السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات صربيا··· هل تضمن الجَزَرَ الأوروبي؟

انتخابات صربيا··· هل تضمن الجَزَرَ الأوروبي؟
18 مايو 2008 02:40
منذ شهرين، هاجمت الجماهير الثائرة سفارة الولايات المتحدة في بلجراد، عقب إعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا· ومنذ أيام أعلنت نتائج الانتخابات الأخيرة في صربيا، والتي يرى كثير من الخبراء أنها لم تكن متوقعة على الإطلاق، وذلك عندما تحدى الصرب كافة التوقعات ونتائج استطلاعات الرأي السابقة ليصوتوا بشكل حاسم لحزب ''بوريس تاديتش'' الموالي لأوروبا ضد منافسه ''الحزب الراديكالي''· وكان السؤال الذي تردد فجأة في أوروبا والولايات المتحدة عقب إعلان هذه النتائج هو: هل هناك أمل في مستقبل مشرق لصربيا في نهاية المطاف، أم أن ذلك المستقبل سيكون كارثيا كما كان الجزء الأكبر من تاريخ هذا الإقليم؟ ويلزم في هذا السياق الإشارة إلى أن ''تاديتش'' مطالب الآن ببذل قصارى جهده، من أجل إيجاد شريك يدخل معه في ائتلاف من أجل تشكيل حكومة، لاسيما أن الأحزاب القومية ''مجتمعة'' قد فازت بالعدد نفسه من المقاعد الذي فاز به حزبه في البرلمان الصربي· يعلق مارشال ''فريمان هاريس''، الخبير السابق في شؤون البلقان في وزارة الخارجية البريطانية، على نتيجة الانتخابات بقوله: ''كانت صربيا هي أكثر دول البلقان تمسكاً بالماضي، وأكثرها ميلاً نحو الشرق، لكن نتيجة الانتخابات الأخيرة، تبين أن الأوضاع في هذا الإقليم ليست قاتمة كما كان يُظن، وهو ما يدفع الولايات المتحدة ومعها أوروبا للاعتقاد بأنه لا يزال ثمة أمل''· وقال ''تاديتش'' في كلمة له بعد إعلان النتائج، بأن فوزه يعني انتصـــار التيـــار المؤيـــد للتكامـــل مـــع أوروبا وهزيمة'' سياسات الكراهية والعدوان''· ويرى ''أوليّ ريهن''، كبير مسؤولي الإدارة المختصة بشؤون توسيع الاتحاد الأوروبي، أن صربيا ''يمكن أن تصبح قاطرة تقود البلقان الغربي للانضمام للاتحاد الأوروبي، وأن الاتحاد من جهته سيعمل على تسريع البت في وضع صربيا ومدى أهليتها للانضمام''· ويشير المراقبون إلى أن الفوز الذي حققه الديمقراطيون في صربيا، على الأقل في التصويت الشعبي، قد يثبت صحة وجهة نظر الدوائر الأوروبيـــة التي كانـــت ترى أن بلجراد تستحق وجبة منتظمة من التطمينات و''الجزر''، بدلاً من تلك السياسات الخشنة و''العصي'' التي كانت تهدف إلى إبقائها في عزلـــة دائمـــة حتى تُقــــدم على تسليم الشخصيات المتهمة بارتكاب جرائم حرب مثل الجنرال'' راتكو ملاديتش''· وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق قبل الانتخابات بفترة قصيرة، على البدء في منح تأشيرات للصرب مقابل 40 يورو، في خطوة حظيت بقبول شعبي كبير من جانب الأجيال الشابة من الصرب التي طالما اشتكت من أنها محبوسة في بلدها وغير قادرة على السفر للخارج سواء للدراسة أو للسياحة· وقبل التصويت بأيام أذاع تلفزيون ''يورو فيجن'' الفضائي حفلاً غنائياً أوروبياً على نمط برامج اكتشاف المواهب الجديدة الأميركية، وهو بمثابة رسالة تقول للشباب الصربي إنهم قريبون للغاية من أوروبا الكوزموبوليتانية· ''هذه الانتخابات كانت في غاية الأهمية، وفي رأيي أن الأمور بعدها ستختلف تماماً عما كانت قبلها''، هذا ما قاله ''فلاديمير جواتي'' من ''منظمة الشفافية الصربية'' وهي منظمة رقابية مناوئة للفساد مقرها بلجراد· ويضيف جواتي: ''لقد اختارت صربيا الانضمام للأسرة الأوروبية من خلال هذه الانتخابات التاريخية''· وتعتبر صربيا أهم دولة من الناحية الاستراتيجية في منطقة البلقان، بل يمكن القول إنها تمثل قلب هذه المنطقة· ويقول المحللون إن التصويت لصالح تاديتش ربما يكون جاء من زيادة مفاجئة وهادئة في قوة القواعد الشعبية في صربيا التي سبق أن أطاحت بالرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش عام ·2000 وقد عمل الرئيس الراحل على تأجيج المشاعر الوطنية في تلك الفترة حيث كان الاتحاد اليوغسلافي السابق يتهاوى، وذلك في محاولة منه لتكوين صربيا الكبرى، عبر حرب دموية كان يأمل أن تؤدي في النهاية إلى ربط المناطق التي تسكنها أغلبيات صربية في البوسنة وكرواتيا بصربيا، وهي المحاولة التي انتهت عندما قام ''الناتو'' بتدخلـــه العسكري المعروف· ويشار هنا إلى أن المناخ السائد في صربيا، هو الذي أجبر ''تاديش'' و الديمقراطيين ، على العمل بنشاط وجدية من أجل معارضة استقلال كوسوفو، بيد أنه يمكن القول رغم ذلك إن هناك تفاهماً ضمنياً بين الديمقراطيين على أن صربيا لن تذهب للحرب من أجل استعادة كوسوفو· وهناك حالة من الارتياح تسود كوسوفو في الوقت الراهن بعد أن بدأت كافة المؤشرات تشير إلى استحالة تكوين ائتلاف- كان يراه البعض في كوسوفو كابوسياً- بين الحزب الراديكالي المتعصب، وبين حزب صربيا الديمقراطي الذي يقوده ''فويسلاف كوستينتشا''· ففي الأسبوع الماضي، وبعد أن استبعد المراقبون فرص نجاح الأحزاب الموالية لأوروبا في تشكيل الحكومة القادمة بواسطة استطلاعات الرأي والخبراء على حد سواء، أقر المسؤولون في الإقليم المنشق (كوسوفو)، بأنهم كانوا قلقين من احتمال التعامل مع حكومة يقودها القوميون في بلجراد· ورغم أن نتائج الانتخابات قد بعثت شعوراً بالراحة بين القادة الأوروبيين، فإن القوى القومية لا تزال تؤكد على أن مجمل أصوات الأحزاب ذات الميول القومية يصل الى 50%، ما يجعلهم قادرين على ضمان الأغلبية في البرلمان إذا ما نجحوا في اجتذاب بعض القوى لتشكيل ائتلاف معهم· تاديتش يدرك ذلك جيداً، ومن ثم يلجأ في سيـــاق تعزيز وضعــه إلى مغازلة الجناح الموالي لأوروبا في ''الحزب الاشتراكي'' القديم، الذي كان يقوده ميلوسيفيتش· لم يكن ذلك بالأمر المتوقع، لكن ''هكذا تجري الأمور دوماً في البلقان''، كما يقول الخبراء! روبرت ماركواند- واشنطن اندرو واندر- بلجراد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©