الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تتجه إلى زيادة الحد الأدنى للأجور

الحكومة المصرية تتجه إلى زيادة الحد الأدنى للأجور
18 ابريل 2010 22:50
تتجه الحكومة المصرية إلى زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين بالجهاز الإداري أو بالقطاع الخاص أو القطاع غير المنظم، لمواجهة الارتفاعات الكبيرة في معدل التضخم وأسعار السلع والخدمات، حيث لم يتم تغيير الحد الأدنى للأجور منذ عام 1984 رغم إنشاء المجلس القومي للأجور في عام 2003 برئاسة وزير التنمية الاقتصادية لمراجعة الحد الأدنى للأجور كل 3 سنوات. ولم يتوصل المجلس إلى آلية ولم يحصل على سلطة قانونية تمكنه من تحديد حد أدنى متغير للأجور يراعي التغيرات في معدل التضخم كل سنة أو كل ثلاث سنوات، حسب قانون إنشائه. اعتصامات وحكم قضائي أصبحت إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور ضرورية الآن مع تعدد اعتصامات الموظفين بأجهزة الدولة، والشركات العامة والشركات التي تمت خصخصتها وظهور انتهاكات من إدارات بعض الشركات الخاصة لقانون العمل بشأن حصول العمال على مستحقاتهم المالية وعلى حد أدنى للأجور يتناسب مع الارتفاعات المستمرة في تكاليف المعيشة، مما دفع وزارة القوى العاملة المصرية إلى التدخل أكثر من مرة لضمان حصول العاملين على حقوقهم والامتيازات المقررة لهم بحكم القانون في البدلات ومتأخرات الأجور. كما ساهم في إبراز هذه القضية حكم القضاء الإداري لصالح أحد العاملين في إحدى شركات المطاحن يلزم الحكومة المصرية والمجلس الأعلى للأجور بوضع حد أدنى عادل للأجور يوفر معيشة كريمة للعاملين وعائلاتهم، وفقاً للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي وقعتها مصر عام 1981. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن عدم وضع حد أدنى للأجور مخالفة لمواد الدستور، ولقواعد البعد الاجتماعي بعد تغير نظام الدولة من الاشتراكية إلى الرأسمالية، مشيرة إلى أن الدستور أقام البنيان الاجتماعي والاقتصادي على عدد من الأسس والمبادئ التي لم يتغير مضمونها بالعدول عن الاشتراكية، وهي العدالة الاجتماعية، وإقامة التوازن بين الملكية والعمل. كما أن المشرع لم يرخص للمجلس القومي للأجور الامتناع عن تحديد حد أدنى للأجور، ولا يجوز له أن يمتنع، وإلا كان معطلاً لحكم الدستور. وكانت منظمة العمل الدولية قد طالبت الحكومة المصرية بتعديل الحد الأدنى لأجور العمال، لتمكينهم من الحياة الكريمة، وجاء ذلك على لسان خبيرة التشغيل في مكتب المنظمة بالقاهرة، حيث قالت إن الحكومة المصرية ملزمة أمام المنظمة الدولية والمجتمع الدولي بتعديل الحد الأدنى للأجور، وإن المنظمة عرضت على مصر تقديم كافة أشكال الدعم الفني والمادي لتطبيق آلية، تمكن الحكومة المصرية من تصحيح الأوضاع الحالية بشأن الاتفاقيات الموقعة لتحقيق مستوى لائق لأجور العمال. وأعلن وزير التنمية الاقتصادية ورئيس المجلس القومي للأجور الدكتور عثمان محمد عثمان أن الحكومة المصرية رفعت منذ عام 2005 أجور الموظفين بنسبة تزيد على 100 في المئة وهذه النسبة سترتفع إلى 117 في المئة عام 2011، لكنه لم يتطرق إلى تقاعس المجلس عن وضع حد أدنى للأجور. الخلل في أجور الجهاز الإداري ويرى الخبراء أن الخلل في هيكل الأجور يعود بالنسبة للجهاز الحكومي المصري إلى التفاوت الكبير في مستويات أجور كبار الموظفين وصغار العاملين في أجهزة الدولة والهيئات الاقتصادية، بسبب التفاوت في البدلات والمكافآت الشهرية، في الوقت الذي لم تتقدم فيه الحكومة المرية حتى الآن بمشروع قانون الوظيفة العامة الجديد، والذي يتضمن رفع الحد الأدنى للأجور في الجهاز الحكومي عن طريق ضم البدلات والمكافآت المقررة للوظيفة إلى المرتب الأساسي، والذي يمكن أن يرفع الحد الأدنى للأجور إلى أكثر من 500 جنيه شهرياً. ويمثل ارتفاع العجز المتوقع في الموازنة العامة في العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيه المقبل، لحوالي 98 مليار جنيه، وتوقع ارتفاعه لحوالي 105 مليارات في موازنة العام المالي المقبل، حجر عثرة أمام قدرة الحكومة المصرية على التقدم بمشروع قانون الوظيفة العامة الجديد، وتطبيق الحد الأدنى للأجور. أما بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص المنظم والقطاع غير المنظم، فلا يوجد إلزام قانوني بزيادة الحد الأدنى للأجور إلا من خلال دور المجلس القومي للأجور ومنحه صلاحيات قانونية لفرض حد أدنى للأجور من خلال آلية محددة ومعلنة لجميع الشركات والهيئات العاملة بالسوق المصرية. وذكر بيان صادر عن هيئة مكتب الحزب الوطني الحاكم في مصر أن الحزب سيعقد اجتماعات مع الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء والوزراء المختصين لمناقشة أبعاد الموازنة العامة للدولة، بما يحقق كبح جماح التضخم، وضبط الأسعار، ودراسة موضوع الحد الأدنى للأجور مع عدم المساس بدعم السلع الأساسية. 110 دراهم الحد الأدنى للأجور وكشف د. صفوت النحاس رئيس الجهاز القومي المصري للتنظيم والإدارة (المسؤول عن العاملين بالدولة) عن أن الحد الأدنى للأجور في مصر يتراوح ما بين 164 (110 دراهم) إلى 170 جنيهاً في الشهر، وأن مطالبة البعض في تظاهرات على أرصفة البرلمان برفع هذا الحد إلى 1200 جنيه مبالغة ستزيد التضخم وارتفاع الأسعار، إلا أنه توقع أن يعجل حكم القضاء الإداري الذي صدر بتحديد حد أدنى جديد للأجور، بالإسراع بطرح قانون الوظيفة العامة الجديد أمام البرلمان قبل انقضاء الدورة البرلمانية الحالية. وبالنسبة للعاملين في القطاع الخاص، كشفت مصادر في اتحاد عمال مصري لـ”الاتحاد” عن تشكيل لجنة ثلاثية من الاتحاد وممثلين عن الحكومة واتحاد الصناعات والغرف التجارية لبحث وضع حد أدنى جديد للأجور، ورغم الاتفاق على ضرورة تعديل الحد الأدنى، إلا أن قيمة الزيادة لم يتم الاتفاق عليها، حيث يرى اتحاد الصناعات أن زيادة الحد الأدنى للمستوى الذي يطالب به البعض عند 1200 جنيه شهرياً سوف تزيد تكلفة الإنتاج بمعدلات كبيرة، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات، خاصة أن هناك توقعاً بارتفاعات جديدة في الأسعار، بسبب الارتفاع في أسعار الطاقة عالمياً. مقاومة رجال الأعمال وذكر أبو بكر الجندي رئيس جهاز الإحصاء أن معدل التضخم ارتفع إلى 8,11% بزيادة 1% على العام الماضي، إلا أن خبراء يرون أن الزيادات الأخيرة في أسعار السلع الغذائية ترفع هذا المعدل إلى نحو 14% على الأقل. ويقول أبوبكر الجندي إن رجال الأعمال يقاومون فكرة زيادة الحد الأدنى للأجور حتى لا يؤدي ذلك إلى زيادة تكلفة الإنتاج، لكن هناك إصراراً من العمال على زيادة الحد الأدنى، مشيراً إلى أن حل المشكلة يحتاج إلى منظومة متكاملة تشمل السيطرة على الأسعار، وتحسين الخدمات، وإتاحة فرص عمل. ويشير الدكتور سمير رضوان مستشار هيئة الاستثمار والخبير السابق في منظمة العمل الدولية إلى أن مجلس أمناء الهيئة أعد دراسة قدمها إلى الحزب الوطني الحاكم حول رفع الحد الأدنى لأجور العمال، أوصت بأن يكون الحد الأدنى للأجور موازياً لخط الفقر الذي تحدده المعايير الدولية. وأوضح أن خط الفقر في مصر يصل إلى 1968 جنيهاً للفرد في السنة، بقيمة أجر شهري 164 جنيهاً للفرد و656 جنيهاً كدخل للأسرة شهرياً، باعتبار أن حجم الأسرة يبلغ أربعة أفراد في المتوسط. وقال إنه لا يمكن خفض الحد الأدنى للأجور عن خط الفقر، موضحاً أن أجر الدرجة السادسة في الحكومة، وهي أدنى السلم الوظيفي، لا يتعدى إجمالي الدخل لها عن 394 جنيهاً في الشهر، وهو مبلغ لو قسم على أربعة أفراد فسوف يصل نصيب الفرد إلى 98 جنيهاً فقط (60 درهماً)، وهو أقل بكثير من خط الفقر. وترى الدكتورة أمينة حلمي، كبيرة الباحثين الاقتصاديين بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن الأجر الحقيقي الذي يحصل عليه الموظف المصري أقل بكثير بعد مراجعته في ضوء ارتفاعات معدل التضخم منذ عام 2006، وأن غالبية الدول تطبق آليات محددة للمحافظة على القيمة الحقيقية للأجور حتى لا تتآكل بمرور الوقت وفقاً لمتغيرات التضخم في أسعار السلع الاستهلاكية، وبالتشاور مع منظمات الأعمال، وتتم مراجعة الحد الأدنى للأجور بصفة دورية في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبعض الدول تعدله كل سنة. ومن الواضح أن هناك إجماعاً على ضرورة تعديل الحد الأدنى للأجور في مصر، إلا أن هناك خلافاً حول قيمة هذا الحد الأدنى والآلية الخاصة بتغيره دورياً، خاصة أن هناك تبايناً حول تحديد النسبة الحقيقة للتضخم أو ارتفاع الأسعار بين الجهاز الرسمي الذي يتولى هذه المسالة وهو جهاز التعبئة العامة والإحصاء، وخبراء علم الاقتصاد، الذين يرون أن الجهاز يعتمد في تحديد نسبة الارتفاع على سلة من السلع تحتل فيها أسعار السلع المحددة إدارياً مثل أسعار سلع بطاقات التموين والخدمات المدعمة نسبة كبيرة، بينما الأسعار الحقيقية في السوق ترتفع بمعدلات كبيرة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©