الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأرض في امتحان عسير من ست درجات

الأرض في امتحان عسير من ست درجات
18 ابريل 2010 21:26
ثمة حيرة تتملكنا كما تتملك العلماء، فالأخبار المتدفقة لا تنذر بالخير، الأعاصير والغيوم الغبارية واشتداد الجفاف.. عناوين تتواتر عن أحداث يتكاثر تدفق المعلومات حولها والعنوان الرئيس «التغير المناخي» الذي بحثته دول العالم في ديسمبر الماضي في كوبنهاجن، والأولى بينها من أشد الدول تسبباً للتلوث في الكرة الأرضية حملت وعوداً بخفض انبعاثات الغاز قد لا تحقق مبتغاها. «ست درجات» عنوان كتاب للباحث البريطاني مارك ليناز، يعرض للمعلومات العلمية الأكيدة للتغير المناخي وأقصى الاحتمالات أن ترتفع درجة الأرض ست درجات مئوية، تم تحويل نقاطه الرئيسية إلى سيناريو علمي في برنامج على ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي حمل اسم الكتاب نفسه. والحيرة تتأتى حين يضع العالم سيناريوهات للمستقبل، وقال مارك للاتحاد في حديث خاص «ثمة العديد من السيناريوهات إنما نعتبرها علمياً احتمالات وليست وقائع محتملاً حدوثها، لأننا لا نعرف كيف ستكون استجابة الأرض مع ارتفاع درجة حرارتها أكثر، بالطبع نعرف أن منسوب المياه في المحيطات سيرتفع، وستتبخّر الكتل الثلجية في القطب الشمالي، وستتعرض حياة الكثير من الأنواع للخطر، ولكن هذا يبقى في الاحتمالات وليس في الحتميات لأننا نعرف التغير المناخي ونقيسه بمختلف الوسائل التكنولوجية، ولكن لا نستطيع أن نرسم التغير بحتمية للمستقبل». ولا ينفي مارك المخاطر المترتبة على التغير المناخي، وما يتحاشى وصفه بالحتمي لمستقبل الأرض، عمل عليه في فيلم خيالي «قرن الغباء» The Age Of Stupid أخرجه فرانين آرمسترونج، وساعد على كتابته مارك ليناز، كما كان المستشار العلمي للفيلم. والفيلم عن رجل يعيش وحيداً في العام 2055 بعد أن أصيبت الأرض بدمار مواسع، ويطرح التساؤل التالي «لماذا لم نضع حداً للتغير المناخي حين كانت الفرصة مؤاتية»؟. وقد رشح الفيلم للأوسكار. وبذلك فإن ما رفض مارك قوله لنا إذ قال «لا يجب علي أبداً تحديد ما قد يحدث، سيكون سيناريو لا أكثر، لدينا المعطيات ولكن ليس ثمة حتمية للإجابات»، كتبه سيناريو للفيلم الذي يصوّر شكل العالم وحاله في ظل استمرار التغير المناخي من دون التحرك لإيقاف مسبباته. وأضاف «إن الفيلم إضاءة خيالية على المستقبل، وبالطبع يختلف عن برنامج «ست درجات» الذي قدمته على ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي، والأخير علمي ويتحدث عن التأثيرات العلمية لما قد يحدث من تغيرات في العالم». وقال «الفيلم عن مستقبل متخيّل وهو نوع من سيناريو عن الأشياء التي حصلت في قرن معيّن وذلك لأننا كنا أغبياء ولم نعمل على إحداث تغيير». الحد الأقصى شرح مارك عن الكتاب والبرنامج فأوضح: «إنها معلومات جمعتها وبحثت فيها لتناول التغيرات المناخية في قرن، فمع ارتفاع حرارة الأرض درجة مئوية واحدة ماذا يحصل، ودرجتين وثلاثاً، وصولاً إلى الدرجة الأقصى وهي الدرجة السادسة. فالدرجة السادسة هي الدرجة التي يعتبرها العلماء أنها أقصى درجة ممكنة». وأشار إلى أنه أمضى نحو سنتين ونصف السنة في مكتبة الجامعة، يبحث ويجمع المعلومات، وكان للمكتبة حصة الأسد من الوقت الذي تطلبه لإنجاز الكتاب بأسلوب وصفه بالمفهوم للجمهور العادي، إذ أن مارك لم يقصد توجيهه لمتخصصين لفهم ما نشره العلماء حول المستقبل في ظل استمرار التغير المناخي وارتفاع حرارة الأرض. وفيما بعد، جاء التحضير للبرنامج الذي جمع إلى المعلومات الصور المحتملة الحدوث للأرض بمختلف الدرجات الست لارتفاع حرارتها، وبالطبع «كان ثمة معلومات علمية صعبة على المشاهد، فعمدت إلى تسهيل المادة المعروضة لتوعية الناس حول خطورة استمرار ارتفاع حرارة الأرض» كما أردف مارك. وانطلاقاً من هذه الخطورة، انحاز مارك ليناز إلى المحللين الذين يعتبرون أن للتغير المناخي تأثيراً كبيراً جداً على سيناريو الحياة على الأرض، لأن الاحتمال بالتأثير السلبي على الأرض ليس بالضئيل أبداً كما يميل محللون آخرون إلى اعتماده في عرضهم للتغير المناخي. وقال «من المؤكد أن التأثير الناتج عن التغير المناخي، الذي نشهده، كبير جداً على الإنسان وعلى الكائنات الحية الأخرى. ولا أتخيل أن ثمة تأثيراً أكبر منه وعلينا أن نكون صادقين مع أنفسنا حول ما نواجهه وما بوسعنا القيام به لتحاشيه». مؤشرات دالة عن دلائل التغير المناخي، عدّد مارك أساليب قياس علمية وتقنية متعددة، منها التي القياس من الأقمار الاصطناعية ولحرارة المحيطات ولنسبة ذوبان الطبقات والجبال الجليدية، وبالإضافة إليها ثمة قياس مدى تأثر الكائنات الحية من نبات وحيوانات بالتغير المناخي، كما الدليل الدامغ لازدياد كمية انبعاث ديوكسيد الكربون». وقال «بشكل عام، الأدلة على التغير المناخي دامغة وقوية إلى الدرجة التي تسمح بالاستنتاج بأن الأرض ترتفع درجة حرارتها باطراد». واعتبر أن التحدي الكبير هو مدى التأثير على البيئة، وخصوصاً على الأنواع فيها، وبالتالي إنه التحدي الأقوى الذي نواجهه على الأرض. وعن رأيه بالهندسة الجيولوجية كحل لحماية الأرض، اعتبر أنه «الفزع الجغرافي» وأنه بالنسبة إليه هو كيفية تمكن الهندسة الجيولوجية من مساعدة الجو للتأثير إيجاباً وبالتالي، فإنه يدعم هذا التوجه في أبحاثه، إنما من السابق لأوانه تطوير نطاقه بقدر ما يعتبره مهماً للاستفادة من تقنياته. هدر الطاقة عن الدعوات الموجهة إلى الجمهور للمساعدة من خلال أساليب عيشهم للحد من انبعاثات الغاز (ديوكسيد الكربون) وللمحافظة على البيئة والتوفير في استهلاك الطاقة، اعتبر مارك أن دعوات لإعادة التدوير مثلاً هي مسائل صغيرة أمام المشكلة الكبيرة التي نواجهها، وأن «المشكلة تكمن في إدارة هذا الهدر المطرد للطاقة. فالاقتصاد في الطاقة من الأمور التي يجب اعتبارها حين نتحدث عن التغير المناخي، وعلى الصعيد التقني فإن التحديات التي تواجهنا جمة». وإذ استرجعنا معه نتائج المؤتمر الدولي الأخير الذي عقدته الأمم المتحدة في كوبنهاجن في ديسمبر الماضي لتحديد الأهداف الجديدة لخفض انبعاثات ديوكسيد الكربون، وتداعياته بسبب صدور التلوث عن الدول الكبرى، والنية الحقيقية لتفضيل مستقبل الأرض على ما يرون أنه سيؤثر سلباً على الاقتصاد، سألناه عن مدى استعداد الدول الكبرى للتحرك في سبيل تخفيض نسبة انبعاث ديوكسيد الكربون، فأشار، كونه يعيش في بريطانيا، إلى المشاريع المعتمدة فيها للتخفيف من انبعاث الغاز، وكذلك تحدث عن الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والصين، وعن العالم العربي، تحدث عن «مصدر» في الإمارات العربية المتحدة، معلناً دعمه للمشروع كونه واعداً ويشمل مدينة تستخدم الطاقة البديلة، متأملاً أن تحذو الدول العربية الأخرى حذو الإمارات في مشروعها. وإذا كان يعتبر برنامجاً من مثل «ست درجات» نوعا من التوعية للجمهور، قال «أنا أعتبر أن كل ما أقوم به هو توعية، فكل أبحاثي وكتاباتي تدور حول شرح التغير المناخي وقد يعارضني البعض في أبحاثي وقد يوافقني البعض الآخر ويسعى للتغيير وللتأثير على السياسيين لاتخاذ خطوات فعالة في بلدانهم لحماية الأرض». يذكر أن مارك ليناز قد عين في العام 2009 باحثاً مشاركاً زائراً في كلية الجغرافيا والبيئة في جامعة أوكسفورد، وشريكاً في شركاء المناخ في أوكسفورد، وهي شركة استشارات مناخية متخصصة في تحليل واستشارات في مجال سياسة الاستراتيجيات المناخية. كما عين في العام 2009 مستشاراً في التغير المناخي للرئيس المالديفي ويعمل مع المالديف في جهودها لتكون أول دولة على الأرض لا تسبب انبعاثاً في الجو لديوكسيد الكربون في العام 2019. من مؤلفاته، «ست درجات» الذي نشرته ناشيونال جيوجرافيك العالمية واستتبعته بوثائقي حول موضوع الكتاب.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©