الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمن المحلي في الريف الأفغاني

5 مارس 2011 23:09
يعتقد حاجي عساف، وكان يتحدث بينما تحيط به مجموعة من رجال قبيلته المسلحين ببنادق AK-47، أن عناصر حركة "طالبان" سوف يقتلونه متى ما سنحت لهم الفرصة. فزعيم هذه القرية يتعاون مع قوات المارينز التي تتولى صرف رواتب رجاله البالغ عددهم نحو 60 مسلحاً، يتقاضى كل واحد منهم 150 دولاراً في الشهر مقابل حراسة هذه المنطقة الفلاحية الواقعة في الجنوب الأفغاني. كما ينصح عساف حلفاءه الأميركيين فيما يتعلق بأي الطرق والمعابر التي يجب عليهم إغلاقها لمنع أعمال التهريب، وأين يتعين على الأميركيين بناء المدارس الجديدة في منطقته. ويرى "عساف" أن هذه المدارس يجب أن تبنى كل واحدة منها في مسافة لا تبعد ثلاثة أميال عن القرية، وإلا سوف لن يأتي إليها التلاميذ والطلاب إن كانت بعيدة جداً من منازل ذويهم. وبسبب المخاوف من انتقام مقاتلي "طالبان"، فقد عمد المواطنون في هذه المناطق والقرى الريفية إلى ألا يُرى أحدُهم برفقة الأميركيين أو بالقرب منهم حتى وقت قريب جداً. غير أن أعداداً متزايدة من سكان الريف الجنوبي الأفغاني بدأت تتعاون مع جنود المارينز في مجال حراسة المناطق والقرى المجاورة، مقابل دخل شهري ثابت يخصصه لهم الجيش الأميركي هناك. وتقول قوات المارينز إنها نجحت في استقطاب الأهالي أنفسهم في دوريات حراسة القرى والمناطق القريبة منهم، تحت قيادة قائد الشرطة المحلية، في استعادة قدر من هيبة الحكومة وسيطرتها على مناطق كانت تعد خارجة على القانون حتى وقت قريب. ووصف قادة في المارينز هذه الخطوة بالبطء، غير أنها ضرورية من أجل الخروج النهائي لقوات التحالف الدولي من أفغانستان، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. ذلك ما عبر عنه الكولونيل ديفيد فيرنس، قائد فريق قوات المارينز المقاتلة، الذي يشرف على العمليات الأمنية في هذه المنطقة، بقوله إنهم لا ينوون التسرع في نشر هذه الاستراتيجية على امتداد الجنوب الأفغاني، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خسارة الجهد كله في نهاية المطاف. ولا شك أن رغبة قادة وزعماء محليين بارزين مثل حاجي عساف في التعاون مع المارينز، تعد أمراً إيجابياً في سياق مبادرة طموحة أطلقتها قوات المارينز منذ العام الماضي، بيد أنها تعثرت على مستوى التنفيذ نوعاً ما. وكانت القوات الأميركية والأفغانية قد شنت هجوماً واسع النطاق في شهر فبراير من العام الماضي، في إطار عملية "مشترك" التي شاركت فيها قوة مؤلفة من 15 ألف جندي، بهدف وضع حد لاستمرار هيمنة "طالبان" على هذه المنطقة التي تنتشر فيها مزارع الخشخاش وتهريب المخدرات لمدة عامين كاملين. وكان الجنرال ستانلي ماكريستال، قائد قوات التحالف الدولي حينها، قد أمل في أن يتمكن من استعادة سيطرة الحكم المحلي إلى الريف الجنوبي، حتى يكون ذلك نموذجاً يحتذى في تسريع التحول الأمني في باقي أنحاء أفغانستان. بيد أن تلك الجهود تعثرت ولم تثمر منذ مراحلها المبكرة. فقد تبين أن الحاكم المحلي للمنطقة، الذي عينته القوات الأميركية مبدئياً، كان قد اعتقل سابقاً في ألمانيا في اتهامات لها صلة بالشروع في القتل. وفي الوقت نفسه استمرت أحداث إطلاق نيران البنادق والتفجيرات وغيرها من الأعمال التي تهدد الأمن طوال موسم الصيف الماضي، بمعدل 35 حادثاً يومياً. وعندها قال ماكريستال، محدثاً بعض زملائه العسكريين، إن منطقة مرجة التي يزيد عدد سكانها على 75 ألفاً، قد اشتهرت بأنها "قرحة نازفة" باستمرار. لكن إثر تطبيق هذه الاستراتيجية الجديدة التي تستهدف استقطاب الأهالي أنفسهم لحراسة قراهم والقرى المجاورة لهم، انخفض معدل الهجمات إلى حوالي 10 يومياً، بينما ذكر زعماء محليون وقادة عسكريون في الجيش الأميركي في المنطقة، أن ثقة الأهالي بدأت تزداد كثيراً في قوات المارينز، وكذلك في قوات الشرطة والجيش الأفغانيين. وفي الاتجاه نفسه، ذكر مسؤولون أفغان وأميركيون أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر سبتمبر المنصرم كانت نقطة تحول كبيرة في الأداء الأمني في منطقة مرجة. ذلك أن قوات الشرطة الأفغانية والجيش الأميركي اتفقا على وضع خطة أمنية لحماية مراكز الاقتراع ضد أي هجمات محتملة من قبل عناصر "طالبان". وبالفعل نجحت تلك الخطة في تمرير العملية الانتخابية بسلام، دون تعرضها لأي هجمات في يوم الاقتراع. وتمكن نحو 953 ناخباً من جملة الناخبين المسجلين البالغ عدهم 1300 ناخب من الادلاء بأصواتهم، على عكس الهجمات التي تعرض لها ناخبو المنطقة أثناء الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2009، حيث لم يتمكن أي من الناخبين من التصويت بسبب خضوع المنطقة التام لسيطرة مسلحي "طالبان" في ذلك الوقت. وعقب تلك الانتخابات مباشرة، ازداد إقبال مواطني المنطقة على الالتحاق بـ"برنامج الرقابة الأمنية المؤقتة على مشاريع البنية التحتية الحيوية" الذي أطلقته قوات المارينز هناك. وبحلول نهاية شهر يناير الماضي، تمت تغطية 28 من جملة 40 قرية من القرى المجاورة لمرجة بدوريات المليشيات المحلية المسلحة هذه. ويجدر بالذكر أن هذه القرى الريفية قد قُسمت تقسيماً دقيقاً في شكل مستطيلات زراعية تتخللها قنوات الري التي بنتها الوكالة الأميركية للتنمية العالمية منذ عدة عقود. هذا ويشرف على البرنامج الأمني المذكور غلام وائل رئيس شرطة مرجة، وهو الذي يتولى كذلك مهمة تجنيد واستقطاب الأهالي لفرق الدوريات الأمنية وتسليح أفرادها بالأسلحة المصادرة من مقاتلي حركة "طالبان". جوش بوك - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©