الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموهوبون.. عملة نادرة!

الموهوبون.. عملة نادرة!
18 ابريل 2010 21:46
إن الأطفال المتفوقين يمثلون شريحة من البشر يمكن تمييزها، وإن احتياجات هذا الكم تختلف بشكل واضح عن احتياجات غيرهم من الأطفال. ويحتاجون رعاية خاصة تتفق وحاجاتهم التي تختلف عن حاجات الأطفال العاديين، فهم يحتاجون إلى تجارب تعليمية وخبرات علمية تتسم بالتحدي لتكون مرضية ومشبعة ومناسبة لحاجاتهم، وهم بحاجة أيضاً إلى التعلم والتحفيز والتشجيع، ذلك أن الكثير منهم قد ينزلق إلى السلبية مثل اللامبالاة وعدم الإنجاز أو ينزلق إلى نماذج منحرفة ودفاعية من السلوك كرد فعل للضجر والافتقار إلى الحافز. إن عدم التفهم وعدم إعطاء الفرص لهؤلاء الأطفال المتفوقين عقلياً يحمل المجتمع مسؤولية إهمال احتياجاتهم النفسية والانفعالية من خلال نظام يجب توفيره لهم وبرامج كافية، ولقد اتضح أن أداء الأطفال المتفوقين يكون أقل من المستوى المتوقع في البرامج التي لا تراعي الفروق الفردية، مما قد يهدر طاقاتهم وإمكاناتهم، فهم قد يتعرضون لمعظم مشكلات الأطفال العاديين أثناء نموهم، لكنهم يواجهون أنواعاً أخرى من المتاعب والمشكلات الخاصة بهم، والتي لا يواجهها العاديون، ولا ترجع معظم هذه المشكلات إلى تميز عقلية الطفل بقدر ما ترجع إلى موقف الآخرين منه واستجابتهم لتفوقه. وقد اختلفت وجهات النظر حول خصائص وسمات هؤلاء الأطفال، فالبعض يرى أنهم حذرون ويقظون بشكل مفرط ويستجيبون بحساسية مفرطة للمواقف، ويرى آخرون أن النمو الأخلاقي لديهم متقدم وهم سريعو التأثر بالكثير من المشكلات الاجتماعية، وقرر آخرون أنهم غريبو الأطوار ويشكلون تحدياً لعالم الكبار، وأن التعامل معهم شاق جداً، وأنهم أصحاب مشكلات وحاجات خاصة، وأنهم يجدون صعوبة في التكيف الاجتماعي، في حين يرى البعض أن تفوقهم العقلي يمكنهم من التغلب على الإجهاد والتوتر ومواجهة المشكلات بذكاء أكثر، وكذلك يميل كثير من المعلمين إلى كبح وإعاقة الأطفال المتفوقين في سبيل رعاية زملائهم في غرفة الدراسة، إلا أن الآباء تثار لديهم اهتمامات صادقة وحاجات ملحة نتيجة وجود طفل متفوق في الأسرة، فيتساءلون عن خصائصه وطرق توجيهه وعن دورهم ومساهماتهم في سبيل الاحتفاظ بتفوقه وتدعيم موهبته، بل ورفع مستوى هذا التفوق، ومن ثم فهم محتاجون إلى تعليم توجيهي أكثر من حاجتهم إلى تعليم قائم على الحفظ والتذكر، وهذا لا يتأتى إلا بالتعرف على مشكلاتهم وحاجاتهم وقدراتهم، وقبل كل ذلك اكتشافهم والتعرف عليهم باستخدام أدوات مقننة. وهناك عدد من آباء وأمهات الطلبة المتفوقين يشعرون أن حاجات أطفالهم لا يتم إشباعها في المدرسة، ولهذا فهم يحتاجون إلى رعاية ونظام خاص بهم، وإذا كانت مثل هذه الاهتمامات من جانب الآباء تحتاج إلى إجابة لأنها تنطوي في داخلهم على مشكلة أساسية كامنة في مدى حاجة الطفل المتفوق إلى الرعاية. إن الأطفال المتفوقين أنفسهم يمكن أن يكونوا مصادر ممتازة في وصف طبيعة حاجاتهم الاستثنائية والفريدة ومشكلاتهم الشخصية. وقد يشعر الأطفال المتفوقون أو الموهوبون بضغوط من المجتمع تجبرهم على التخلص من خصائص الاختلاف. وكما هو معروف إذا لم يتم تطوير قدرات المتفوقين عبر المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فإن قدراتهم الخاصة التي تفيد بيئتهم يمكن أن تطمس وتضيع هباء، وهذا ما يظهر بجلاء في مجتمعاتنا العربية، سواء لأطفال من أسر غنية أم فقيرة، فضلاً عن أن الأطفال المتفوقين في الأسر الفقيرة والمحرومة غالباً لا يجدون الفرصة لإشباع حاجاتهم وقدراتهم الخاصة. إن هذه الجوانب لا يمكن أخذها في الاعتبار بمعزل عن معرفة الحاجات والمشكلات النفسية لهم بعد الكشف عنهم أو التعرف عليهم، فهم يحتاجون إلى خدمات خاصة لإشباع حاجاتهم التي تختلف عن حاجات الأطفال العاديين، ومن منطلق إتاحة الفرص المتكافئة أمام جميع الأطفال، يجب أن يمتد اهتمامنا ليصل إلى تلك الفئة في صيغة شروط وقواعد تساعدهم على تلبية حاجاتهم. إن المتفوقين عقلياً يتميزون بالنمو المبكر في الشخصية، لذلك فهم يحتاجون إلى رعاية خاصة لإشباع حاجاتهم ومقابلة قدراتهم واستعداداتهم، لذلك فإن الدول والأمم التي راعت ذلك حصدت الكثير من الفوائد من قبل المتفوقين فيها. وما زالت الحاجة قائمة للاستفادة منهم، فعن طريقهم يمكن أن يجد المجتمع حلولاً للمشكلات التي يواجهها، لذلك فإن إهمالهم التربوي يشكل خسارة كبيرة لكل من الفرد والمجتمع على حد سواء. إن الطفل المتفوق في أشد الحاجة إلى رعاية نفسية، شأنه في ذلك شأن جميع الأطفال، ولا يحميه ذكاؤه المرتفع من التعرض للانحرافات السلوكية، وتشير سجلات بعض الطلاب النابغين إلى أن الضغوط الواقعة عليهم كانت سبباً في عدم سويتهم، لذلك فإن عدم العناية بحاجاتهم الخاصة يؤدي إلى خسارة فادحة لثروة وطنية مهمة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©