الزهيرية لعب بارع بالألفاظ

منذ بداية القرن الثاني الهجري، عرفت المنطقة العربية فناً عريقاً تتداوله شعوبها الآن، وإن بأسماء مختلفة، كالزهيري والأبوذية والموال والزجل، كما اشتهرت به دول الخليج كافة· وبذلك يرجع الزهيري -مفرده الزهيرية- تاريخياً إلى أكثر من ألف عام، إذ برز في الكوفة والبصرة، وتم تناقله عبر التجّار والحجاج، كما امتد إلى بلاد الشام وعرف هناك باسم ''الموال''· عن ماهية الزهيرية وأنواعها يحدثنا الشاعر عبد الله الشامسي، بقوله: ''تعدّ الزهيرية من أنواع السجع التراثي الذي يعتمد على التلاعب بالألفاظ، واستخدام ذات حروف الكلمة بمعان مختلفة بين بيت وآخر، حيث تتكون عادة من ثلاث جمل سجعية بنفس كلمة القافية، ويختتم الشاعر بجملة أخيرة بنفس قافية الجمل الثلاث الأولى·· وقد تعددت الزهيريات، فمنها ما هو مؤلف من أربعة أشطر أو خمسة أو سبعة، وبرع كثير من شعراء الخليج فيها، أمثال: ابن لعبون وعبد الرحمن الضويحي وراشد الخضر وعبد الله الدويش، بينما أشهرهم مطلقاً في الخليج العربي هو الشاعر فهد راشد البورسلي''· (من بعض الزهيريات الشهيرة، التي رددها البورسلي زهيرية يقول فيها: يا صاح عد الرفاقا بالحكي عدهم وتعرف ربع الرخا مالك قدر عدهم ربع الفراغات عند النايبه عدهم لو كنت ظميان لا قادر على عدهم أيضاً·· يؤدي فن الزهيري ''الزهيرية'' في الإمارات وظائف عديدة يخبرنا عنها الشامسي، بقوله: ''أهم وظيفة للزهيرية أنها كانت تؤدى أثناء العمل على ظهر السفينة في مواسم الغوص لصيد اللؤلؤ، لتشجيع البحارة وحثهم على العمل وبث الصبر وتحمّل مشاق العمل والبعد عن الهل، حيث كان النهام يؤدي الزهيرية بألحان بحرية ''كالمحرقي والغريري والراكد والياهي'' يشاركه البحارة أثناء قيامهم بالعمل ويطلق على هذه النغمة لدى العامة ''اليامال'' بينما الوظيفة الأخرى تتصل بالترفيه والتسلي وترديدها بألحان أخرى ''كالفجري والمخالف والعدساني والحدادي'' حيث كان تؤدى الزهيريات خلال استراحة البحارة·· ولعل أشهر الزهيريات المحلية نجدها في قصائد الشاعر الإماراتي الكبير ''راشد الخضر'' حيث استثمر الزهيرية بشكل جميل وتلاعب في الألفاظ ببراعة''·