الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند: صعود مفاجئ للسوق الريفية

6 مارس 2011 21:14
في قرية نيمالي بوري الهندية النائية، تمكن أحد باحثي دراسات السوق من شق طريقه وسط الغبار وارتفاع درجات الحرارة، ليصل أخيراً إلى منزل الفلاح عبدالرحمن، حيث وجه إليه أسئلة تتعلق بأي أنواع "الشامبو" ومنتجات معجون الأسنان وزيوت الشعر وأجهزة التلفزيون و"الاستريو" الصوتي يستخدمها. كما طرح الباحث على الفلاح عبدالرحمن ذلك السؤال الذي ترغب معظم الشركات المنتجة معرفة جوابه عن متطلبات المستهلك الريفي الهندي: ما هي المنتجات الجديدة التي تريد شراءها خلال الشهور الستة المقبلة؟ وبعد برهة من التفكير في الإجابة قال الفلاح إنه يرغب في شراء ثلاجة. والحقيقة أن الريف الهندي كان يبدو بعيداً ككوكب المريخ بالنسبة لباحثي السوق حتى وقت قريب. ولكنهم الآن بدأوا يطرقون كل مناطقه في مختلف أنحاء الهند، بهدف التعرف على سلوكيات وتطلعات المستهلكين الريفيين من أمثال الفلاح عبدالرحمن. ومن شأن النتائج التي توصل إليها هؤلاء الباحثون خلال السنوات الثلاث الماضية أن تحدث تغييراً جوهريّاً في نظرة الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى السوق الهندية، فضلاً عن توفير مئات الملايين من المستهلكين الريفيين المحتملين لهذه الاستثمارات. وقد بدأت بعض الشركات الأجنبية، مثل شركة "إل. جي" الكوريـة الجنوبيـة للإلكترونيـات، وشركـة "جـي. إي" الأميركية للرعاية الصحية سلفاً في تفصيل استراتيجياتها التسويقية وتوجيه منتجاتها نحو هذه الجبهة التسويقية الجديدة في الريف الهندي. ففي قرية الفلاح عبدالرحمن هذه، التي تقع في ولاية "أندرا براديش" جنوب الهند، لا توجد مدرسة ثانوية عليا للبنات، كما أن لمعظم سكانها حمامات مبنية من جريد النخل المجفف. ومع ذلك تعلو أسقف البيوت المئات من الأطباق التلفزيونية المستقبلة للبث الفضائي. وللفلاح عبدالرحمن أيضاً دراجة نارية جديدة ناصعة اللون، بينما يشاهد المسلسلات التلفزيونية والمصارعة الحرة عبر شاشة تلفزيونية مسطحة في منزله. وعقب مشاهدته لإعلانات تلفزيونية تروج لاستهلاك الزيوت منخفضة الدهون، فضّل عبدالرحمن استهلاك هذه الأنواع من الزيوت التي تستخدم لطهي الطعام. ويرى محللو أبحاث ودراسات السوق، أن الريف الهندي، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 740 مليون نسمة، ربما أصبح مؤهلاً للصحو من سباته العميق الطويل، بفضل ارتفاع مستوى دخل السكان، وإنشاء شبكات الطرق الجديدة الحديثة، وتحسن مستوى التعليم، وانتشار استخدام الهواتف النقالة وأجهزة التلفزيون. ويرى "باراديب كاشياب" -رئيس مجموعة "مارت" الاستشارية، وأبرز خبراء التسويق الريفي في الهند- أن الريف هو السوق الهندية الصاعدة الحقيقية. فهناك عدة عوامل إيجابية مشجعة على صعود السوق الريفية. ومن شأن هذه السوق أن تفاجئ الكثيرين بسرعة نموها. وعليه فإننا نتوقع أن يقول الكثير من المستثمرين إنهم لم يكونوا على استعداد للاستجابة لهذه السوق الواسعة المفاجئة. ومن بين العوامل المشجعة على نمو السوق الريفية، أن نسبة 70 في المئة من القرى الهندية تربط بينها الآن شبكات متعددة من الطرق، بينما يستخدم ما يزيد على 200 مليون ريفي الهواتف النقالة، وتتوفر خدمات الكهرباء في نحو 60 في المئة من البيوت الريفية. ووفقاً لإحصاءات "المجلس الوطني لأبحاث الاقتصاد التطبيقي"، فقد بلغت مشتريات الريف من مبيعات أجهزة الكمبيوتر نسبة تقدر بحوالي 22 في المئة، ونسبة 29 في المئة من مبيعات الثلاجات، و32 في المئة من مبيعات السيارات، و46 في المئة من مبيعات أجهزة التلفزيون. وفي الوقت نفسه يتوقع أن يرتفع متوسط دخل الأسرة الريفية بنسبة 27 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة، ومعظم هذه النسبة سيكون من موارد غير زراعية. هذا يرى بعض باحثي السوق أنه لا طائل من أي جهد يبذل في دراسة سلوكيات المستهلك الريفي الهندي، وهذا ما يذهب إليه "أشوك داس"-المدير التنفيذي لمجموعة "هنسا رسيرش إنديا" المختصة في دراسات الريف الهندي. فقد تخلت هذه الشركة عن أدوات أبحاث السوق الحضرية، وطورت أدواتها الخاصة بها بهدف مسح وقياس تطلعات المستهلكين الريفيين. ويؤكد "أشوك داس" أن عملية مسح وقياس اتجاهات هذه الفئة من المستهلكين لم تعد أمراً صعباً مثلما كان في الماضي. فالآن تتوفر قوائم الناخبين والإحصاءات السكانية عبر الشبكة الإلكترونية. بل تتوفر حاليّاً إمكانات هائلة لإجراء المسوحات وقياسات الرأي العام لمستهلكي الريف عبر الهاتف والبريد الإلكتروني، وغيرهما من وسائل الاتصال السريع. وبينما بلغت دراسات وأبحاث السوق الحضرية درجة التشبع تقريباً، تتسابق الآن الشركات على إعادة هيكلة استراتيجياتها حتى تتمكن من مسح ودراسة السوق الريفية. "ففي الماضي كان على الفلاحين القرويين أن يسافروا لبضعة أميال كي يصلوا إلى أقرب سوق منهم لشراء ما يحتاجونه من أجهزة تلفزيونية يحتاجونها. ولكننا بدأنا عرض أجهزة التلفزيون والثلاجات والغسالات في أسواق المحاصيل الزراعية الريفية نفسها، حيث يأتي المزارعون لبيع محاصيلهم، وتتوفر لديهم النقود في موسم الحصاد". ذلك هو رأي "واي. في. فيرما" الضابط التنفيذي الأول لشركة "إل. جي. إنديا"، وهي شركة متعددة الجنسيات مختصة في بيع الأجهزة والمعدات الاستهلاكية. وقد أوضح "ميرفا" أن مستهلكي المدن والمناطق الحضرية، غالباً ما يستخدمون بطاقات الائتمان لشراء حاجاتهم، بينما يستخدم الفلاحون النقود الحاضرة في معاملاتهم الشرائية. ثم إن الشركات المستثمرة نفسها بدأت تفصّل منتجاتها على حاجة المستهلكين الريفيين. ففي شهر أبريل من العام الماضي، أطلقت شركة "جي. إي" للرعاية الصحية حملة لبيع أجهزة قياس نبضات القلب المحمولة على الكف، بما يعادل 500 دولار، وهو سعر لا يساوي سوى جزء يسير جدّاً من سعر هذا الجهاز الدقيق البالغ التكلفة. راما لكشمي - الهند ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©