كان أحدث طلقة في حرب الوكالة هذه إذ يقول: ''يبدو أن هذا -في جزء منه على الأقل- انتقام من دعم حزب المؤتمر الوطني -الحاكم في السودان- للمتمردين في تشاد، والذين كادوا يُسقطون الحكومة هناك في فبراير الماضي''· ولكن، مع بدء موسم الأمطار في دارفور، فإن الهجوم كان أيضاً واحدة من آخر الفرص أمام ''حركة العدل والمساواة'' لتقوية وضعها قبل تراجع نشاطها خلال الأشهر القليلة المقبلة· وقدرت مصادر أمنية، طلبت عدم الكشف عن اسمها، أن المتمردين استعملوا نحو 200 مركبة -مركبات ''بيك- آب'' مزودة بالرشاشات- في رحلتهم التي استغرقت ثلاثة أيام من معاقلهم في منطقة جبل ''مون'' بغرب دارفور· وعبروا إلى شمال دارفور، ثم شمال كردفان سالكين المناطق التي تسيطر عليها قبائل متعاطفـــة مـــع قضيتهم· وعلى طول الطريق كان يعززون قواتهم، قبل أن يقتربوا من الخرطوم من الغرب عبر جارتها التاريخية مدينة (أم درمان)· وقد أخبر سليمان صندل، نائب قوات ''حركة العدل والمساواة''، وكالة الأنباء الفرنسية، بأن قواته كافحت حتى تتأقلم مع متطلبات حرب المدن· وقال صندل، الذي أكد يوم الأحد أنه مازال في أم درمان: ''قواتنا جاءت من دارفور؛ وهذه أول مرة تحارب فيها في المدن؛ والآن نحن بصدد تجميع قواتنا والتفكير بشأن الخطوة المقبلة''· هذا وتشير أحدث إحصائيات للأمم المتحدة إلى أن عدد القتلى في دارفور بلغ 300 ألف شخص منذ أن حمل المتمردون السلاح ضد ما يعتبرونها حكومةً يهيمن عليها العرب في الخرطوم· ولكن على رغم مرور خمس سنوات من عمر هذا النزاع، إلا أنه لم يكن للاقتتال وقع كبير على العاصمة التي تشهد طفرة في البناء بفضل العائدات النفطية؛ حيث شيدت فنادق وبنايات على مقربة من ضفاف نهر النيل· غير أن أحد عمال المساعدات الخارجية، طلب عدم الإفصاح عن اسمه لأنه غير مرخص بالحديث مع وسائل الإعلام، أكد أن الهجوم الأخير غيَّر كل هذه الأمور قائلاً: ''الناس هنا خائفون كثيراً· كان يبدو دائماً كما لو أن الحرب بعيدة عنهم بمئات الأميال -وهو ما كان كذلك بالفعل قبل الهجوم الأخير''· ومن جانبه، يرى ريتشارد كونويل، المشار إليه أعلاه، أن المتمردين، بإثارتهم للخوف في العاصمة، إنما يريدون أن يؤكدوا على حقيقة أن الحكومة منقسمة، وأن المدينة تضم عناصر معارضة من الجنوبيين والدارفوريين؛ والحال أن النتيجة من الأرجح أن تكون ''حملة ضغط من قبل الحكومة'' ضد المعارضة· هذا هو أقوى الاحتمالات· روب كريلي - كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©