الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الجو جيتسو.. مصنع الرجال.. ومدرســـة التربية الأخلاقية

الجو جيتسو.. مصنع الرجال.. ومدرســـة التربية الأخلاقية
14 ابريل 2017 14:54
فن الترويض.. مشروع وطن إعداد- أمين الدوبلي في سجلات الرياضة العربية هناك القليل من الإشراقات على المستويات العالمية.. والكثير من التحديات.. وهناك تجارب بدأت ولم تكتمل، وتجارب أخرى ظهرت ولم تنضج، ومحاولات انطلقت مبكراً نحو الصدارة، لكنها لم تحافظ على قوتها الدافعة.. الأمثلة كثيرة، والسطور طويلة، والصفحات بالمئات في كتاب «الشهد والدموع» عن رياضتنا العربية. ولكن من بين تلك الصفحات، وهذه السطور، تبرز أمامنا تجربة جديدة وفريدة من نوعها عن لعبة الجو جيتسو أو ما يطلق عليها «فن الترويض»، فقد انطلقت مشرقة في العقد الأول من الألفية الثانية، ومع كل يوم تزداد إشراقاً وتوهجاً وبهاءً، وتكسب أرضاً جديدة، وتدخل في جذور الحياة اليومية للأسر والعائلات، وترسي قيماً وتعلي أخلاقيات، تحت شعار واضح وهو المساهمة في بناء جيل جديد. في الإمارات مشروع الجو جيتسو ليس مجرد رياضة، لكنه ثقافة وبناء، وقيم وولاء، ومتعة وانضباط وإنجازات، وصدارة قارية، وذهبيات عالمية، وإدارة احترافية، وبرامج مدرسية. في الإمارات الجو جيتسو أصبح حياة.. النجاحات متلاحقة في أوقات قياسية، وقمة الهرم العالمي هي الهدف الواضح، وكلمة المستحيل ليس لها وجود، إن ما يصنعه مشروع الجو جيتسو في الرياضة العربية يتوقف أمامه التاريخ طويلاً بالفحص والدرس، لأنه يقدم تجربة مضيئة متلألئة في أرض المبادرات والإبداع، ويحافظ على انطلاقته نحو القمة بمعدلات يعجز أمامها الآخرون في الداخل والخارج. أبوظبي (الاتحاد) إذا كان الاتحاد والمدرسة ضلعان رئيسيان في مثلث إبداع «تجربة الجو جيتسو.. وعاصمة التحدي»، فإن الضلع الثالث والذي لا يقل في أهميته أبداً هو الأسرة التي اختارت لأبنائها تلك الرياضة من بين كل الرياضات، ووقفت خلفهم للوفاء بمتطلباتها، فالأب يضحي ببعض من وقته لنقل أبنائه إلى مكان التدريب، والأم تبذل كل ما تستطيع من جهد حتى ينجح الأبناء في تحقيق التوازن بين التركيز في الدراسة والرياضة. لكن لماذا اختارت الأسرة لأبنائها «فن الترويض»؟ وما أسبابهم ودوافعهم في هذا الاختيار لرياضة قتالية؟ ولماذا اتسعت رقعة الممارسين لتلك اللعبة إلى 100 ألف لاعب ولاعبة في أقل من 10 سنوات، وهو رقم يفوق الخيال؟ وما الجوانب الإيجابية في تلك الرياضة وتأثيراتها على سلوك وتصرفات وشخصية الأجيال الجديدة؟ كل هذه الأسئلة شكلت محور الاهتمام في الحلقة الرابعة من تحقيقنا، وسوف نترك المجال للأسرة والأبناء أنفسهم كي يجيبوا عليها، لعلنا نكتشف زاوية جديدة من زوايا التميز في تلك التجربة الفريدة. في البداية يقول عبدالغني عبد الرحمن آل علي من أم القيوين، أن لديه ولدين وبنتاً يمارسون لعبة الجو جيتسو، ويشاركون في البطولات المختلفة التي تقام لفئاتهم العمرية التي تتراوح بين 6 و10 سنوات، مضيفاً لعبة الجو جيتسو تنطوي على الكثير من الإيجابيات، ولهذا اختارها الآباء وأحبها الأبناء، ولما أدخلها ولاة الأمر إلى المؤسسات العزيزة علينا مثل الجيش والشرطة، وقال «أنا شخصياً ومن خلال متابعاتي لتدريبات أبنائي، تأكدت أن هذه الرياضية دفاعية، لا تؤذي أحداً، ولا يعتدي منتسبوها على أحد، بل إنهم يدافعون عن أنفسهم في مواجهة أي اعتداء». وقال «أبنائي يتدربون 3 مرات أسبوعياً بمركز عجمان، وأنا من أقوم بتوصيلهم يومياً إلى عجمان قاطعاً 40 كلم ذهاباً ومثلها في العودة، وأنتظرهم حتى ينتهوا من حصتهم التدريبية، لأننا لا نملك مركزاً في أم القيوين، وأؤكد أن ممارستهم لتلك الرياضة لم تؤثر أبداً بالسلب عليهم في الدراسة، لأن الدراسة لها اهتمامها، والرياضة لها اهتمام آخر، كما أن المدرب نفسه يقلل أيام التدريبات خلال الامتحانات، ويزيدها خلال الإجازات الرسمية، وواصل «أخذت وقتي في اختيار تلك الرياضة والحكم عليها لأنه ليس من السهل أن تختار نوعية الرياضة المناسبة لابنك، واليوم حضرت إلى صالة آيبيك أرينا كي أدعم أبنائي وأقف خلفهم في النزالات، وقد احتفلنا بفوز ولدي عمران بالفضية، وراشد بالذهبية، وسوف يكونون أبطالاً في المستقبل مثل فيصل الكتبي ويحيى الحمادي، ولن أتخلى عنهما في أي وقت حتى يصلوا لهذه المكانة، وحتى يرفعوا علم الدولة في كل المحافل، خصوصاً أن الجو جيتسو يعلم الأبناء كيف يكونون متواضعين، وكيف يتعاملون مع الآخرين بمن فيهم المنافسون باحترام وود. ويقول درويش الشحي إنه يملك 3 أبناء يمارسون الجو جيتسو هم محمد وسيف وعبدالله وكلهم يدرسون في مدرسة البطين بأبوظبي، وتتراوح أعمارهم بين 4 و8 سنوات، وأنه اختار لهم تلك الرياضة لسبب رئيسي هو حبهم لتلك اللعبة التي عشقوها في نادي الوحدة، وأكد أن أكبر فائدة من تلك الرياضة هو استيعاب أبنائه للقدرة على التكيف المجتمعي السريع. وقال «الرياضة مهمة في حياة الأبناء، والأمر يزداد عندما تعلمهم تلك الرياضة الاحترام والتعامل بود مع الآخرين، حتى ولو كانوا منافسين، وتساعدهم في الاعتماد على أنفسهم، والقدرة على التركيز والشجاعة في اتخاذ القرار، وتبعدهم عن الكثير من آفات العصر مثل أمراض التكنولوجيا الحديثة، والأمراض الناتجة عن الكسل والخمول». وعندما انتقلنا إلى أحد الأبناء الصغار وهو زايد سيف الدرمكي الذي يبلغ من العمر 8 سنوات وسألناه عن سبب اختيار الجو جيتسو كرياضة مفضلة قال: «أحببتها من المدرسة ومن المدرب، وعندما رأيت زملائي يمارسونها ويبرعون فيها، لم أتردد لحظة في الذهاب إليها حتى أهزمهم وأستطيع الدفاع عن نفسي، وحتى أكون بطلاً». وقال «عالمية أبوظبي التاسعة هي المرة الأولى التي أشارك فيها ببطولة بهذا الحجم، وفزت بالذهب لأنني هزمت كل المنافسين، ولأنني كنت أتدرب بقوة في المرحلة الأخيرة 4 مرات أسبوعياً، وطبقت تعليمات المدرب التي طلبها مني، حيث إنني لم أترك فرصة للمنافس في الحصول على النقاط، وكنت أبدأ بالهجوم دائماً»، وأضاف «تعلمت ذلك في مدرسة النهيانية بالعين، وأهدي الميدالية الذهبية إلى والدي ووالدتي ولوطني وقادته». الحوسني: وقت أسرتي أنشودة في حب اللعبة أبوظبي (الاتحاد) إبراهيم الحوسني، لاعب منتخبنا الوطني الأول في الحزام البني، ومدرب الجو جيتسو في مركز عجمان وولي أمر 3 لاعبين ولاعبة كلهم يمارسون لعبة الجو جيتسو، كان من المهم أن نأخذ رأيه في هذه الحلقة، كونه يجمع بين كل العناصر المرتبطة بتلك الرياضة، وهي التدريب والتحكيم والأبوة، والمسؤولية الإدارية أيضاً عن المركز، وقد أكد أن مركزه يشارك في عالمية أبوظبي بـ 77 لاعباً ولاعبة، وأنه فخور بنتائجهم جميعاً؛ لأن مركزه يتصدر كل المراكز في الإنجازات، وما يجعله أسطورة يقوم بكل الأدوار كمدرب وحكم ولاعب في نفس الوقت، لأنه يعشق «فن الترويض» ويحب أن يقضي كل وقته فيها، حتى وقت الأسرة فقد تحول لأنشودة في حب تلك الرياضة. ويقول الحوسني: سلطان ابني 11 سنة، وفاطمة 9، وعبدالله 8 سنوات، ومايد 5 سنوات، وكلهم يمارسون رياضة الجو جيتسو، وكلهم فازوا في المهرجان وحصدوا الميداليات، وأنا فخور بهم، واعتبر أن كل المتدربين والمتدربات عندي في المركز أبنائي وبناتي، ولكن ولدي مايد له قصة غريبة مع الجو جيتسو، حيث إنه أصغر لاعب في الدولة يمارس تلك الرياضة، إذ بدأ ممارستها وعمره عامان ونصف، والآن يملك حركات مميزة يؤديها بتكنيك عال جداً، وأبنائي يتدربون كل يوم باستثناء الجمعة. وعما إذا كان قد أثر على أبنائه في اختيار تلك الرياضة بعينها، باعتباره لاعباً دولياً ومدرباً قال: بالعكس تركت لهم الحرية كاملة في اختيار ما يحبونه، فأنا حريص على أن تكون لكل منهم شخصيته المستقلة، وأعرف أن الجو جيتسو تعلمهم كيف يكونون أقوياء في تحمل أعباء الحياة، وأقول من خلال تجربة طويلة أن هناك فائدة إضافية لم يتحدث عنها أحد لممارسة رياضة الجو جيتسو، وهي أنها وسيلة لعلاج المشاكل بالهروب منها بشكل إيجابي، ووسيلة أيضاً للتخلص من الهموم، وفرصة للنجاح والشهرة والتميز، لأن كل من يبرز فيها يجد من يهتم به، ويدعم مساعيه بكل احترافي حتى يصل إلى العالمية، وأبرز مثال هو تجربتي أنا مع تلك الرياضة، فبعد أن كان لا يشعر بي أحد، أصبحت ملء السمع والبصر كلاعب دولي، ومدرب وحكم، وأنا أفخر بذلك، وأعتز بأن أكون عضواً في المنتخب الوطني لرياضة يحبها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأن أمثل البلاد في كل المحافل. وأضاف: من خلال تجربتي كمدرب أقول أيضاً، إن الفتيات أكثر ذكاء من البنين في الجو جيتسو ومهارتهن وتقنياتهن الفنية، لأنهن يعتمدن على الذكاء أكثر من القوة في تأدية الحركات، فيما يعتمد الفتيان على القوة أكثر من الذكاء، ولذلك فإن مستوى البنات يتطور أسرع، فهن يتعلمن الحركات ويؤدينها أسرع من البنين. المرزوقي: تملك القدرة على تحقيق التوازن أبوظبي(الاتحاد) قال الدكتور جاسم المرزوقي المتخصص في العلاج النفسي، وأحد الآباء الذين يدعمون أبناءهم في ممارسة رياضة الجو جيتسو، والذي التقيناه خلال وجوده مع أبنائه في المنافسات بصالة أيبيك أرينا، أنه ومن منطلق تخصصه في الدراسات والعلوم النفسية يستطيع أن يؤكد أن تلك الرياضة لديها قدرة غريبة في تحقيق التوازن النفسي لدى ممارسيها، والانضباط السلوكي أيضا، فهي لديها انعكاسات على الشخصية من خلال ضوابطها وقوانينها ولوائحها، وبالتالي تؤثر على المنظومة السلوكية، وتسهم في تصويب مسار التربية لدى الأطفال والممارسين في المراحل السنية الأولى. وقال: ما أعجبني في الجو جيتسو، وجعلني أميل إليها لترشيحها لأبنائي، أنها تعتمد على مبادئ أخلاقية كثيرة، منها احترام المنافس، والتحمل، كما أنها تقوم على مبدأ الدفاع على النفس لرد العدوان أكثر من مبدأ الهجوم على الطرف الآخر، فضلاً عن أنها تبقى رياضة تقوي الجسد، وتساعد في رفع قدرات الصبر والتحمل، وأبنائي يحبوها جداً، ومن خلال تجربتي أجد أن أبنائي حافظوا على تفوقهم الدراسي بنفس الدرجة، عندما انضموا لتلك الرياضة، ولم يتأثروا سلبا بتخصيص بعض الوقت لها، بل كانت دافعاً لتحميسهم وتغيير حالتهم النفسية لتقبل ضغوط الدراسة وتحملها، وأنا سعيد بتلك التجربة لأنهم يحبون مدربهم أيضا، ويقتدون بسلوكياته المميزة. وتابع: أبنائي ثلاثة يمارسون الجو جيتسو، وأعمارهم 8 و10 و12 عاماً، وقد تحولوا من الكاراتيه إلى الجو جيتسو منذ 3 سنوات، ومنذ هذا التاريخ والثقة بالنفس تتصاعد لديهم، خصوصاً عندما يتوجون مرة بعد أخرى بالميداليات، وأنا أقول بأن اتحاد الجو جيتسو وجديته في تطبيق برامجه ودوره المميز في الرقابة والمتابعة، شجعني أكثر ومنحني ثقة أكبر في دعم أبنائي، وهو في النهاية اتحاد مختلف، ندرك أنه يعمل من أجل المساهمة في بناء جيل جديد، ويركز على الجوانب الأخلاقية والصحية، ويحرص على اختيار المدربين المميزين أخلاقياً وتربوياً ونفسياً واجتماعياً، ومن خلال حضوري في أغلب حصص التدريب أجد أن المدرب يعتمد على عناصر تربوية وتوعوية في مكونات التدريبات وطرق توصيل المعلومات إليهم، وبناء عليه فأنا أحيي القائمين على تلك الرياضة لاهتمامهم بهذه الجوانب. المزروعي: حل لاستغلال طاقات الشباب أبوظبي (الاتحاد) يقول الرائد عتيق بطي المزروعي أحد أولياء الأمور، إن ولديه يمارسان الجو جيتسو، ويحرص على وجوده خلفهم في المدرجات لمؤازرتهم في النزالات، ومتابعتهم في التدريبات والاستعدادات، مشيراً إلى أن رياضة الجو جيتسو كانت حلًا نموذجياً للكثير من الأسر التي بحثت عن وسيلة لقضاء وقت فراغ أبنائهم بشكل إيجابي يستوعب طاقاتهم، ويوجهها في الاتجاه الصحيح، ويحسن سلوكهم للأفضل. وقال: أعمار أبنائي 8 و5 سنوات، وأنا الذي اخترت لهما تلك الرياضة لأنها مفيدة في كل الجوانب، وأنا أعترف بأنني اتخذت هذا القرار لإشغالهم بعيد عن الهواتف والأجهزة اللوحية التكنولوجية فقط، ولم أكن أعلم بأنهم سيتعلقون بها بهذا الشكل، وأنا أيضاً تعلقت بتلك الرياضة لتعلقهم بها، وأنا كنت أمارس رياضات قتالية في السابق، والبنية البدينة لأبنائي أصبحت أفضل مع ممارستهم للجو جيتسو، كما أن الانضباط أصبح أكبر، والجدية أكثر، والصبر والتحمل والثقة بالنفس كلها عناصر تؤصلها تلك اللعبة، كما أنها تعلم الأبناء كيف يدافعون عن أنفسهم، وكيف يختلطون ويتعاملون مع المجتمع المحيط بنجاح. وتابع: عندما اخترت تلك الرياضة لأبنائي كان أحدهما يحب الجو جيتسو، والثاني في شك من أمره يتدرب فقط، ولكن بمرور الوقت نجح المدرب في إقناع الثاني للجو جيتسو، وجعله ينتظر التدريب كل يوم، لأن أبنائي يتدربون على مدار الأسبوع حتى يومي الخميس والجمعة، لأنهما أصبحا يعشقان الدفاع عن النفس والزي الخاص بتلك الرياضة. وعن نتائجهم في النزالات قال: في عالمية العام الماضي فاز أحد أبنائي بالذهب ونال الثاني فضية، والمشهد تكرر للمرة الثانية في النسخة الحالية، فمن فاز بالذهب أضاف ذهبية جديدة، ومن حصل على الفضية كرر الأمر ذاته بالثانية، في وزني 27 و19 كجم، وكلاهما يعرف القوانين والحركات الخاصة باللعبة، وأنا مندهش للصغير ومن قدراته المهارية في أداء الحركات، واشهد أن الجو جيتسو لا تؤثر عليهم إلا بالإيجاب في الدراسة والتحصيل العلمي، والأهم من ذلك أنها شغلت أوقاتهم في أمور مفيدة، ونظمت أوقاتهم بشكل ينعكس عليهم بالصحة والسلامة والتوازن النفسي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©