الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بديعة وفؤاد تصدر في طبعة مغربية جديدة

بديعة وفؤاد تصدر في طبعة مغربية جديدة
19 مايو 2008 04:04
أصدرت منشورات الزمن المغربية التي يشرف على سلسلتها الروائية الناقد الدكتور سعيد يقطين، وبدعم من و زارة الثقافة المغربية، طبعة جديدة من رواية ''بديعة وفؤاد'' التي كتبتها الكاتبة والروائية اللبنانية الراحلة عفيفة كرم (1883-1924)، والتي نشرتها في طبعتها الأولى في نيويورك سنة ·1906 وتعتبر هذه الرواية الصادرة في طبعتها الأولى مؤخراً باكورة أعمال عفيفة كرم، ولقد كتبتها وعمرها 23 سنة، كما يمكننا الاستدلال على ذلك من خلال تاريخ ميلادها وحين نطلع على الرواية· يقول الدكتور سعيد يقطين في مقدمته لهذا العمل: نجد أنفسنا أمام رواية متكاملة البناء تتميز بلغتها المتينة وثقافة صاحبتها الغزيرة ووعيها بالشكل الفني الروائي وخصوصيته· يبدو لنا ذلك بجلاء من خلال المقدمة التي صدرت بها هذه الرواية، أو من خلال تحليل دقيقٍ ومتأنٍ للمتن الروائي· تتوزع الرواية على أربعة وأربعين فصلاً تتدرج فيها من لحظة وقوع فؤاد في حب بديعة وعمل أمه وابن خالته على الحيلولة دون إتمام هذا الزواج إلى سفر بديعة إلى أميركا للعمل ومعاناتها هناك من حياة الغربة، ووصول ابن خالة فؤاد إلى هناك لمواصلة دسائسه وكيده ضدها، وصولاً في النهاية إلى انكشاف الحقيقة وزواج بديعة من فؤاد بعد الرجوع إلى الوطن· ويرى الدكتور سعيد يقطين أن هذه الرواية بنيت على قصة حب يرفضها المجتمع ممثلاً في الأم حامية التقاليد ''الزواج من خادمة''· لكن هذا الحافز السردي لم يكن سوى إطار للتعرض للعادات والتصورات الاجتماعية السائدة، وانتقاد مختلف أنماط السلوك المهيمنة· وكان اختيار القيم المختلفة والمتصارعة والتي تمثلها شخصيات مختلفة الثقافة والتكوين والإدراك وتباين المجتمع العربي في سوريا أو في المهجر الأميركي، إطاراً ثانياً تتبدى معه التفاوتات بين المجتمعين وكيفية التصرف فيهما من لدن تلك الشخصيات· إن بديعة، بطلة الرواية مثال للمرأة المتمسكة بالهوية الوطنية وبالأخلاق والقيم السامية والثقافة الواسعة والقدرة على إبداء الرأي وإعمال النظر والعقل في كل المواقف مع جرأة وقدرة نافذة على الإقناع والجدال، لذلك نجدها تمثل الضمير الحي والخلاق الذي يتعامل بوعي ومسؤولية، فيقدر الأمور حق قدرها بعد تقليب كل الوجوه والنظر في العواقب وآثارها على الذات والمجتمع: تنقد التقاليد البالية، والسلوكيات غير الإنسانية في الوطن أو المهجر· تقدر العمل كيفما كان نوعه وتمتدح القيم الإيجابية في المجتمع الأميركي وتعترض على الممارسات التي تراها غير إنسانية أو تهدر كرامة الإنسان أياً كان مؤتيها· لذلك يمكن القول إن الرواية تضعنا أمام رؤيات ومواقف متعددة ومختلفة للإنسان تجاه الإنسان والعالم· تقدم لنا الرواية تمفصلات عديدة بين المرأة والرجل والشرق والغرب والتقاليد والحرية والجهل والعلم· غير أن الكاتبة من خلال تجسيد رؤية بديعة ''محور الرؤية والتبشير'' لا تجعلنا أمام ثنائيات متضادة· إن التداخل هو السمة المهيمنة في عالم الرواية بناء على اصطفافات خاصة تتوقف على المشاهد التي توجد فيها شخصيات مجتمع الرواية· فالمرأة يمكن أن تكون تقليدية مثل أم فؤاد أو متحررة مثل لوسيا، لكنهما معاً سلبيتان؛ لأن لكل من التقليد والتحرر مجالات يمكن أن يتحقق فيها كل منهما على نحو دون آخر· وقس على ذلك بالنسبة لباقي الشخصيات والتمفصلات· عفيفة كرة كما يرى الدكتور يقطين تقدم لنا عالماً سردياً فيه الكثير من الجرأة والكثير أيضاً من استعمال العقل، وحين نقارن عمرها 23 سنة حين تأليفها الرواية نجدها أكبر بكثير من هذه السن· إنها تبدو لنا ناضجة جداً فهي تقيس الأمور وتنتقد الظواهر وتحلل الطبائع بناء على تجربة عميقة لا يمكن أن تتوافر إلا لمن خبر الحياة وعرف أسرارها وكان قادراً على تشكيل رؤية دقيقة عنها· وهذا ما تجسده لنا بديعة وفؤاد خير تجسيد· ويمكن للقارئ أن يجد مصداقاً لذلك من خلال قراءته وتدبره لهذه الرواية الرائدة·
المصدر: المغرب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©