الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسرار الحكومة

16 مايو 2008 23:00
أعلنت إدارة بوش مؤخرا أنها ستسمح لمشرعين أميركيين بالاطلاع على الآراء القانونية التي أصدرتها وزارةُ العدل حول برنامج ''وكالة الاستخبارات المركزية'' المثير للجدل والخاص باستنطاق المعتقلين، والتي حُجبت عن الكونجرس حتى الآن· لكن بينما تسمح الإدارة بالاطلاع على هذا القانون السري، لا يسعنا إلا أن نتساءل: ما هي القوانين الأخرى التي مازالت تحتفظ بها طي السرية يا ترى؟ من المسلّمات في نظامنا الديمقراطي أن تكون القوانين متاحة للجمهور حتى يطلع عليها؛ غير أن القانون في هذا البلد لا يتضمن القوانين والتنظيمات فحسب، والتي يمكن للجمهور الاطلاع عليها؛ وإنما يتضمن أيضا التأويلات القانونية الملزمة التي تصدر عن المحاكم والفرع التنفيذي (الإدارة)، والحال أن هذه التأويلات تُحجب بشكل متزايد عن الجمهور وعن الكونجرس أيضاً· ولعل أشهر مثال هو مذكرة وزارة العدل حول التعذيب، والتي كتبها ''جون وو'' وأفرج عنها مؤخرا، وهي في الأساس تفيد بأن الإدارة يمكنها أن تتجاهل القوانين الممررة من قبل الكونجرس· والأكثر إثارة للقلق هو أن ذلك ''الرأي'' القانوني طُبع بخاتم السرية، وأُبقي على محتواه سرياً لسنوات· وكما بتنا نعلم اليوم، لم يكن ينبغي أبدا تصنيف هذه المذكرة ضمن فئة الوثائق السرية على اعتبار أنها لا تحتوي على أي معلومة يمكن أن تهدد الأمن القومي في حال تم الكشف عنها· وهو رأي زكاه المسؤول الذي كان مكلفا بسياسة السرية من 2002 إلى 2007 خلال إدلائه بشهادته أمام مجلس الشيوخ، حيث أفاد بأن تصنيف هذه المذكرة ضمن فئة الوثائق السرية إنما ينم عن ''جهل كبير بمعايير منح صفة السرية أو ازدراء كبير بها''· والأدهى أن المذكرات حول موضوع التعذيب، والتي تم الإفراج عنها أو تسريبها، تشير إلى مجموعة أكبر من القوانين التي لا نعرف عنها أي شيء تقريباً؛ فقد كانت مذكرة ''يوو'' حافلة بالإشارات والإحالات إلى مذكرات أخرى لوزارة العدل لم يُكشف عنها حول مواضيع مثل قدرة الحكومة على اعتقال المواطنين الأميركيين بدون إذن الكونجرس، وقدرة الحكومة على تجاهل التعديل الرابع في العمليات العسكرية الداخلية· وتتضمن مجموعةٌ أخرى من القوانين ''قانونَ مراقبة الاستخبارات الخارجية''، المعروف اختصاراً بـ''فيسا''· ففي ،1978 أنشأ الكونجرس محكمة ''فيسا'' الخاصة للنظر في طلبات الحكومة بالتنصت في التحقيقات الاستخباراتية التي تتم -وينبغي أن تتم- في جلسات غير علنية· غير أنه نظرا للتغيرات التكنولوجية وجهود الإدارة الحالية الرامية إلى توسيع صلاحياتها بخصوص المراقبة، تقوم المحكمة اليوم بأكثر من مجرد النظر في هذه الطلبات؛ حيث تُصدر تأويلات هامة لـ''فيسا'' تشكل قوانين جديدة بالفعل· ويمتد قانون السرية أيضا ليشمل مجموعة أخرى من القوانين؛ مثل التعديلات التي تطال الأوامر التنفيذية· فموقف الإدارة هو أن الرئيس يمكنه ''الامتناع عن فرض تطبيق'' أمر تنفيذي منشور أو ''تعديله'' بدون إشعار الجمهور· والواقع أن من صلاحيات كل رئيس أن يقوم بتعديل الأوامر التنفيذية، غير أن القيام بذلك بدون إشعار الجمهور يعد تغييرا سريا في القانون· لا أحد يشكك في ضرورة أن تحمي الحكومة المعلومات المتعلقة بالمصادر والطرق الاستخباراتية أو تحركات الجنود أو الأنظمة الدفاعية، غير أن ثمة فرقاً كبيراً بين حجب المعلومات حول العمليات العسكرية والاستخباراتية عن الجمهور وبين حجب القانون الذي يحكم الفرع التنفيذي· فالإبقاء على القانون طي السرية لا يساهم في الأمن القومي أو يعززه، وإنما يمنح الحكومة الحرية للعمل بدون مراقبة أو محاسبة· وتأسيسا على ما سلف أقول إن على الكونجرس أن يمرر تشريعا يطالب الإدارة بإشعاره عندما يقوم القانونُ الذي خلقَته آراءُ وزارةِ العدل بتجاهل أو انتهاك القوانينِ التي يمررها الكونجرس، وبإشعار الجمهور عندما تقوم بالتخلي عن أمر تنفيذي منشور أو تعديله· فالكونجرس والجمهور لا ينبغي أن يضطرا للتساؤل حول ما إن كان الفرع التنفيذي يتبع القوانين الموجودة في الكتب، أو قانوناً سرياً آخر· روس فينجولد عضو لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©