الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرن الأفريقي··· شبح مجاعة مرشح للتفاقم

القرن الأفريقي··· شبح مجاعة مرشح للتفاقم
18 مايو 2008 02:39
حطت أزمة الغذاء العالمية ببيت ''صفية علي'' التي لم تعد تستطيع شراء الأرز أو القمح أو حليب ''البودرة''؛ حيث قضى الجفاف على قطيع الماعز الذي تمتلكه عائلتها، محولاً مصدر عيشهم الوحيد إلى كومة من العظام· والنتيجة: أن صفية (25 سنة)، وهي أم لخمسة أطفال، لم تأكل منذ أسبوع، وابنها الذي أكمل عامه الأول مؤخراً واهن وضعيف ولا يبدي استجابة حتى حين تقرصه· والواقع أن الصومال -وجزءا كبيرا من منطقة القرن الأفريقي المضطربة- هو آخر مكان في العالم كان يحتاج إلى أزمة غذاء· ذلك أنه حتى قبل أن ترتفع أسعار السلع والمواد الغذائية عبر العالم، كانت الحرب الأهلية والنزوح وتعرض عمليات المساعدات للخطر قد دفعت كثيراً من الناس هنا إلى حافة المجاعة· واليوم، ومع ارتفاع أسعار الغذاء إلى مستويات لا يتحملونهـــا، يقول القرويون في هــــذه الأراضي التي تلفحها الشمس إن المئات باتوا يموتون جوعاً وعطشاً· ويرى الخبراء الاقتصاديون أن هذا هو ما يحدث حين تتحالف أزمة الغذاء العالمية مع الفوضى والاضطرابات المحلية· وفي هذا السياق يقول جيفري ساكس، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة كولومبيا والمستشار في الأمم المتحدة، والذي زار كينيا المجاورة مؤخراً: ''إننا اليوم نشهد تضافر عدة عوامل مؤذية''· وبالفعل، فهناك مشاكل وأزمات بالجملة انهالت على المنطقة: تساقطات مطرية قليلة، محاصيل زراعية هزيلة، ارتفاع أسعار المواد الغذائية، نفوق رؤوس الماشية، تصاعد أعمال العنف، خروج التضخم عن السيطرة، إضافة إلى تقلص المساعدات الغذائية بسبب كثير من العوامل السلبية الأخرى· وعلى سبيل المثال، ففي إثيوبيا المجاورة، ليس الوضع أفضل حالاً في منطقة ''أوجادين'' التي يمزقها الاضطراب، وفي دارفور، اضطرت الأمم المتحدة لتقليص الحصص الغذائية بسبب تزايد أنشطة العصابات التي تهدد شحنات المساعدات· وبدورها، تبدو كينيا هشة أيضاً، فقد عنونت إحدى الصحف الكينية الكبرى مقالاً لها مؤخراً بـ''25000 قروي يواجهون خطر الموت جوعاً''، في إشارة إلى تضافر عوامل مثل الجفاف، وارتفاع تكلفة الأسمدة والوقود، وأعمال العنف التي أعقبت الانتخابات وتسببت في نزوح آلاف المزارعين عن مناطقهم· وهذا الأسبوع أيضاً، تركت سعيدة محمد أفرح، وهي أم أخرى نحيفة ومكلومة، ابنيها تحت شجرة وذهبت للبحث عن الماء والطعام· وعندما عادت بعد ساعتين، وجدت ولديها ميتين· وإن لم تقل الكثير عن الجفاف، إلا أنها قالت: ''أتمنى فقط لو أن ابنيَّ توفيا في حضني!''· وقد أعلنـــت الأمم المتحـــدة قطاعاً واسعاً من وسط الصومال منطقة ''وضع إنساني خطير''، وهي المرحلة الأخيرة قبل المجاعة الحقيقية· ولكن كريستيان بالسليف أولسن، رئيس عمليات منظمة اليونيسيف في الصومال، لا يستبعد أن يتحول الوضع إلى مجاعة خلال الأسابيع المقبلة· وتحدد المجاعة وفق عدة معايير، من بينها سوء التغذية، ونسب الوفيات، وندرة الغذاء والماء، ونفوق الماشية· والواقع أن بعض هذه العوامل، مثل بلوغ معدل سوء التغذية 24% في بعض مناطق الصومال، فاق منذ حدود ومستويات الأوضاع الطارئة وبات يقترب من نطاق المجاعة· ويقول بالسليف أولسن إن اليونيسف تلقت مؤخراً تقارير عن أشخاص يموتون جوعاً وعطشاً، مضيفاً أنه من الصعب معرفة عددهم على وجه الدقة، وإن كان الأعيان المحليون يقدرون عددهم بالمئات· ويقول: ''إن كل مؤشرات الكارثة متوفرة··· لا نستطيع أن نسميها كذلك بعد، ولكنني قلق للغايــــة، وأخشى أنه لم يعــد يفصلنـــا عن ذلك ســـوى أسابيــع معدودة''· والحال أن العديد من الأشخاص يعتبرون حالة الصومال كارثة، وذلك على اعتبار أنه يضم بعضا من أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، كما أن انهيار الحكومة المركزية عام 1991 رمى بالبلاد في دوامة من العنف العشائري لم تخرج منها بعد، وهي المرحلة التي بدأت بمجاعــة تسببت في مقتل مئـــات الآلاف من الأشخاص· وهناك إجماع على أن نفس العناصر التي ظهرت في بداية التسعينيات -النزاع الحاد، والنزوح والجفاف- تتضافر اليوم مجدداً، وذلك في وقت تعرف فيه أسعار الغذاء العالمي أعلى ارتفاع لها منذ 30 عاماً· وفي هذا السياق تقول الأمم المتحدة إن 2,6 مليون صومالي بحاجة إلى المساعدة، وإن العدد قد يرتفع قريباً إلى 3,5 مليون، أي نصف عدد السكان تقريباً· والواقع أن الوضع قد يتغير إذا سقطت أمطار جيدة أو حدث سلام مفاجئ، غير أن التوقعات المناخية، وحتى التنبؤات السياسية الأكثر تفاؤلاً، تستبعد كل ذلك· أما مسألة ما إن كان الصومال سيسقط مرة أخرى في براثن المجاعة، فذلك قد يتوقف على المساعدات، غير أن الظروف الأمنية عموماً ليست جيدة في الوقت الراهن، حيث قُتل 11 عاملاً من عمال المساعدات الدولية هذا العام، بينما يقول مسؤولو الأمم المتحدة إن الصومال بات أكثر تعقيداً -وخطراً- من أي وقت مضى· فعلاوة على الاقتتال الدائر بين العشائر وزعماء الحرب، ثمة اليوم نزاع ناشئ مع عمال المساعدات الدوليين· فقد أعلنت إدارة الرئيس بوش أن بعض إرهابيي ''القاعدة'' يختبئون في الصومال، حيث يقوم الإسلاميون المحليون بإيوائهم، وقد لاحقتهم بالضربات الجوية· غير أن هجوماً أميركياً حديثاً على أحد القادة الإسلاميين في دوسا ماريب، وهي بلدة تقع وسط المنطقة التي ضربها الجفاف، أثار موجة من التهديدات بالانتقام ضد عمال المساعدات الغربيين· ونتيجة لذلك، تقول الأمم المتحدة ومنظمات المساعدات الخاصـــة، إنه بات مــن الخطير اليـــوم توسيــــع أنشطتهــــا في المنطقـة· جيفري جيتلمان - الصومال ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©