الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التكنولوجيا الصينية تقتحم مضمار صناعة السيارات

التكنولوجيا الصينية تقتحم مضمار صناعة السيارات
23 مارس 2018 20:10
تشق الشركات الثلاث «بايدو»، و«علي بابا»، و«تينسنت»، عمالقة التكنولوجيا الصينية التي تسيطر على التجارة الإلكترونية، وتحويل الأموال عبر الهاتف، طريقها الآن إلى عالم صناعة السيارات، ما يمثل تهديداً للشركات العالمية التي تهيمن على هذا القطاع. وتنفق الشركات الثلاث المعروفة اختصاراً باسم «بات» ملايين الدولارات على شركات تصنيع السيارات الكهربائية، وتجارة التجزئة، وبيع السيارات عبر الإنترنت، إضافة إلى منصات خاصة لتطوير برمجة السيارات ذاتية القيادة. وتعد تلك أنباء مزعجة للشركات العالمية التي تعمل في تطوير وبيع السيارات الكهربائية ذاتية القيادة. فشركات التكنولوجيا الأميركية، خاصة شركة «ألفا بيت» التي تنتج السيارة ذاتية القيادة «وإيمو»، تركز جهودها حالياً على تطوير وصناعة ومبيعات منتجاتها في الأسواق العالمية. لكن شركات «بات» لها ميزة كبيرة في الصين، حيث تحظر الحكومة على الشركات الأجنبية عمليات الإشراف أو تشغيل الإنترنت والمواقع الإلكترونية، ما يجعل من الصعب للغاية على الشركات الأميركية والأوروبية المنافسة في سوق السيارات ذاتية القيادة. كما أن القانون الصيني لا يسمح للشركات غير الصينية بتشغيل أنظمة الخرائط الرقمية، وهي تكنولوجيا لا غنى عنها لتشغيل هذه السيارات. وقد دفع ذلك عدداً من شركات صناعة السيارات الأجنبية والمحلية، مثل «فورد»، و«بي إم دبليو»، و«سايك» و«جيلي»، للدخول في اتفاقات شراكة تكنولوجية مع شركات «بات». وقالت شركة السيارات الفرنسية «رينو»: «إنها تهدف إلى زيادة المبيعات في الصين بمقدار 5 أضعاف بحلول عام 2023، نتيجة لصفقة لبيع السيارات على منصات التجزئة على الإنترنت أبرمتها مؤخراً مع شركة «علي بابا». كما قالت «رينو»: «إنها ستبدأ في استخدام برنامج الاتصال بالإنترنت الخاص بـ«علي بابا» بسياراتها في الصين». وما يعد دليلاً آخر على التهديد الذي تشكله شركات الإنترنت العملاقة في الصين لشركات صناعة السيارات العالمية، أعلن لي شوفو، مؤسس شركة «جيلي» الصينية للسيارات، أن الشركة ستستثمر 9 مليارات دولار في حصة قدرها 9.7% في شركة «ديملر» الألمانية، الشركة الأم التي تُصنع مرسيدس. وقال لي في بيان أصدره في فبراير الماضي: «الشركات التي كانت منافسة في صناعة السيارات في القرن الـ21 ليسوا جزءاً من صناعة السيارات حالياً بقياس التطور التكنولوجي». وأضاف: «لن يتمكن أي لاعب حالياً في صناعة السيارات من كسب المعركة ضد الغزاة من الشركات القادمة من الخارج إذا عمل بشكل منفرد». وتراهن شركات «بات» على أن صناعة السيارات ستتحول من شكلها المعتاد الحالي، وهو بيع السيارات إلى بيع الخدمات، حيث تحصل على العائدات بشكل أساسي من بيع الاشتراكات الخاصة بالاتصال بالإنترنت، لتحديث خرائط الطرق والاتصال بين السائقين وتطوير الاتصال بالإنترنت بالهواتف الجوالة ليصل إلى سرعة فائقة. وقال بيل روسو، المدير التنفيذي السابق لشركة «كرايسلر» الأميركية، الذي يدير شركة «أوتو موبيليتي» للاستشارات في شنغهاي: «تريد شركات بات أن يستخدم الأشخاص خدماتهم عبر الإنترنت في السيارات». وأضاف: «إنهم يطورون خدماتهم لتتناسب مع استخدام البشر خلال التنقل، وهذا النوع من التطور الفريد لا يحدث إلا في الصين». وجعل روبن لي الرئيس التنفيذي لشركة «بايدو» تطوير السيارات ذاتية القيادة أولوية لعمل الشركة حالياً، وقال: «في الرحلات المستقبلية، لن تضطر إلى التركيز كثيراً على القيادة بعد الآن. ستتمكن من الحصول على مشروب ساخن وغناء الكاريوكي خلال التنقل بالسيارة». واعترف تشن هونغ رئيس شركة «سايك» للسيارات، أكبر صانع للسيارات في الصين، بتهديد عمالقة التكنولوجيا، لكنه في الوقت ذاته قال «إن شركات صناعة السيارات التقليدية لديها تفوق في فهم السائقين واحتياجاتهم». وبرغم صحة ما يقوله هونج من أن الشركات التقليدية لصناعة السيارات تعلم جيداً مزاج السائقين، إلا أنه في الوقت ذاته ستحتاج إلى الاعتماد بدرجة أكبر على التكنولوجيا خلال الأعوام المقبلة، لتستمر في المنافسة في سوق مبيعات السيارات، ولذا من المتوقع أن تُسرع شركات السيارات الكبرى في العالم بعقد صفقات مع كبار الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا. وقد أطلقت سايك سيارة متصلة بالإنترنت مدعومة بتكنولوجيا شركة «علي بابا». وتقوم شركتان كبيرتان للسيارات مملوكتان للحكومة الصينية، وهما شركة «بكين أوتو» وشركة «جوانجتشو»، بتطوير سيارات ذكية مماثلة مع «بايدو» و«تينسنت» على التوالي. وفي العام الماضي، قالت كل «فورد» و«بي إم دبليو» «إنهما سيطلقان أيضاً سيارات ذكية باستخدام برنامج علي بابا». وتشكل التكنولوجيا الحديثة التي تضيفها «علي بابا» إلى سيارات «شيبينج» الكهربائية من طراز «جي 3» رباعية الدفع تحولاً نوعياً، حيث تقدم برميجات الخرائط وتحدثها وتطبيقات الموسيقى وتوجيه الأوامر بالصوت، والتعرف إلى لغة المندارين المستخدمة في الصين. كما أضافت كاميرا مثبتة على سقف السيارة، لتمكن أصحابها من تسجيل أو نشر صور مباشرة لرحلاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال شياو بينغ مؤسس «شيبينج»: «إن تكنولوجيا علي بابا ومعرفتها باحتياجات المستهلك، التي تراكمت على مدار عقدين من الزمن كأكبر لاعب في التجارة الإلكترونية في الصين، تساعد شيبينج على التطور والنمو بسرعة». ويقول فريمان شين، المسؤول التنفيذي السابق في شركة «جيلي» ومؤسس شركة «دبليو إم» للسيارات الكهربائية في الصين، الذي يعتمد في إنتاجها على تكنولوجيا «بايدو» و«تينسنت»: «يحتاج صانعو السيارات التقليديون إلى الرؤى الاستراتيجية التي تملكها شركات بات، في ظل السرعة الكبيرة التي تتحرك بها أسواق صناعة السيارات». وأضاف «ما لم يعمل صانعو السيارات مع أفضل التقنيات المتاحة فلا أعتقد أنهم يستطيعون البقاء على قيد الحياة». يذكر أن «تينسنت» التي تحوط رهاناتها خارج الصين، اشترت العام الماضي 5% من شركة «تيسلا» مقابل 1.78 مليار دولار. وفي الوقت الحالي، يمكن لشركات صناعة السيارات وشركات التكنولوجيا أن تتعايش عن طريق المزج بين خبرة صناعة السيارات مع ابتكار البرمجيات المناسبة. وقال مايكل دون، مستشار في صناعة السيارات، ومقره هونج كونج، معلقاً على دخول شركات التكنولوجيا الكبرى مجال صناعة السيارات «أصبحت أفضل التقنيات المتاحة هي التي تحتاج إلى الدخول في هذه اللعبة، والبقاء فيها، على الرغم من طول الوقت الذي يستغرقه الأمر لتحقيق الفوز». لكن مع تغلغل عمالقة التكنولوجيا الصينيين في صناعة السيارات، فالسؤال الآن هو «ما حجم إيرادات القطاعات التي سيديرونها في تلك الصناعة؟».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©