الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

غرمول يقدم وقائع من التاريخ الجزائري في فضة لمساء بختي

غرمول يقدم وقائع من التاريخ الجزائري في فضة لمساء بختي
19 مايو 2008 03:54
أقيمت في الجزائر مؤخراً أمسية نقدية قدم فيها الكاتب عبدالعزيز بوباكير والشاعر جيلالي نجاري قراءة في كتاب ''فضة لمساء بختي'' الذي صدر مؤخراً للأديب الجزائري عبدالعزيز غرمول· ووصفت مدونة المكتبة الجزائرية التي احتضنت الأمسية في العاصمة الجزائرية الكتاب بـ ''المتتاليات النثرية'' لأنه يشبه الرواية والقصة ولكنه ليس بهذه ولا بتلك، وقال مديرُ المكتبة أمين الزاوي إن نسيجه اللغوي متفرِّد وهو يلملم وقائعَ صغيرة ولكنها كبيرة في التاريخ؛ حيث يتناول الفترة التي أعقبت الانفتاح الديمقراطي في الجزائر إثر مظاهرات 5 أكتوبر 1988 وما تلاها من دخول الجزائر في مرحلة الإرهاب منذ يناير 1992 وما نتج عنها من سقوط عشرات الآلاف من القتلى بينهم مئات المثقفين والكتَّاب والصحفيين، وإذ يرثي المؤلفُ الكاتبَ بختي بن عودة الذي أغتيل في ،1994 فإنه يرثي من ورائه كلَّ المثقفين الجزائريين الذين اغتالهم الإرهاب· وقال الزاوي لغرمول: ''أنتَ من الجيل الثاني الذي يكتب عن شهداء الجزائر بعد جيل كاتب ياسين ومولود فرعون اللذين كتبا عن جيل الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي''· ووصف الكتابَ بأنه ''مغرٍ للقراءة؛ لأنه حينما يكتب غرمول، يرتفع سقفُ الإبداع'' بل إن الكتاب'' يُقرأ شهقة واحدة''· ووافق الكاتب عبدالعزيز بوباكير رأي الزاوي وقال إنه بدوره قرأه مخطوطاً ثم بعد طباعته، وقرأه في المرتين ''شهقة واحدة'' وحقق له متعة كبيرة· وأضاف بوباكير أن مضمون الكتاب مجرد حجَّة للحديث عن الجزائر في تلك الفترة، فهو يتناول من وراء اغتيال بختي، اغتيالَ العقل والإبداع والذكاء في هذا العصر، ولذلك جاءت لغة غرمول غاضبة متألِّمة جامحة، إلا أنها تخبو أحياناً· ووصف الكتابَ بأنه مزيجٌ بين السياسة والفكر والاجتماع والأدب، في نوع من البوح الفريد وتعرية الواقع، يجمع بين غنائية الاعتراف وغنائية التأمل بلغة جميلة منسابة؛ فغرمول يستخرج كناياتٍ وصوراً لفظية جديدة لم يسبقه إليها غيرُه ليقدم شيئاً للأدب الجزائري، فهي فعلاً ''متتاليات نثرية'' تعتمد اللغةَ والأسلوب لبلوغ أعلى درجات الإتقان· من جهته، قال الشاعر جيلالي نجاري عن الكتاب إنه قرأه بكثير من اللذة ولكن بكثير من الحزن أيضاً على ما أصاب الجزائر في التسعينيات؛ فبختي بن عودة مبدعٌ اشتغل على مسائل الحداثة والفلسفة وكان يراسل جاك دريدا، وقد خصص غرمول كتابه هذا لمجموعة من الفوانيس التي أفِلتْ من سماء الجزائر المشرقة، والكتاب لحظة تحديقٍ شرسة في وجه الموت، يصرخ في وجه الرصاصة الرعناء التي تستهدف العقل والإبداع: توقفي أيتها البلهاء، كأنه مثل المتنبي يسخر من الموت· وأضاف نجاري أن الكتابَ يحتوي الكثيرَ من الأنفاس الحارَّة ويمزج بين الشاعرية والحقيقة، وهو جنسٌ أدبي آخر لم نتعوَّد عليه في المشهد الثقافي الجزائري· وأحيلت الكلمة بعدها للمؤلف عبدالعزيز غرمول ليتحدث عن تجربته في وضع الكتاب فعاد بذاكرته إلى التسعينيات؛ فحينما اشتد بأسُ الإرهاب واغتال مئات المثقفين، تملَّكه القلقُ وبات غير واثقٍ من تجاوز هذه الأزمة الخطيرة؛ إذ كان الموتُ دائماً يقف وراء الباب، ومن ثمة أصبحت المأساة تسكن داخل لا شعور المثقفين الجزائريين الآن· وأضاف غرمول أن اغتيال صديقه بختي بن عودة ثم عمر أورتيلان وجيلالي اليابس وبلخنشير·· دمَّره ودمَّر أحلامه في البلد· ووصف كتابه بأنه ''شهادة'' وقد واجه إشكالاً عويصاً: كيف يقدِّمها ؟ هل على شكل رواية كما فعل مع أحداث 11 سبتمبر؟ ثم رأى أن يقدِّمها بهذا الشكل لينبِّه الأجيال ويحذرها من الوقوع في نفس المطبّ· ونبَّه إلى أنه من المفروض أن يتمَّ تجنيدُ الأدب لصناعة الفرح وليس كتابة مرثيات للشهداء فقط لأن مَهمَّة الأدباء جمالية، ولكن هل قدر الأدباء الجزائريين أن تكتب مختلف أجيالهم عن الشهداء عوض الذهاب إلى المستقبل والتأسيس له ؟ وأضاف أن كتابه مجموعة من الآراء في السياسة والديمقراطية والحرية والعواطف والحياة وليس مرثية أدبية فقط ''مهمتي إضاءة العتمة لأننا كنَّا نعيش في ظلامٍ دامس''·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©