الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاجات فلسطين... إصلاحية وهادئة!

احتجاجات فلسطين... إصلاحية وهادئة!
6 مارس 2011 21:11
مؤخراً، وفي إحدى خطب الجمعة، ندد إمام مسجد كبير في مدينة رام الله بالولايات المتحدة لاعتراضها بالفيتو على قرار لمجلس الأمن الدولي يدين المستوطنات الإسرائيلية. وقد كانت تلك الخطبة بمثابة مقدمة لما قصد منه أن يكون يوماً للغضب الفلسطيني. لكن بعد رفع الصلاة، لم تبق سوى مجموعات صغيرة متفرقة من المصلين اتجهت إلى سوق رام الله، وهتفت ببعض الشعارات في وجه المارة الكثر. وبينما طالب كثير من المتظاهرين بالإطاحة بالحكام الأتوقراطيين وبالتغيير السياسي في العديد من الدول العربية المجاورة، يلاحظ أن المواكب الاحتجاجية التي شهدتها مدينة غزة كانت أكثر تواضعاً في مطالبها وشعاراتها، قياساً إلى المواكب الاحتجاجية المتزايدة في الدول العربية المجاورة. فقد تظاهر المواطنون هنا احتجاجاً على قرار الفيتو الأميركي، ومناصرةً للمتظاهرين في مصر وتونس، إضافة إلى مطالبتهم بالوحدة الوطنية بين قطاع غزة الذي تتولى إدارته حركة "حماس"، والضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة "فتح". ولم يطالب هؤلاء المتظاهرون والمحتجون بإسقاط حكامهم، على غرار ما طالب المحتجون في الدول المجاورة. وعلى حد قول عابد جبيه -صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية- فلا أحد سعيد هنا، ولكن يبذل الرئيس ورئيس الوزراء أفضل ما لديهما، في إشارة منه إلى عباس وفياض. وأضاف "جبيه" قائلاً: نحن أمة محتلة لا دولة لها، لذلك فإن على ثورتنا أن توجه ضد إسرائيل أولاً، لأننا نعلم أنه ليس بوسع قادتنا تحقيق ما نطالبهم به في ظل الاحتلال. ويبدو هذا الهدوء الفلسطيني حالة استثنائية بالمقارنة مع دوي الاضطرابات التي تشهدها كل من مصر وتونس وليبيا واليمن... وهي جميعها دول إما أسقطت الانتفاضات الشعبية حكامها أو باتت تهدد أنظمتها. وبينما بقيت دول عربية أخرى هادئة نسبياً، فإن الهدوء هنا في فلسطين يعد حالة شاذة جداً بالنظر إلى تاريخ الانتفاضات الشعبية الذي عرف به الفلسطينيون. ولـ"جبيه" تفسيره الخاص لروتينية الحياة هنا في وسط مدينة رام الله، حيث تزدحم الشوارع بالسيارات والراجلين والمتسوقين من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية. فمن رأيه أن عباس قد انتخب في عام 2005، وهو ليس حاكماً أتوقراطياً ظل ممسكاً بزمام السلطة لعدة عقود مثلما هو حال كثير من الحكام العرب. كما أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يتمتعون بقدر معقول من حرية التعبير، بينما يتوفر لهم مستوى حياة أفضل من كثير من شعوب الدول المجاورة. ثم إن هناك الانقسام في صفوف القيادة الفلسطينية بين حركتي "حماس" و"فتح"، وهو وضع له تأثيرات سالبة على أي محاولة للاحتجاج على القيادتين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ذلك أن أي تظاهر أو احتجاج على أي من القيادتين، عادةً ما ينظر إليه على أنه دعم لأحد الخصمين المتنافسين على حساب الخصم الآخر. ولهذا الاعتبار حساسية خاصة في المجتمع الفلسطيني المنقسم على نفسه داخلياً. ويذكر أن حركة "حماس" قد سيطرت على الأمور في قطاع غزة، عقب حرب أهلية قصيرة اندلعت بينها وبين مقاتلي منافستها "فتح" في عام 2006. وبذلك اقتصر نطاق سيطرة فتح على الضفة الغربية، بينما انفردت "حماس" بحكم القطاع. وقد عبّر عن هذه الحساسية، خالد شكاكي -محلل سياسي فلسطيني ومختص بإجراء قياسات الرأي العام- بقوله: إذا ما تظاهرت في الضفة الغربية، فإن ذلك يفهم تلقائياً على أنه دعم لحركة "حماس" في القطاع. أما إذا ما تظاهرت في القطاع، فإنه يفهم بالتلقائية نفسها على أنني موالٍ لـ"فتح" في الضفة. وأوضح "شكاكي" قائلاً "إن كثيراً ممن يرغبون في التظاهر والاحتجاج -وهم ليسوا كثراً في الوقت الحالي- يكرهون الحركتين معاً، ويرون فيهما قيادة عاجزة عن القيام بواجباتها الأساسية، والمتمثلة في بناء نظام ديمقراطي يحترم حريات مواطنيه، وتسوده سيادة القانون". أما المظاهرات والمواكب الاحتجاجية التي خرجت تأييداً للمحتجين المصريين والتونسيين، فقد تمكنت القوات الأمنية في كل من الضفة الغربية والقطاع من كسرها ومنع استمرارها. وقد شملت الإجراءات هذه اعتقال وضرب بعض المشاركين في المواكب الاحتجاجية، خوفاً من أن تستهدف الاحتجاجات كلا السلطتين في القطاع والضفة. ومهما يكن، فقد دفعت موجة الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية المطالبة بالإصلاح والتغيير، والتي شملت عدداً من الدول العربية مؤخراً، مجموعات من الشباب الفلسطينيين للدعوة إلى تنظيم حملة احتجاجية عبر موقع "فيسبوك؛، بهدف وضع حد للانقسام الحالي بين "حماس" و"فتح". وقد تمثل هذا المطلب في الشعار الاحتجاجي: "الشعب يريد إنهاء الانقسام"، بدلاً من شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي تردده الانتفاضات العربية المختلفة. وأوضح حازم أبو هلال، وهو أحد الشباب المنظمين للحملة الاحتجاجية، ويعمل بمنظمة "شارك"، وهي منظمة غير ربحية تروّج للبرامج والأنشطة الشبابية في رام الله، أوضح أنه تمت صياغة الأهداف الرئيسية للحملة في بيان صدر الأسبوع الماضي. ولا تتطلع هذه الأهداف إلى إسقاط القيادة الفلسطينية، إنما ترمي إلى المطالبة بالإصلاح ومزيد من الديمقراطية. كما رفع أحد المتظاهرين في رام الله مؤخراً شعاراً في أحد المواكب المطالبة بوحدة الصف الفلسطيني يقول: "الانقسام = قمع الحريات... ولذا فإنني ضده". جويل جرينبرج - رام الله ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©