رزقي يجي ولو كل حي يحايله

بشّرت جدي بخبر سار حيث حققت في مشروع تجاري ربحاً طيباً، فبارك لي وقال ''رزقك يجيك لو كلٍ يحايله''· ابتسمت وملامحي تسأله أن يوضح لي معنى قوله، فسبقني وأرضى فضولي حين دعاني لاستماع رمسته، وقال: '' كان هناك شيخ وقور كريم يدعى الذويبي اشتهر بذبح الغنم والإبل للضيوف إذا نزلوا بالقيظ على الماء· حدث أنه في إحدى السنوات ذبح كل ما لديه من حلال ''مواشي'' إكراماً لضيوفه، تلى ذلك سوء حال ومجاعة لم يجد هذا الشيخ ما يسد رمقه، وانفض المجلس والناس عنه، كل منهم لاه بمصيبته· أرادت جماعته أن تتركه في المراح وحيداً خلاف العادة، لعله يترك كرمه الباذخ في ذبح الإبل وإفناء ماعنده، لكن الطبع لديه -كما كل الناس- يغلب التطبع، فعاتبته زوجته ليلة رحيلهم عنه بقولها: أول ما تخلى عنك جماعتك، وتركوك وحدك، فلماذا لا تحفظ مالك لليوم الأسود؟ ولشدة توكله على الله سبحانه تعالى لم يعبأ بكلامها ومضى يمشي في الصحراء فرأى دابة تبين له أنها عمياء، خرجت من وسط الشجرة فأظهرت رأسها فجاءها طير فحسبته غصناً وقع فأكلته، وفي المرة الثانية جاءها طير فأظهرت الدابة رأسه من وسط الشجرة، وقع عليها وحسبته غصناً فأكلته، بينما الذويبي ينظر فأدرك أن هذا رزق لهذة الدابة العمياء من الله، فقال متفائلاً: إن الذي رزق الداب الأعمى لن يتركني· وحقاً حين ورد على الماء وجد فيه إبل كثيرة ضائعة من قوم! فأسقاها وأخذها ورحل عليها في الفور بأثر ربعه ولحقهم، وحين رآهم قال بيته الذي ذهب مثلاً في كل البوادي: ''ترى رزق غيري يا ملا ينولني ورزقي يجي ولو كل حي يحايله''·