الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نتانياهو... تبريرات متهافتة حول الاستيطان

نتانياهو... تبريرات متهافتة حول الاستيطان
30 يونيو 2009 21:38
كأنها نشرة طقس تتكرر باستمرار، حيث تحول الأمر إلى ملمح من الملامح الثابتة في الإعلام الإسرائيلي، إذ لا يكاد يمر يوم دون عرض تقارير تتحدث عن اقتراب حكومة نتانياهو من عقد صفقة مع أوباما لتفادي فرض تجميد كامل على المستوطنات في الضفة الغربية، وعادة ما تكون المصادر مسؤولين حكوميين، أو مصادر أميركية تتكلم بصفة غير رسمية. لكن في جميع تلك التقارير الإعلامية فإن ما يختلف من إشاعة إلى أخرى هو الأسباب التي دفعت إدارة أوباما للتخلي فجأة عن موقفها الرافض للمستوطنات والسماح بمواصلة معدات البناء لعملها؛ فمرة يقولون إن نتانياهو أوضح للإدارة الأميركية أنه لا يستطيع من الناحية القانونية وقف البناء في المستوطنات، ومرة أخرى يشير إلى تمكنه من إقناع أوباما بمسألة «النمو الطبيعي» للمستوطنات القائمة، وأخيراً يقول إن ائتلافه الحكومي معرض للانهيار إن هو أوقف توسيع المستوطنات. والحقيقة أن هذه الأسباب جميعها ليست أكثر من سراب، ومن السهل على الحكومة الأميركية كشف تهافتها إذا أخضعتها للبحث والتقصي. ولنبدأ أولا بالادعاء الذي تورده حكومة نتانياهو بأنها لا تملك السلطة القانونية لوقف المستوطنات ما دامت قد وقعت عقوداً مع المطورين، أو بعدما دفع الناس أموالهم مقابل الحصول على منازل، وهو التبرير الذي ساقه نتانياهو ووزير الدفاع إيهود باراك أمام المبعوث الأميركي، جورج ميتشل، في زيارته الأخيرة خلال الشهر الماضي. لكن بموجب القرارات السابقة للمحكمة العليا في إسرائيل تعتبر أولوية فرض الحكومة لسياساتها في الأراضي الفلسطينية الخاضعة للاحتلال حسب توصيف المحكمة العليا مقدمة على الاستجابة لمصالح المستوطنين والشركات الإسرائيلية، وعندما قامت حكومة إسحاق رابين في العام 1992 بفرض تجميد جزئي على بناء المستوطنات في الضفة الغربية رفضت المحكمة العليا الطعون التي تقدم بها المستوطنون، والأكثر من ذلك أزاحت المحكمة العليا أية شكوك في قراراتها عندما أيدت في العام 2005 سلطة الحكومة والبرلمان بإخلاء المستوطنين من بيوتهم في قطاع غزة. فقد اعتبرت المحكمة العليا أن تحقيق هدف «السلام والأمن والاعتراف الدولي»، يبرر المس بحقوق الملكية الخاصة للمستوطنين طالما أنهم يتلقون التعويضات المالية المناسبة. ولنكن منطقيين فإذا كانت المحكمة ولأسباب ترجع لحماية الدولة سمحت للحكومة بإجلاء المستوطنين من بيوتهم في قطاع غزة التي ظلوا فيها لسنوات، فإنها ستسمح أيضاً للدولة بمنع الإسرائيليين من بناء المنازل، التي لم تستكمل بعد لتبقى المسألة القانونية الوحيدة هي تحديد قيمة التعويضات التي سيتلقاها المستوطنون. ويبدو أن التبرير القانوني الذي يسوقه نتانياهو يأتي على أمل أنه لا أحد في واشنطن يعرف هذه التفاصيل، وبالتي يمكن تمريره على البيت الأبيض بسهولة. أما التبرير الآخر الذي يستند إليه نتانياهو في رفض تجميد الاستيطان، فيتمثل في أن «الكتل الاستيطانية «الكبرى ستبقى في جميع الأحوال تحت سلطة إسرائيل حتى بعد اتفاق السلام، لأنها قريبة من حدود 1967 مثل «معالي أدوميم» في القدس الشرقية، لكن الوضع النهائي لتلك الكتل مازال غامضاً ولم يحدد قط، فضلًا عن الحاجة إلى موافقة الفلسطينيين على وضع تلك الكتل في أي اتفاق قادم. والحقيقة أن هذا الغموض بشأن مستقبل الكتل الاستيطانية هو بالذات ما يدفع الحكومة الإسرائيلية للاستمرار في توسيعها بهدف تكريس وجود المستوطنين في الضفة الغربية، الأمر الذي يجعل من عملية إخلائهم أمراً مستحيلاً. ونفس درجة التهافت تنطبق أيضاً على الادعاء بأن المستوطنات تحتاج إلى «نمو طبيعي»، بحيث يفترض أن يتيح هذا النمو الطبيعي توسع العائلات اليهودية والاستجابة لاحتياجاتهم، والحال أن البديل معروف وهو انتقال المستوطنين إلى داخل إسرائيل بدل الهجرة العكسية باتجاه الأراضي الفلسطينية، والتي تتم بتشجيع حكومي واضح. ولا شك أن الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتانياهو معرض للانهيار إذا توقف عن دعم المستوطنات وإذا انتقل من المساندة الشفهية لقيام الدولة الفلسطينية إلى تحرك دبلوماسي حقيقي في هذا الاتجاه، لكن الائتلاف اليميني الحالي هو من اختيار نتانياهو ولم يفرض عليه بعدما فشل في الاتفاق مع زعيمة حزب «كاديما» تسيبي ليفني بسبب عدم استعداد نتانياهو لتبني حل الدولتين. ويمكن دائماً لرئيس الوزراء تغيير رأيه والتحالف مجدداً مع «كاديما» فليس غريباً في ظل الديمقراطيات التعددية والبرلمانية أن يُجرى تغيير حكومي بين الفينة والأخرى، وحتى لو كانت ليفني نفسها ترفض تجميداً دائماً للمستوطنات، فإنها على الأقل ستفرض وقفاً محدداً على توسيع المستوطنات ما دام هدفها هو الاستمرار في العملية الدبلوماسية. بيد أن نتانياهو الذي يصر على مواقفه الأيديولوجية المتطرفة المطالبة بالحفاظ على أكبر قدر من الأراضي تحت السيطرة الإسرائيلية من خلال تشجيع الاستيطان وغض الطرف عنه لن يوافق على ائتلاف حكومي جديد يضم تسيبي ليفني. ولئن كان نتانياهو وأوباما يتفقان معاً على أن بناء المستوطنات يقف في وجه الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والوصول إلى اتفاق يقوم على حل الدولتين، إلا أنهما يختلفان حول ما إذا كان هذا الحل جيداً، أم لا ليبقى السؤال النهائي ما إذا كانت إدارة أوباما ستستسلم لنتانياهو أم أنها ستتمسك بموقفها الحازم من الاستيطان باعتباره خطوة لا بد منها لبلوغ السلام. جيرشوم جورينبورج مراسل مجلة «أميركان بروسبكت» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©