الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرغيزستان... وتحديات ما بعد «باكاييف»

18 ابريل 2010 21:17
استقال الرئيس القرغيزي السابق كرمانبيك باكاييف يوم الخميس الماضي، وغادر بلاده إلى كازاخستان. وعليه فقد تعين على الحكومة المؤقتة التي تتولى رئاستها روزا أوتنبييفا استعادة النظام في تلك الدولة التي تفتقر للاستقرار على رغم أهميتها الاستراتيجية الكبيرة. وكان باكاييف قد أدلى بتصريحات للصحافة في حديقة عائلته يوم الأربعاء الماضي، في قرية تيت بمنطقة جلال آباد، ثم أعلن استقالته في اليوم التالي، وغادر إلى كازاخستان. وبذلك ترك باكاييف السلطة كاملة بيد خصومه السياسيين الذين كانوا ينوون الإطاحة به عبر انتفاضة شعبية في الأسبوع الماضي. ومن جانبه كان باكييف يأمل في أن يستقطب التأييد الشعبي انطلاقاً من مسقط رأسه في جنوبي البلاد، بما يمكنه من استعادة منصبه الرئاسي. لكنه يئس أخيراً وقرر الاستقالة. وبمساعدة روسية أميركية، تمكن باكييف من الهرب إلى كازاخستان، بعد أن أطلق الرصاص عليه أثناء اجتماع سياسي عقد في منطقه أوش في الجنوب. هذا وقد أبرمت صفقة رسمية مع باكاييف، إثر وساطة دولية قام بها عدد من كبار قادة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وكذلك رؤساء دول مثل الرئيس الروسي ميدفيديف، والأميركي أوباما، والكازاخي نور سلطان نزار باييف. وبموجب تلك الصفقة، يتعين على باكاييف الاستقالة من منصبه والذهاب إلى منفاه الاختياري. وعقب وصوله إلى مدينة تراز الكازاخية يوم الخميس الماضي، قال باكاييف: "في هذه الأيام المأساوية التي تمر بها قرغيزستان، أتقدم باستقالتي وفقاً لنصوص الدستور القرغيزي، واضعاً في الاعتبار مسؤوليتي إزاء مستقبل شعب قرغيزستان". ومن ناحيتها وصفت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في بيان لها استقالة باكاييف بقولها: "يعد هذا التطور خطوة مهمة نحو استقرار الأوضاع في قرغيزستان، والعودة إلى إطار يسمح بالعودة إلى حكم القانون، وتفادي نشوب حرب أهلية". كما أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، باستقالة باكاييف، واصفاً إياها بأنها تمثل خطوة مهمة نحو التنمية السلمية المستقرة المزدهرة والديمقراطية لقرغيزستان.وبذلك فقد انتقلت مهام رئاسة الحكومة المؤقتة إلى وزيرة الخارجية السابقة، روزا أوتنبييفا. وتقع قرغيزستان في تضاريس جبلية تعطيها أهمية استراتيجية كبيرة نظراً لتوسطها لمنطقة آسيا الوسطى. ولكن على رغم أهمية موقعها، تعد قرغيزستان أفقر دول المنطقة وأقلها استقراراً سياسيّاً. وتعليقاً على الوضع السياسي في قرغيزستان الذي تديره حكومة مؤقتة، يرى سانوبار شيرماتوف، الخبير في الشؤون الآسيوية بوكالة RIA-Novosti الروسية للأنباء، أن موسكو وواشنطن تفضلان هذه الحكومة المؤقتة على نظام باكاييف السابق. ويستطرد شيرماتوف قائلا: "غير أن المشكلات الكبرى والأكثر تعقيداً تظل بانتظار هذه الحكومة المؤقتة. وأولاها الطبيعة غير الشرعية للحكومة الحالية. والذي أعنيه بذلك أن ثورتين سابقتين شهدتهما الأعوام الخمسة الماضية، قوضتا طريقة التفكير السياسي للشعب القرغيزي. فحتى الثورة الأولى التي شهدتها البلاد في عام 2005، حاول خلالها البعض وضع يده على الممتلكات والأموال والأراضي. وفي ظل تلك الظروف التي سادها انفلات أمني تام، كان يصعب جداً إقناع من يقومون بتلك الأعمال بأنها أعمال إجرامية"! وعلى رغم تمتع باكاييف بمنفى اختياري آمن وسلمي في كازاخستان، فقد دعت أوتنبييفا أثناء زيارتها لتركيا، إلى محاكمته على مسؤوليته عن مصرع 84 من المتظاهرين جراء إطلاق النيران عليهم من قبل شرطة مكافحة الشغب في العاصمة بشكيك. يذكر أن الحكومة المؤقتة اعتقلت وزير الدفاع القرغيزي السابق، باكتبيك كالييف، إلى جانب تنظيمها لحملة ملاحقة مشددة لشقيق الرئيس السابق، جانيش باكاييف، الذي كان يتولى قيادة الحرس الحكومي. وفي هذا الصدد يقول أندريه ريابوف -الخبير بمركز كارنيجي في موسكو- إن الرأي العام القرغيزي سيطالب بمعاقبة بعض المسؤولين السابقين. وبالنظر إلى حاجة الحكومة المؤقتة إلى الدعم الشعبي اللازم، فإن من المتوقع أن تفعل شيئاً مما يطالب به الرأي العام. ويرى خبراء كثر أن القوى الدولية الكبرى، ذات المصلحة في المنطقة، بما فيها روسيا والصين والولايات المتحدة، يرجح لها أن تسارع بالاعتراف بالحكومة المؤقتة، إلى جانب توفير الدعم الدبلوماسي والاقتصادي لها. وعلى رغم أن موسكو وسعت من اعترافها المشروط والمساعدات المالية الطارئة التي تقدمها لحكومة قرغيزستان المؤقتة، فقد نقل عن ميدفيديف قوله إنه سينتظر بعض الوقت، قبل أن يعلن اعترافه الرسمي بالنظام الحاكم حاليّاً في بشكيك. وعلى حد تعبير ميدفيديف: "سوف ننتظر بعض الوقت لنرى ما إذا كان قادة قرغيزستان الجدد قادرين على التوصل إلى اتفاق فيما بينهم. وفي بعض الحالات ربما لا يبدو هذا الاتفاق سهلاً". وأضاف قائلاً: "إنني أتمنى للمسؤولين الجدد أن يتحرروا من تلك الأخطاء السابقة". وقد فسر المراقبون قوله الأخير هذا بأنه إشارة إلى ممارسات الفساد، والصراعات الداخلية والمحاباة التي سادت في عهد باكاييف. وفيما يبدو، فلن تكون استعادة الأمن والنظام مهمة سهلة في تلك الدولة. فقد عرفت قرغيزستان بانقساماتها الداخلية بين مناطقها الجنوبية والشمالية، التي تفصل بينها سلسلة جبال "تين شان". كما تواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة بسبب التوترات الإثنية، إضافة لاحتمال ظهور تمرد أصولي متطرف في الجنوب. كما تسيطر على المشهد السياسي في قرغيزستان العشائر النافذة التي كثيراً ما تنظر إلى المناصب الحكومية الرسمية على أنها وسيلة لجمع الغنائم والمكاسب لنفسها، مع إقصاء الآخرين وحرمانهم منها. هذا ومن المتوقع أن تعترف واشنطن بالحكومة المؤقتة الجديدة، وخاصة أن أوتنبييفا أكدت لهيلاري كلينتون، التزام حكومتها باستمرار استئجار أميركا لقاعدة ماناس الجوية في قرغيزستان. فريد فاير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©