الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل ضد كوبا وفنزويلا

23 مايو 2016 22:47
عندما قرأت لأول مرة أن كوبا وفنزويلا تقودان هجوماً دبلوماسياً ضد البرازيل عقب الإطاحة الدستورية بالرئيسة اليسارية ديلما روسيف وانتقال السلطة إلى الرئيس المؤقت «ميشال تامر»، كان الانطباع الأول لدي هو أن هذه مزحة. ومن المفارقات بالتأكيد أن كوبا -التي لم يسمح بإجراء انتخابات حرة أو وجود صحيفة مستقلة واحدة خلال أكثر من خمسة عقود- تنتقد ديمقراطية البرازيل فيما يتعلق بوقف روسيف من خلال سلسلة من الإجراءات التي اتخذها الكونجرس في التزام صارم بالدستور البرازيلي. ولعل من المفارقة أيضاً أن فنزويلا، التي تعرضت لانتقادات بسبب رفضها قبول قوانين الجمعية الوطنية التي تسيطر عليها المعارضة، وسجن قادة المعارضة، تزعم، على رغم جميع الأدلة، أن تعليق رئاسة روسيف كان «انقلاباً يمينياً». ولكن، في الواقع، فقد ذكرت قصة نشرت في صحيفة البرازيل اليومية «أو استادو دي ساو باولو» أن «كوبا تقود حملة ضد البرازيل»، مستشهدة برسالة بريد إلكتروني أرسلتها بعثة كوبا في الأمم المتحدة في جنيف إلى أكثر من عشر مؤسسات دولية للاحتجاج ضد ما يزعم أنه «انقلاب تشريعي وقضائي في البرازيل». وبعد ساعات، أصدرت وزارة الخارجية في البرازيل بياناً قوياً يستنكر «بشكل قاطع» بيانات كوبا وفنزويلا والإكوادور ونيكاراجوا «التي سمحت لنفسها بإبداء الرأي ونشر الأكاذيب». وبدافع من الفضول بشأن الخلاف بين حكومة البرازيل الجديدة والأنظمة اليسارية التي كانت قريبة من الرئيسة روسيف، أجريت اتصالاً مع الرئيس البرازيلي السابق فيرناندو هنريك كاردوسو، مهندس الازدهار الذي شهدته البرازيل في العقود الأخيرة وهو واحد من أكثر الرؤساء السابقين احتراماً في أميركا اللاتينية. وبسؤاله عما وراء تنديدات كوبا وحلفائها بحدوث «انقلاب» في البرازيل، قال كاردوسو لي إن هذه على الأرجح خطوة دفاعية، ولعلها تكون بدافع من الخوف. وأضاف: «انظر، إما أنه ليست لديهم فكرة عما يحدث في البرازيل، أو أن لديهم فكرة جيدة جداً، وأنهم يشعرون بالخوف». وقال إن ثلثي أعضاء الكونجرس البرازيلي -بما في ذلك جزء كبير من أعضاء تحالف روسيف- صوتوا لمصلحة عزلها في عملية دستورية تتمتع بدعم شعبي على نطاق واسع. وذكر الرئيس البرازيلي السابق: «أنه على الأرجح رد فعل استباقي من قبل فنزويلا وكوبا ودول أخرى، خوفاً من أن تتغير الأمور كثيراً» في ظل الحكومة الجديدة، مشيراً إلى تحول «تامر» المتوقع عن التأييد القوي للحكومة السابقة للأنظمة اليسارية في جميع أنحاء العالم. وأضاف الرئيس السابق كاردوسو أن كوبا وفنزويلا تدعمان رواية روسيف بحدوث «انقلاب» مزعوم في البرازيل، وهي تسعى إلى إلقاء اللوم في سقوطها على مؤامرة يمينية مزعومة، بدلاً من فشل حكومتها، وفشلها الإداري وفسادها المستشري. وأوضح كاردوسو أنها «وسيلة لتحويل الانتباه عن الحقيقة ولكي تقول: لقد تم خلعنا من قبل يمينيين». وأكد كاردوسو، وهو قريب من الحكومة الجديدة، أن كوبا وحلفاءها «ليس لديهم ما يخشونه فيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية أو التجارية، باستثناء موقف برازيلي أكثر حزماً في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء نصف الكرة الأرضي». وقال إن وزير الخارجية البرازيلي الجديد «خوسيه سيرا» هو ديمقراطي تقدمي أجبر على البقاء في المنفى خلال حقبة الديكتاتورية العسكرية في البرازيل خلال ستينيات القرن الماضي. وأضاف كاردوسو أن «سيرا» سيرد بقوة «على هؤلاء الذين يحاولون التدخل في الشؤون الداخلية للبرازيل دون دراية بالحقائق، ودعماً لفصيل واحد. وهذا أمر غير مقبول». وذكر كاردوسو أن «حكومة البرازيل الجديدة ستتبنى موقفاً أكثر حزماً» فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية في المنطقة، في خط سياسي مختلف عن خط إدارة روسيف. وأضاف «إنها لن تقبل أوضاع الاعتداءات على الديمقراطية التي فشلت (الحكومة السابقة) في التحدث بصددها علناً». وبسؤاله عما إذا كانت حكومة «تامر» ستدعم طلب المعارضة الفنزويلية بأن تستشهد منظمة الدول الأميركية بميثاقها الديمقراطي ضد النظام الفنزويلي، قال لي كاردوسو: «دون أدنى شك، فإن حكومة البرازيل، على حد علمي، ستكون أكثر تأييداً لاستخدام الميثاق الديمقراطي». ومن جانبي، أرى أنه لم يكن هناك انقلاب من أي نوع في البرازيل، بل جرى تعليق قانوني مثالي لعمل رئيسة من خلال عملية إقالة، تشبه إلى حد كبير تلك التي نفذت ضد الرئيس البرازيلي السابق فيرناندو كولور دي ميللو في عام 1992. والأمر غير الملائم حقاً في هذا الصراع الدبلوماسي بين البرازيل وكوبا هو أن بعض أعضاء المجتمع الدولي -وإن كانوا لحسن الحظ قليلين- ينصتون إلى محاضرات كوبا وفنزويلا عن الديمقراطية البرازيلية! إن المشكلة ليست في البرازيل، التي لم تنتهك سيادة القانون، بل في كوبا وفنزويلا، اللتين تفعلان ذلك يومياً حسب ما أعتقد. * كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©