الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار ملح الحياة الزوجية الناجحة

الحوار ملح الحياة الزوجية الناجحة
18 مايو 2008 01:57
''شاوروهن··وخالفوهن''!، ''أنا رجل البيت والكلمة كلمتي، والشورى شورتي!''، ''إن أصابت مشورة الزوجة خربت البيت سنة كاملة·· وإن خابت خربته العمر كله''! مقولات، وأمثال سلبية تتعارض مع أهمية ''الحوار الأسري'' بكافة مستوياته، ولاسيما بين الزوج والزوجة، ولا تعكس بالضرورة إلا ثقافة ذكورية بالية ومتسلطة عفا عليها الزمن، وتتناقض تماماً مع القيم العربية والإسلامية التي تبجل قيمة المرأة ومكانتها ودورها في الأسرة والمجتمع، وها هو ''المثل والقدوة'' الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يخص النساء بمكانة رفيعة في قوله الصادق: ''ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم''، وقد أخذ عليه الصلاة والسلام بمشورة ''أم سلمة'' رضي الله عنها في صلح الحديبية، وهذا أبلغ رد على من يشككون في قيمة الحوار مع المرأة، أو بفساد أو قلة عقلها وحكمتها· ومن ثَم فإن عدم أخذ رأي الزوجة، أو إهمال الحوار معها إهانة لها، فمع تنامي مكانة المرأة، والدور الذي تلعبه في الحياة العصرية بتعقدها، ومسؤولياتها، وتطورها، والتغير الثقافي والحضاري الحاصل، والشراكة الحقيقية في كل مناحي الحياة بينها وبين الرجل، هل لايزال هناك من يحمل مثل تلك الأفكار الرجعية المتخلفة؟ هل أصبح الحوار بين الزوجين مطلباً حياتياً يتعدى كونه ضرورة؟ ولماذا يغيب الحوار بين الزوجين في كثير من الحالات؟ هل أصبح مع ضغوط الحياة وأعبائها نوعاً من الترف؟ استطلاع رأي في استطلاع لرأي ''مائة حالة'' من المتزوجين والمتزوجات، تم اختيارهم بطريقة عشوائية، ووفق ''استبيان رأي'' أعد لهذا الغرض أشار ''31,5 في المئة'' من أفراد العينة إلى عدم وجود وقت للحوار بينهما بسبب مشاغل الزوجين ما بين العمل والأمور المنزلية، بينما أشار ''16 في المئة'' فقط إلى وجود الحوار عند الضرورة، في الوقت الذي أكد فيه ''''26,5 احترام الرأي الآخر عند الاختلاف في الرأي، بينما أكد ''''17,5 إمكانية تراجعهم عن آرائهم في حالة الاقتناع برأي الطرف الآخر، في الوقت الذي اعترف فيه 6 في المئة من أفراد العينة بأنهم يتخذون قراراتهم المتعلقة بالأسرة دون انتظار لمعرفة رأي الطرف الآخر· هذا وقد أشار ''94 في المئة'' من الذكور إلى حرصهم على الإنصات، بينما أشارت جميع النساء ''100 في المئة'' إلى حرصهن على ذلك، بينما اعترف ''2 في المئة'' من الأزواج بأن الحوار والنقاش مع الزوجة ''مضيعة للوقت''، وإذا كان ''7 في المئة من الأزواج يتنازلون عن رأيهم عند اللزوم، فإن ''88 في المئة'' من الزوجات أبدين قدرتهن على ذلك· وقد أشار 5 في المئة من الأزواج إلى دعمهم لرأي الزوجة حتى وإن لم يتفقوا مع رأيها، بينما أبدى ''20 في المئة'' من النساء نفس الاستعداد، بينما اعترف ''9 في المئة'' من الأزواج بعدم جدوى الحوار في كل الأحوال في مقابل ''5 في المئة'' من الزوجات، ولعل هذه النسبة نتيجة تجارب ذاتية محددة· أما عن أسباب خلل التواصل، أو قلة أو غياب الحوار، فأشار ''31 في المئة'' من العينة عامة إلى عدم وجود الوقت، وعزا ''26 في المئة'' من الأزواج السبب لضغوط وظروف العمل، وأشارت ''17 في المئة'' من الزوجات إلى فقدان ثقافة الحوار، والإحساس بأهميته، بينما أرجعت ''16 في المئة'' منهن السبب إلى انشغال الزوج بأمور وهوايات أخرى، أو بسبب وجود أجهزة الكمبيوتر والتليفزيون، والخروج لملاقاة الأصدقاء خارج النزل، في الوقت الذي اعترفت فيه 10 في المئة بوجود مشاكل زوجية ، كما اعترفت ''19 في المئة'' من الزوجات بأنهن يتحملن جزءاً من المسؤولية المشتركة · آراء تقول خبيرة التجميل لورا أحمد: ''ليس هناك أمر واحد يمكن أن يقرره أي طرف منا بمفرده حتى إن اختلفنا في وجهات النظر، فالاختلاف أمر طبيعي، وقد تتباين الثقافات بين الأزواج، وإنما لابد أن يكون هناك اتفاق على أهمية الحوار المشترك حول كافة الأمور والمواقف في الحياة الزوجية''· أما هناء ''ربة منزل'' فتقول: ''نحن أسرة صغيرة قوامها أربعة أفراد، الزوج والزوجة والابن علي والابنة مريم، وقد تعودنا على مبدأ الحوار في الأسرة، صحيح أن القرار النهائي للزوج، لكن ليس ذلك بالمعنى المطلق، فنحن نتبادل الرأي والمناقشة، فإذا كان الزوج مشغولاً معظم الوقت فمسؤولية البيت والأولاد تعود إليّ، وإن اختلفنا أحاول أن أقنعه أو العكس، كذلك شؤون البيت وميزانيته قد تكون مسؤوليتي، لكننا نتفاهم عليها مسبقاً بصراحة وود ووضوح''· كذلك عمار شلبي وزوجته رويدا، فهما تزوجا قبل سنة واحدة بعد تعارف عائلي، ويقران أن سياسة البيت يضعها الزوج مع الاعتبار لرأي الزوجة، وليس هناك ما يمنع من تراجع الزوج عن رأيه في حال قناعته برأي الزوجة، وهذه القناعة لا تأتي إلا بحوار صريح وإيجابي دون التمسك بوجهة النظر الذاتية تمسكاً أعمى قد يضر بالعلاقة الزوجية· أما أسباب انعدام الحوار من وجهة نظرهما، فتقول الزوجة إن غياب الود والألفة والحب تعد من مقدمة الأسباب، أما الزوج فيرجعها الى ثقافة الشخص، وأعباء الحياة ومشكلاتها وعدم وجود المساحة المشتركة للحوار· كذلك تؤيد نسرين حسن أهمية الحوار الإيجابي بين الزوج والزوجة، وهذا الحوار أساسي لتعليم وتربية الأبناء على ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر، وتؤكد أنها ضد التشبث بالرأي ''بداع أو من غير داع''، فالحياة تتسع للاختلاف، وهو أمر ضروري، لكن علينا أن نتعلم كيف نتفق ونحن على خلاف· وهناك من يتهمون المرأة بعدم اختيارها التوقيت المناسب لبدء الحوار، مما يثير غضب الزوج، فيما ترى الزوجة أنه لا يوجد ثمة وقت مناسب للنقاش مع الزوج، وأنه دائماً يسعى إلى التهرب من النقاشات الزوجية، وعادة لا تستطيع المرأة كتم ما يدور في ذهنها من مشاعر وأفكار، وبالتالي فإنها لا تستطيع تأجيل التحدث في الموضوع إلى الوقت المناسب، بل إنها لا تهتم بذلك، لأن بعضهن لا يفكرن في إيجاد حل للمشكلة، إنما فقط يكفيها التحدث عن هذه المشكلة والتنفيس عما بداخلها· ديموقراطية الحوار من جانب آخر يرى طارق وزوجته أم هند أن ديموقراطية الحوار مطلب حيوي لإنجاح العلاقة الزوجية، فالديمقراطية تعني احترام الرأي والرأي الآخر وعدم الحجر على حرية الآخرين، وإذا غاب الحوار فلابد من وجود أسباب، وعلينا أن نبحث عن هذه الأسباب بين شخصين يجمعهما سقف واحد وعقد حياتي مشترك، وليس هناك ما يمنع من استمرار الحوار كما كان قبل الزواج بين أي زوجين إن اقتنعا بأهميته وفائدته والوقوف على أهم أسباب غيابه أو انعدامه· الخبيرة التربوية والاجتماعية الدكتورة خديجة الشامسي تؤكد أن هناك فجوة كبيرة بين قناعات الأفراد بالحوار وأهميته، وتطبيق أو ترجمة هذه القناعة على أرض الواقع، وأن فعالية الحوار بشكل عام، والحوار بين الزوجين بشكل خاص تتوقف على ثقافة الزوجين ودرجة التعليم، واستيعاب كل منهما لأهمية الحوار، ولثقافة الاختلاف، واحترام الرأي والرأي الآخر، إلى جانب عوامل ذاتية عديدة تأتي في مقدمتها طبيعة العلاقة بين الزوجين، ودرجة التآلف والانسجام والتقارب والود وفهم المسؤولية المشتركة وحدودها، وهي كلها عوامل ترتبط الى حد كبير بنمط الشخصية، وكيفية درجة التفاعل مع الآخرين، وقدرته على إقامة حوار هادف وبناء يصب في خانة المصلحة المشتركة والتعايش الإيجابي، وهي قنوات أو دعائم للأسرة السعيدة المستقرة· وتشير الشامسي إلى اتباع كثير من الأزواج والزوجات صيغ الحوار الشكلي، أو الحوار الهامشي من باب ''تأدية الواجب''، دون الاستفادة من عمق الحوار في حل أو تجنب المشاكل الأسرية، أو إزاء مواجهة أعباء الحياة ومسؤولياتها، أو أن يتعلل الكثيرون من الأزواج بعدم وجود الوقت الكافي للحوار، وهو تعليل أو تبرير ليس في محله، لأنه مهما كانت مشاغل الزوج ومسؤولياته، ومهما كانت هموم الزوجة ومشاغلها وضغوط مسؤولياتها في العمل أو في المنزل، فبإمكانهما تخصيص وقت ''مستقطع'' للتواصل والحوار والمنافشة ومراجعة أمور حياتهما الزوجية والزواجية والأسرية، فالحوار والتواصل ليس مجرد نقاش شكلي أو هامشي، وإنما هو عملية ''صيانة دورية'' لمجمل أشكال العلاقات الإنسانية التي من شأنها أن تجدد وتضفي المزيد من الحيوية و''الوقود'' اللازم لدفع مسيرة وشكل وطبيعة العلاقات الإنسانية بشكل عام· وتضيف الشامسي: ''هناك علاقة عكسية بين الحوار والمشاكل، فكلما وجد الحوار تقلصت وانعدمت المشاكل، والعكس هو الصحيح، ومن الأهمية أن نربي أبناءنا على هذه الثقافة، وأن ننمي في ذواتهم ثقافة الحوار، واحترام الرأي الآخر، واحترام ثقافة الاختلاف، والاستماع إلى الآخر، في عملية تربوية معقدة جداً، علينا أن نلتفت لها من البداية حتى تصبح سمة سائدة في أبنائنا·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©