الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخدعة الكبرى

17 ابريل 2010 21:40
أعثر يومياً على دلائل تؤكد أن مشكلة عزوف القراء عن الكتب والصحافة، ليس إلا خدعة كبرى نتجت عن انفعال بعض الناقمين والبكائين، ثم تلقّفتها جيوش المحبطين والبائسين لتنتقل إلى الأكثرية الساحقة حتى راح الجميع، بمن فيهم الأكثر نهماً للقراءة، يشتركون من دون وعي في حفلة ترويجها المخيف. ومن المثير أكثر، اعتقاد البعض بأن “العزوف” هذا استفحل بسبب العصر الإلكتروني والإنترنت وثورة المعلومات. في حين أن بعض التأمل يؤكد أن الأجيال الطالعة من رحم استهلاك التكنولوجيا الجديدة هي الأكثر مطالعة عبر التاريخ، فأدوات القراءة والكتابة الإلكترونية والرقمية تحاصرها وتستفزها من كل حدب وصوب وتشجعها أو تجبرها على القراءة والكتابة ولو من دون ورق وحبر وقلم. أما عن المطالعة للكتب والصحف الورقية فثمة أيضاً ما ينفي تلك الخدعة. فالحضارات الأكثر عهداً وإقبالا على التكنولوجيا الإلكترونية والرقمية تشهد يومياً ما يكفي من الوقائع أن العصر الجديد لم يلغ هذه أو تلك، بل ربما زاد من أهميتهما. يكفي مثلاً ذكر التغطية الواسعة في وكالات وصحف عالمية تتحدث عن مشكلة ناشئة بشأن كتاب يحكي قصة محرك البحث الشهير Goggle لمؤلفه الأميركي كين أوليتا (Ken Auletta)؛ فالترجمة الصينية للكتاب شارفت على الصدور، في حين أن السلطات الصينية كانت منعت الصحف مؤخراً نشر أي شيء يتعلق بـ Goggle نتيجة خلافهما الذي أسفر عن نقل الأخيرة مقر فرعها الصيني إلى هونج كونج بعيدا عن رقابة بكين. أدى ذلك إلى قلق الجهة صاحبة حقوق النسخة الصينية للكتاب على مصير حملته التسويقية ومصير الحملة الدعائية المفترضة لجولة مؤلف الكتاب في المدن الصينية، هذا المأزق الجديد من نوعه جعل أطرافاً كثيرة تتحرك لحله، علماً أن هذه الضجة لوحدها كفيلة بترويج الكتاب بلغاته كافة وليس الصينية فقط. وفي نفس يوم متابعتي لهذه القصة وقعت صدفة على دليل آخر يؤكد أن الكتاب المطبوع قادر باستمرار على إثارة الاهتمام، فالدورة الثلاثين لـ “صالون الكتاب” الفرنسي الشهير التي اختتمت الأسبوع الماضي أقيمت في فضاء شاسع بدلاً من مكانه المعتاد، وكان الإقبال منقطع النظير (رغم رسم التسعة يورو للدخول)، إلى حد جعل بعض النخب تنزعج من الطابع الشعبي جداً للمعرض. أما عن الصحافة، فيكفي الاطلاع على تجربة مجلة “دير شبيجل” الألمانية الشهيرة التي لم تستطع فقط التوفيق بين نجاح طبعتها الورقية ونسختها الإلكترونية وتفادي الأزمة التي واجهت كثيراً من الصحف في العام الماضي بل تميزت في إيصال إيراداتها الورقية إلى 90% من إجمالي دخلها مقابل 10% فقط إيرادات النسخة الإلكترونية. السؤال المطروح طبعاً: ما سر نجاح هذه الصحافة وتلك الكتب والمعارض؟ أجوبة كثيرة موزعة في أكثر من مكان، أولها الكف عن الخدعة الكبرى بأن المشكلة في القراء، أما أولها فيكمن في مضمون ما نكتب وأهميته ومصداقيته والمهنية في التسويق الصحفي وإثارة الاهتمام .. وشروط أخرى تقتضي تفصيلاً كثير. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©