الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صدفة

صدفة
4 يوليو 2009 21:18
لا.. الأمر ليس مدبراً، ولا يمكن لأي عملية تذاك مهما بلغت من البراعة أن تجعله يبدو كذلك.. إنَّه محض صدفة، لكنَّها، كما هو حال الصدف غالباً، ممتعة ومحببة. أقول لكم صدفة، وعليكم أن تصدقوني، إذ من أين لي أن أعلم أنني بذهابي مع أحد الأصدقاء إلى أحد المطاعم سنلتقي صدفة (أشدد على كونها كذلك) بالنجم المشهور، ومعه ذلك النجيم الطامح إلى تجاوز معلِّمه؟! كان صديقي قد استكمل طعامه، وكما هو حال المدخنين في مثل هذه الحالة، كان قد بدأ يخضع لنداء النيكوتين، وشرع يبحث عن مكان ملائم لإشعال لفافته، لذلك هو لم يتنبه إلى دخول النجم ومعه المشروع (مشروع النجم)، بعكسي أنا فقد كنت في منتهى اليقظة، ووقع نظري عليهما منذ اللحظة الأولى، ومنذ تلك اللحظة نفسها قررت أن أمارس حيالهما كل طاقاتي التجاهلية المتاحة.. لم أشح بنظري بعيداً، فهذا شأن المبتدئين، بل نظرت إليهما كما لو أنهما شبحان طالعان من كتاب للحكايا العتيقة، كنت أتطلع صوبهما، لكني لم أكن أراهما، هذا أقله ما أمكنهما أن يكونا على ثقة منه، لم يكن في المطعم سوانا، إضافة إلى زبون أجنبي، وبضعة عمال آسيويين، بذهاب صديقي نحو سيجارته كنت أنا الجمهور، والرأي العام، والسادة المشاهدين أيضاً، وكنت متعمد الانشغال عن ذلك كله باستذواق أطايب الأكل!! لمحت في عيني النجم تساؤلاً إنكارياً عن سبب التجاهل الساحق الذي أمارسه حياله، لكنني لم أكن في وارد التجاوب، هي فرصة بالنسبة لي لأعِّبر، وإن بصورة غير مباشرة، عن شجبي لأعماله الدرامية المتهالكة، وأدائه التمثيلي المتراجع، وعجرفته المتجاوزة للحدود. وإن كان هو تباهى في إحدى مقابلاته التلفزيونية بأنَّه لا يقرأ النقد الذي يُكتب حوله حتى لو اشترى الصحيفة التي تضمنته، فقد آن الأوان ليرى، وبالعين المجردة، أنَّ هناك من لا يراه حتى لو جمعته الظروف السيئة معه على طاولتي مطعم متجاورتين.. لا أنكر أنني أعجبت ببعض أعماله التاريخية والكوميدية، ولا أخفي عليكم أنَّ خلافي معه لم يكن كلُّه على خلفية شديدة الوثوق بالمعطى الفني الصرف، لعلَّ الأمر قد تخلله قليل من الاعتبارات الشخصية، إذ ليس سراً أنَّه سبق لي أن أجريت مع النجم المتغاضى عنه حواراً صحفياً يوم كنتُ أتلمس بداياتي المهنية، ولم يكن هو أيضاً قد أدرك ما يشكله اليوم من نجومية وتألق، كنَّا على مسافات متقاربة من بعضنا البعض آنذاك، وإذا شئتم بعض الصراحة ليس ثمة ما يمنع أن يكون لموقفي السلبي منه صلة بتلك القفزات النوعية الهائلة التي أنجزها في مساره المهني، مقارنة بخطوات بطيئة متعثرة أمكنني القيام بها في مهنة المتاعب هذه.. ولأنَّ الصراحة تغوي بالمزيد منها فالحق أنَّه لم يكن شديد الاهتمام برصد الإشارات المتجاهلة التي كنت أرسلها نحوه، ولعلَّ لم يتنبه لها أصلاً، لكنَّ تجاهله لتجاهلي لم ينل من عزيمتي الإنكارية، والأهم من كل ذلك أنَّ الأمر برمته كان محض صدفة!! علي العزير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©