الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدنمارك: الصوت الغائب

6 مارس 2011 21:14
تصادف الشهور الثلاثة الماضية الذكرى الثالثة لأزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة التي تسبّبت بألم كبير للمسلمين الدنماركيين، وشكّلت تذكيراً بواحدة من الأزمات التي واجهت المسلمين في الدنمارك: الإعلام وتغطيته للمواطنين المسلمين. وقد أثار الإعلام أزمة الرسوم الكاريكاتورية، بهدف إيجاد حوار عام حول سلوك المسلمين ووجهات نظر الإسلام تجاه المجتمع والحياة السياسية. لكنه لم يكن حواراً حقيقياً، إذ لم يلعب المسلمون سوى دور ضئيل في الحوار، وشعر بعضهم بالإحباط لعدم وجود منبر محلّي يستطيعون من خلاله المشاركة في الجدل الإعلامي. وبدلاً من ذلك كان يتوجب عليهم الاعتماد على الإعلام في العالم العربي للدفاع عن أنفسهم في الخارج. وتصاعد الوضع بعد أن أصبح المسلمون والإعلام على طرفي نقيض. ووصفت عناوين الأخبار المسلمين الغاضبين حول العالم وهم يطلقون صرخات الاحتجاج على أنهم "صانعو المشاكل الاعتياديون"، فشعر المسلمون الدنماركيون بالإحباط من التغطية المنحازة التي كانوا يحصلون عليها. وكانت أزمة الرسوم الكاريكاتورية بالنسبة للجمهور الدنماركي قضية حرية تعبير. أما بالنسبة للمسلمين الدنماركيين فكانت قضية تحامل وإجحاف ثقافي. وعند النظر إلى الوضع قبل ثلاث سنوات، لماذا لا نحل قضية بالأخرى من خلال استخدام حرية التعبير لمقاومة التحامل والتصوير النمطي؟ لماذا لا نعمل على إنشاء إعلام يركز على المسلمين، مثل صحيفة مسلمة وطنية أو جريدة أسبوعية أو محطة تلفزة في الدنمارك لاستخدامها كرقيب على التحامل في إعلام التيار الرئيس؟ يمكن لهذا النوع من الوسائل الإعلامية أن يغطي القضايا السياسية بأسلوب تفاعلي إيجابي، بدلاً من أن يُستخدم للدفاع عن الادعاءات والتصوير النمطي الذي ظهر في الإعلام المطبوع. وقد يحتجّ المسلمون ويتذمروا من التغطية الإخبارية المنحازة، ويكتب أحدهم مقالة رأي أو رسالة إلى المحرر حول التغطية السيئة لقضايا المسلمين، أو يحضر بعضهم حلقات دراسية أو جلسات حواريّة للإعراب عن إحباطاتنا... لكننا بحاجة لأن نفعل أكثر من ذلك. يحتاج المسلمون في الدنمارك إعلاماً يغيِّر الرأي العام من خلال التواصل مع بيوت الفكر وصانعي القوانين والمدراء وصانعي القرار والأكاديميين في هذا البلد. يستطيع المسلمون بهذا الأسلوب أن يعملوا بشكل بناء وإيجابي لإعلام صانعي الرأي والحد من أي إجحاف أو رؤى خاطئة قد تكون لديهم. لا يستطيع إعلام التيار الرئيس تغطية كافة القضايا المهمة للمسلمين، وتجاهل تلك التي تقوم بتغطيتها وجهات نظر المسلمين. على سبيل المثال، ورغم أن الصحيفة اليومية المسيحية الدنماركية Kristeligt Dagblad تتعامل أحياناً مع قضايا ذات علاقة واهتمام لدى المسلمين، فإنها تفعل ذلك من وجهة نظر مسيحية. في الوقت نفسه عملت دول غربية أخرى، مثل المملكة المتحدة وألمانيا والنمسا، على إنشاء مؤسسات إعلام مسلمة، يوجد بعضها في الدنمارك. سألت أثناء جدل عام تم مؤخراً حول الموضوع محرِّراً من إعلام التيار الرئيس حول التصوير النمطي وانعدام تغطية متوازنة لقضايا المسلمين في الدنمارك، فكان رده: "نحن نفتقر للمعرفة بالإسلام". ويمكن لمؤسسة إعلامية إسلامية أن تكون ذات أفضلية في امتلاك معرفة معمّقة بقضايا الإسلام، ووجود شبكة اتصالات ذات علاقة تستطيع تثقيف وسائل الإعلام حول آراء المسلمين ومعتقداتهم. وفي دول غربية أخرى مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا، تتعاون المنظمات المسلمة مع إعلام التيار الرئيس لتثقيف الصحفيين حول الإسلام والقضايا ذات الصلة بالمجتمع المسلم. ويستطيع المسلمون والصحفيون من خلال التعاون مع الإعلام مساعدة بعضهم على محاربة التغطية الإعلامية المتحيزة. فمسؤولية الإعلام ليست مجرد تغطية أخبار المجتمع بموضوعية توفر المعلومات، وإنما كذلك إشراك المجتمع في الحوار كوسيلة لحرية التعبير والرأي. وتدافع بعض وسائل الإعلام الدنماركية عن نفسها مدّعية وجود مسلمين ضمن كادرها الوظيفي. لا يمكن إخماد التميز والتحامل بوجود كادر وظيفي ذي خلفية اجتماعية أو دينية، وإنما من خلال المساعدة على إيجاد فرص حقيقية لأقليات كهذه لتأسيس نفسها في مضمون إعلامي. يحتاج المسلمون في الدنمارك لإعلام مستقل لمراقبة التحيز في التقارير الإخبارية والآراء المتداولة في الصحف. وإذا كان الإعلام الدنماركي جاداً، فعليه إشراك المسلمين. وإذا كان المسلمون جادين في محاربة التحيز فعليهم إشراك الإعلام. صافية عودة محامية وكاتبة - كوبنهاجن ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©