الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سحر الموجي: الجنس تجربة روحية بامتياز

سحر الموجي: الجنس تجربة روحية بامتياز
1 يوليو 2009 21:58
حققت أعمال الكاتبة سحر الموجي القصصية والروائية خصوصية وفرادة على مستوى الأسلوب السردي والرؤية والموضوع تكشفت من عمل لآخر، فهي منذ أصدرت مجموعتها القصصية الأولى «سيدة المنام» التي حملت عالما شديد الرهافة والرقة بالرغم من شجون وهموم وآلام أبطاله وبطلاته، ثم مجموعتها «آلهة صغيرة»، ورواية «دارية» التي حصلت على جائزة أندية الفتيات بالشارقة، والتي جاءت أقرب إلى السيرة الذاتية، وأخيرا روايتها الفذة «ن».. سحر الموجي حريصة على أن توسع أفق رؤيتها لعالمها الداخلي المهمومة به جدا وعالمها الخارجي الأكثر هما، وقد نجحت أن تزاوج بين العالمين وتكشف عمق المأساة التي يعيشها الإنسان في ظل تقاليد وعادات وأوهام قاتلة، وقد نالت الكاتبة عام 2001 درجة الماجستير عن دراستها «الرحلة الصوفية للشاعر البريطاني تد هيوز» عام 1991، ثم حصلت على درجة الدكتوراه عن دراستها المعنونة بـ «المسعى الصوفي في شعر هيلدا دوليتل» شاعرة أميركية «1886 ـ 1961»، وتعمل أستاذا للأدب الإنجليزي بكلية الآداب جامعة القاهرة حيث تدرس الشعر الأميركي والإنجليزي، كما تعمل مذيعة بالبرنامج الأوروبي بالإذاعة المصرية. ماذا تمثل روايتك الأخيرة نون في مسيرتك الأدبية؟ * * أصغر أبنائي (آخر إصدار) وأكبر عالم رسمته حتى الآن. قلت في «ن» أشياء كنت قد خزنتها على مدار أعوام. تجارب وخبرات وقدر من المعرفة. استطعت أن أرصد إلى أي مدى أنا كسحر قد اختلفت عما كنت منذ خمسة أو ستة أعوام. أفرحني هذا التحول. في «ن» هناك خيوط تتكرر منذ أول مجموعة قصصية ولكن امتلاك الخيوط وغزلها ربما بقدر أكبر من النضج هو الفارق. * ما تعليلك لما حظيت به من احتفاء بعكس روايتك الأولى وحتى مجموعاتك القصصية؟ * * لا يمكن المقارنة مع كتبي السابقة لأنه لا يمكنني الادعاء بأنها لم تستقبل بشكل جميل. لكن بالمقارنة طبعا «ن» حققت أكثر بكثير من الكتب التي سبقتها. لا أعرف السبب تحديدا. ربما أفكر الآن معك أن عالم الرواية أكبر وأوسع ويحتضن نماذج إنسانية من الواضح أن الكثير ممن قرؤوها قد تماسوا معها بدرجة أو بأخرى. وربما أيضا لأنها في النهاية ورغم كل قبح العالم (بسياسييه وحروبه والقدر العالي من الظلم فيه) إلا أن النص في النهاية يعكس قدرا من عشق الحياة والإيمان بكرمها. يمكن هذا ما يحتاجه الكثيرون. أن يتذكروا كم هم أقوياء وأن باستطاعتهم ممارسة الاختيار. إن كل منهم بإمكانه تغيير موقعه من مجرد «مفعول به» إلى «فاعل». * لماذا اخترت الآلهة حتحور راوية لك وما علاقتك بالحضارة الفرعونية؟ * * أن تحكي حتحور ـ إلهة العشق والرقص و الغناء ـ حكاية 4 أبطال دائمي البحث عن العشق هو أمر بديهي. تدور بين هؤلاء الأبطال دوائر المحبة بلا قيود. حتحور تحكي الحكاية أيضا لتذكرنا بما كان فينا دوما وسيكون: قدرتنا على العشق وتجاوز الألم والانكسار والبدء دوما من نقطة البراءة الأولى. الحضارة الفرعونية بالنسبة لي هي جذوري الأولى.. مخزون الحكمة الذي لم يقرأ بعد في ثقافتنا. ليس بالقدر الكافي. ولا أدعى أن «ن» قد قامت بذلك على الإطلاق. ربما هي مجرد محاولة للاقتراب. * هذا الحضور للجنس في الرواية بدءا من الغلاف وانتهاء بهواجسه لدى بطلات النص يدفعنا لسؤالك عن مفهوم الجنس لديك؟ * * الجنس في أرقى أحواله تجربة روحية بامتياز. إنه حال التوحد بين روحين. إنه الاكتمال. الارتقاء إلى المقدس. التحام شطري الذرة وبالتالي الوصول إلى جوهر ما، مطلق ما. الجنس بهذا المعنى هو لحظة استثنائية داخل نسيج الحياة. لكنها في الحقيقة أكبر من لحظة بكثير. ولكن (عودة إلى النصف الأول من سؤالك): هل هواجس الجنس لدى بطلات الرواية لا تجد لها مرادفا في أحوال كل البشر! السؤال هو: هل هم استثناء من بين جموع البشر أم تعبير عنهم؟ * ما رأيك في تناول الجنس لدى كتابات بنات جيلك؟ * * كل كاتبة تكتب من منطقة مختلفة وبلغة مختلفة. لقد عبرت كل منهن عن درجة وعيها وموقعها الخاص. لكنني أعتقد أن علينا جميعا ككاتبات ألا نغفل السؤال: هل لا تزال الرقابة الداخلية تقتطع أجزاء من لحم النص. أم انه قد أخذ كامل حقه ليس فقط في منطقة الجنس ولكن في كل مناطق التابو لدينا. * وماذا عن رأيك أيضا في التناولات السابقة للجنس خاصة في روايات محفوظ وإدوار الخراط وغيرهما؟ * * أحب في كتابات الخراط حسيتها. حتى لو لم يكن يتحدث في منطقة في النص عن الجنس، إلا أن اللغة لديه تفوح بعناصر أنثوية. لغة الخراط فيها كل الحواس نشطة وحاضرة. محفوظ أعتقد أنه أكثر محافظة من الخراط. لكن القارئ لا يستشعر في أعماله نقصان. وهذه عبقرية. * هل تعتقدين أن الهموم التي تبثينها أو تحملها أعمالك تمثل هموم المرأة المصرية؟ * * أعتقد ذلك. إن هموم المرأة المصرية لا تنحصر في إعالة أسرة أو في قضايا قومية. أنا أعتقد أن التعرف على ملامح الذات أيضا هي قضية جوهرية لنساء تربين في مجتمعات «حافظة مش فاهمة». مجتمعات اعتادت تمرير الموروث دون مساءلته أو مراجعته بشكل حقيقي وصادق. في منطقة استكشاف الذات بعيدا عن «الآخر» الذي يحتلها تتماس كتابتي مع كل امرأة مغتربة عن ذاتها أو كانت قد عاشت مثل هذه التجربة. * تجمعين بين الأدب والعمل الأكاديمي ما مدى تأثير كل منهما على الآخر؟ * * لا شك أن الأكاديميا قد أفادتني خاصة دراسة الأدب عموما والإنجليزي خاصة. تتفاعل المنطقتان بشكل إيجابي في أحيان كثيرة. نقطة الصراع تتلخص في انتزاع وقت كاف بعيدا عن العمل كي أكتب. هو صراع وقت إذن وليس صراعا داخليا. أفادتني الأكاديميا أيضا في مراجعة نصوصي بعين محايدة بقدر الإمكان. * هل تعتقدين أن وراء حرية التعبير لديك هو انفتاحك على الآداب الغربية خاصة وأنك اشتغلت وتشتغلين على هذه الآداب؟ * * طبعا هذا عنصر شديد الأهمية. أن تتربى على الأدب الإنجليزي بعمالقته وأن تدرس أدواتهم عن قرب وتستكشف عوالمهم الثرية هو شيء رائع. ولكن حرية التعبير أيضا (وهي منطقة مفتوحة لمزيد من كسب المساحات) تعود أيضا إلى بيت طفولتي وتأثير أبي عليّ. ولأن أبي رجل ليبرالي وعميق الثقافة فقد أفهمني أن حدود الحلم مفتوحة. وقد صدقته واستثمرت المساحات الهائلة التي في متناولي وكما قلت لك لا زلت أصارع من أجل الأكثر. * هل تعتقدين أن ازدهار الرواية المصرية عامة والذي يتمثل في صدور كم كبير من الأعمال الروائية لمختلف الأجيال علامة جيدة للحاضر والمستقبل؟ * * طبعا الرواية المصرية مزدهرة في السنوات الأخيرة وهي علامة صحية بالطبع. وهناك محاولات جدية وجديدة لرصد العالم. كل كاتب من موقعه. هذا رائع. كما أن الجيل الأكبر لا يزال يساهم في المشهد الروائي. وهذا جزء من ثراء المشهد. * هل ترين فعالية لحركة النقد في مواكبة الإبداع؟ * * ليس هناك تناسب بين الاثنين. الإبداع غزير كما ومختلف على مستوى الكيف والنقد (لأسباب متعددة) عاجز عن مواكبة الكم والكيف. هناك أقلام نقدية محترمة. لكنها قليلة وكيف لهؤلاء أن يتابعوا كل النصوص وأين هي منابر النقد التي تكفي للنشر عن كل هذه الكتب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©