الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة العيسى: مقاييس نجاح الإعلامية العربية لاتزال مقرونة بالجمال والجاذبية

فاطمة العيسى: مقاييس نجاح الإعلامية العربية لاتزال مقرونة بالجمال والجاذبية
6 مارس 2011 20:30
تذهب الإعلامية الكويتية فاطمة العيسى، إلى أن المرأة العربية ماهي إلا نتاج للبيئة التي نعيش فيها، ولم تحظ من حقوق إلا ما هو ضئيل جداً، وأصبحت الإشارة الى حقوق المرأة تمثل للمجتمع انتقاصاً من حقوقه الذكورية. لكنه التعليم الذي جاء لينقل المرأة من الظلمات الى النور ملحقاً ببعض صور من حرية القرار الذي أوصلها الى العمل، وهنا سارت المرأة كما سار الرجل تماماً عبرت نفق التعليم، ولحقت به عند إطلاقه وباتجاهاته المختلفة، ونجحت هنا وفشلت هناك في محاولة جادة لإيجاد التناغم والانسجام بين الرغبة الذاتية والمساحة التي تحلم بأن تشغلها. رغم هذا العجز ووضوح القصور والاعتراف بالنقائص إلا أن المرأة تحاول عبور نفق العمل وتتمنى أن تعبره بإنتاجية إيجابية ضمن حقيقة انتمائنا للعالم الثالث وأمام تحد لمتطلبات العصر. فالرجل يحظى باحترام حتى لو كان عاطلاً عن العمل، والمرأة ذات الإرادة المحتلة أو المعلقة بذراع الأب أو الأخ أو الزوج، تواجه خيارين لا ثالث لهما، إما التمرد أو العزل، وكلاهما مُر. وغالباً ما تختار المنطقة الوسطى بينهما في محاولة لإرضاء جميع الأطراف ما عدا ذاتها. لكن كيف يمكن تصور هموم ومشكلات المرأة العاملة في مجال الصحافة والإعلام؟ تشير العيسى إلى أن قوة تأثير الإعلام على الرأي العام أصبحت قضية مسلم بها، نعلم بها ونشعر بطاقتها الإيجابية الى حد القدرة على صياغة هذا الرأي أو إعادة صياغته على الشاكلة المبتغاة، ويحدث ذلك في كثير من الأحيان والأمور بدءاً بالقضايا السياسية وانتهاء بمسائل التوعية البسيطة والمتعلقة بحياة المواطن اليومية. أول صعوبة تقول العيسى: «تبرز أول صعوبة في العمل تحت مظلة الإعلام إذ أنه يحتاج الى مواصفات إنسانية ذاتية مع قدرة فائقة على اكتساب المهارة. إنهما عنصران مهمان يغذي الواحد منهما الآخر في عملية نمو إيجابي للفرد وللرسالة الإعلامية. وهي العتبة الأولى للصعود على سلم النجاح مع فرصة كبرى لتجنب المعوقات والهموم والمشاكل. وتتغير المواقع وتتبدل حجماً ونوعاً، وتتسع الشرائح بالتبعية أيضاً ويظل الصحفي هو الممسك بحلقة الوصل التي تقوده الى حيث المتابعة والتفكر وتقريب الصور الإعلامية بعضها من بعض فيبدع بالانتقال من نقل الخبر باتجاه التعليق والتقرير ملحقاً بالتحقيق وصولاً الى المقال الذي يمثل عماداً أساسياً من أعمدة الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي. فما الذي يمكن أن يجلب الهموم والمشاكل للمرأة في موقع كهذا، خاصة هي تختاره بعد أن يتحقق لها وللمجال نفسه قدراتها الذاتية وملاءمة هذه الطاقة العلمية والحرفية مع طبيعة العمل ومتطلباته وعندما يكون الخيار كذلك متبادلاً بين الطرفين، المجال ذاته والمرأة ذاتها؟ إننا نتعامل مع صوت عال وصورة مضيئة ومازلنا نعيش في مجتمعات نصفها يرى في صوت المرأة (عورة) أرجو أن لا أكون ظالمة في قولي إنها ترى «الصورة» أيضاً بدرجات مختلفة ما بين قمة التشدد وصولاً الى قاعدة القبول على مضض. وأحب أن أقول هنا إن هذا الصوت (سواء كان هامساً على الورق أو مسموعاً على المذياع، أو مدمجاً بالصورة على الشاشة) هذا الصوت لم يصل بعد - وحتى يومنا هذا الى مرحلة الترحيب أو القناعة والى ما هو أهم من الاثنين وهو الواجب الذي تفرضه الحاجة أو الحاجة التي يفرضها الواجب. تلك هي بوابة المعاناة الأولى في المجال الإعلامي ذي البيئة المتموجة قياساً بالوظائف المستقرة كالتعليم، والتطبيب، والهندسة، حيث تحديد القدرة الذاتية على التعاطي مع الموضوع علمياً يمثل الأساس للتخصص، أما الإعلام فإنه يحتاج لأمرين معاً الموهبة الذاتية، ثم المهارة في سرعة التعلم للوصول الى حدود الإبداع». رضا الناس وتكمل العيسى: «قد نستغرب إن قلت لكم إن هذه التركيبة المسببة للتموج في المجال الإعلامي هي أيضاً المؤهلة لزرع القلق والهموم، إنها تصور الدخول للمجال الإعلامي كالدخول الى قاعة الامتحان الشفوي، وبصورة دائمة يمثل الجمهور فيها اللجنة الفاحصة، لكل فرد فيها مطلب يبحث عنه وما عليها - أي التركيبة الإعلامية - إلا التلبية، والنجاح يقاس بسعة منطقة الرضا، ولما كان رضا الناس غاية لا تدرك، فكيف الوصول الى رضا «المعلن» وهو الشخص الرئيسي في إعلام اليوم والغد أيضاً وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة في الجانب السلبي فيها، وتنفرد المرأة وتنفصل عنه في الجانب الإيجابي (المادة فقط هي عصب السلب والإيجاب في هذا الموضوع) وأظن أن فرصة المرأة باتجاه الجمال والجاذبية أكثر سرعة من دون خضوع المضمون للاختبار. والمعلن حتى اليوم همه ينحصر بالمظهر إلا ما ندر لكن فرصة الرجل لا تتأثر مع كبر السن إن لم تتسع بينما هي تتضاءل أمام كبر سن المرأة». وتضيف العيسى: «إن كل ما قدمته حتى هذه اللحظة تصوير لبيئة إعلامية تنبت فيها المشاكل، ولا بد من الاعتراف هنا بأن الهموم تبقى ذاتية لكنها تزيد المشاكل تعقيداً، أذكرها على سبيل المثال، لا الحصر: ? إن جاذبية المجال قد تدفع المرأة باتجاه الطموح مما يعرقل القدرة على قياس الطاقة الحقيقية، وقد يتعرض هذا الطموح الى نمو كاذب في معزل عن تنمية جادة للقدرة. ? الرغبة بالذهاب الى حيث الأضواء والشهرة قد تجنح بالمرأة باتجاه الضياع وعدم القدرة على التفريق ما بين الموهبة الحقيقية والحماس الكاذب. ? إن وجود المرأة تحت الأضواء له تكلفة مادية ونفسية عالية، لأن المتابعين لها غالباً ما يرسمون لها صورة تقرب من المثالية، لذا لابد لها من محاولة الحرص على الاحتفاظ بصورة متوازنة ومتزنة. ? جميل أن يكون الخيار في العمل الإعلامي متبادلاً ما بين المرأة والمجال لأننا نعيش في المجتمع الذكوري، فإنه نادراً ما يسعى المجال الى المرأة إلا من بوابة المظهر. مما يضطر من لا تحمل المظهر أن تشقى في سبيل تقديم إمكاناتها، مما يعرضها للاستخفاف أحياناً وللإهانة أحياناً أخرى، والتفكير بها من باب سد الثغرات أيضاً، وكثيراً ما تضطر للصمود بانتظار الإنصاف، إن لم تصل الى حد الإحباط والهروب مما يعرض المجال للخسارة. الشجاعة والجرأة ? ضعف نمو المجال النقدي الجاد قياساً بنمو النشاط الإعلامي، يضيق على «التميز» فرص الاعتبار والبروز يتم ذلك في جو من الانحرافات النقدية والتي غالباً ما تدفع ثمنها النساء. ? كلنا يعلم أن قوة الطرح (فكراً وتعبيراً) إنما يحسب عنصراً هاماً من عناصر التفوق الإعلامي لكن صدوره من الرجل يسمى شجاعة تحمد عليها، ومن المرأة يحسب جرأة تلام عليها إن لم تعاقب. ? التعاطي مع العلاقات المهنية والإنسانية تتعرض للخلل في المفهوم أحياناً وتسحب وراءها السلوك كذلك كالعلاقة مع مصادر الأخبار، وكذلك العلاقة مع الرؤساء والزملاء، ممن يملكون السلطة التي قد تتحول الى التسلط إن لم تستجب المرأة لمطالبهم. النجاح والأسرة عندما يقرب الإنسان من الفهم الصحيح باسم التحضر والنوايا الطيبة حتى يعطي الضوء الأخضر حاملاً في عنقه الرقابة الأسرية والمجتمعية معاً، وعندما تكون المرأة هي الموضوع فلا حماية من احتمالات تغيير الرأي أو الانقلاب عليه باتجاه الرفض في منتصف الطريق. ? ولا أظن أن وضعاً يمكن أن يصادف المرأة الإعلامية أقسى وأمر من وضع مهنتها التي تعشق في كفة، وأسرتها في كفة ثانية، ويطلب منها، بل تؤمر أن تقرر منحى خيارها. هذه القسوة لا يتعرض لها الرجل على الإطلاق وأخشى هنا أن أقول إنه لو حدث له ذلك لضحى بأسرته لا كرهاً فيها ولا حباً في المهنة، ولكن لأنه مدرك تماماً أن إنساناً آخر معني بسد هذه الثغرة في غياب الأب، إنها المرأة التي عجزت الإنسانية أن تجد لها بديلاً يملأ الفراغ الذي تتركه، فكيف بالإعلام. معالم المهنة تقول العيسى: «لا يختلف اثنان بيننا بأن الإعلام كمجال مهني له معالم وصفات ومتطلبات خاصة به، بل هو عالم لا يقرب من أي مهنة ولا تقرب المهن الأخرى منه: ? وأول هذه المعالم هو الصوت الصارخ والضوء الكاشف كساحة للنشاط، أو العمل، أو المهنة أو الحرفة - فلنسمها ما نريد - فهو قد يدنو من مهنة التعليم مثلاً في عنصرين هما: أ- أسبقية التطوع على التكسب المادي أول المطاف. ب - ضآلة المردود المادي قياساً بحجم الاستنفاد للطاقة البشرية في نهايته ولكنه يختلف. ? لعل ثاني المعالم والصفات يكمن ضمن حرية الحركة في مجال الفكر والتعبير عنه عبر أساليب ما أنزل الله بها من سلطان، تبدأ ربما من قمة الجد حتى قاعدة الهزل، ومن قمة الرسمية الى قاعدة الشعبية، مروراً بكل ما يشغل بال المواطن. فكلما اتسعت الساحة، زاد المجال ثراء. ? أما ثالث تلك المعالم إنما يكون في روعة الإحساس بالنمو الذاتي محاطاً باهتمام الآخرين به. هذا الاهتمام الذي يحفز العامل في المجال، ويدفعه باتجاه التجديد والتجويد الدائمين، فهو مجال نشط لا ينمو بغير هذا التجويد وذلك التجدد. لكن حقل الإعلام يظل مثل حقول العمل الأخرى، يمتلئ بالورود والشوك لذا يختلف المسار عبره ما بين المرأة والرجل - بطموحه المعهود - يدوس الشوك بعد تكسيره ويستمتع بالورد، أما المرأة فإنها - بتفكيرها العائلي الشامل - لا تقنع إلا بانتزاع كل شوكة وإبدالها بوردة حتى لو اضطرت لمحاربة طواحين الهواء، وهذا ما يجعل المسار بسيطاً أو لنقل هيناً للرجل، وبالغ التعقيد للمرأة، لأنها بخيارها هذا تواجه تحديات على المستوى الذاتي والأسري والاجتماعي لا يأبه بها الرجل وعليه يختلف سلوك الاثنين في المسار على نفس الطريق.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©