فن السفر

رغم أن السفر خلال أشهر الصيف هو دأب الغالبية العظمى من أبناء الوطن، ورغم أن الاستعداد لهذه الرحلات يستغرق وقتاً طويلاً ومالاً أكثر إلا أن الغالبية العظمى ممن يسافرون خلال الصيف تفوتهم فرص طيبة للاستمتاع بالمناطق التي يصلون إليها، بعد قطع آلاف الأميال وانفاق المال والوقت في الوصول لهذه الأماكن، فالحكمة العربية تقول «إن في السفر سبع فوائد» بينها بطبيعة الحال التسوق الذي صار العنوان الرئيسي لهذه الرحلات. فما أن تسأل عائداً من السفر عما أعجبه في البلاد التي زارها إلا ويفاجئك بالأسعار التي لا تقارن بأسعار نفس المنتجات في بلادنا، ويظل يصف في روعة السلع والأشياء التي اشتراها من هذه البلاد، وأنه لو لم تكن في الرحلة سوى فقرة التسوق لما ندم على السفر. لكن هناك العديد من الفوائد الأخرى التي من الممكن أن يجنيها المسافر بينها بطبيعة الحال زيارة المعالم السياحية والتاريخية لهذه الأماكن، التعرف على عادات وتقاليد ولغة هذه البلاد، وتعلم الأشياء الحميدة من أبناء هذا البلد، والتي قد لا تكون منتشرة عندنا، فكلها فوائد عظيمة يمكن الحصول عليها لو فكرنا في إعداد جدول أعمال للرحلة. إن المتتبع لبرامج الأجانب أثناء زياراتهم لبلداننا يكتشف أن هؤلاء الذين قطعوا آلاف الأميال وجاءوا إلى هذه البلاد من أجل عدة أهداف ليس من بينها التسوق الذي نجعله عنواناً لسفرياتنا المتكررة إلى بلدانهم، إنهم يكتشفون بلداننا من جديد بل إنهم أحيانا يعرفون عن هذه البلاد ما لا نعرفه نحن، لا يغادر الواحد منهم أو ينهي رحلته إلا بعد أن يكون قد أنهى برنامجه الذي جاء من أجله. لقد اضطرت شركات تنظيم رحلات السفر إلى تغيير برامجها المعدة سلفاً من أجل تلبية رغبات إخواننا، الذين حولوا السفر من متعة اكتشاف العالم إلى رحلات للتسوق وشراء أشياء قد لا يحتاج إليها الإنسان. إننا مطالبون أن نعيد الاعتبار لهذه الهواية الجميلة التي حولناها إلى روتين لا يقبل التغيير وعلينا أن ندرس كيف كان الآباء يستمتعون بأوقات سفرهم. إبراهيم العسم