الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اليونيسكو» وحماية المعالم الثقافية

15 ابريل 2017 22:00
يستخدم تنظيم «داعش» أسوأ الممارسات وأكثرها عنفاً من أجل إرهاب الغرب وتجنيد المؤيدين، وهو يعمل على إخضاع الناس لرغباته في المناطق التي يسيطر عليها بكل الطرق والأساليب. وقد أعلن أيضاً عن شن حرب أخرى ولكنها أكثر هدوءاً ضد عدوين غير مرئيين هما الثقافة والتراث. وبعد أن تمكن من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا، بدأ حملته التي تهدف إلى تدمير المواقع التاريخية والأثرية التي يعود بعضها إلى آلاف السنين. وليس تدمير المتاحف والتماثيل وبقية المواقع الأثرية والتراثية أثناء الحروب بالأمر الجديد، إلا أن ما يفعله «داعش» أمر مختلف وفقاً لما كتبته المديرة العامة لليونيسكو «إيرينا بوكوفا» في مقال نشرته مجلة «العلاقات الخارجية». ويعمد التنظيم إلى بيع القطع الأثرية القديمة من أجل تمويل آلة حربه العبثية، ثم يقوم بهدم المواقع التي لا يتمكن من نقلها من أجل بث الذعر في نفوس أعدائه والتأثير على معنوياتهم، فضلاً عن سعيه لتدمير الرموز التي تعبر عن التعددية الثقافية، وكل هذه الممارسات تندرج ضمن خطة أوسع وأشمل. وتصف بوكوفا هذه الخطة بقولها: «إنها جديدة تماماً، وغير منظورة وممنهجة ومتعمدة. وهي تتطابق تماماً مع منهجية السعي لتدمير التنوع الثقافي، وهي دليل على الرغبة في اضطهاد الأقليات». ويكمن المثال الأوضح لهذه الممارسات فيما حدث في مدينة تدمر الأثرية في سوريا حيث قام التنظيم بتدمير المدينة القديمة التي تجسّد ظاهرة التعدد الثقافي في تاريخ سوريا، ثم نشر أشرطة الفيديو التي تُظهر عملية التدمير على الإنترنت من أجل كسب تأييد المتطرفين وتجنيد المزيد من المقاتلين المغرر بهم. وفضلت بوكوفا إطلاق مصطلح «التطهير الثقافي» على هذه الممارسات الشنيعة. والشيء الذي أثار مخاوفها أكثر هو أن «داعش» تمكن من العثور على طريقة جديدة للحصول على الأموال، عندما بدأ ببيع القطع الأثرية القديمة في السوق السوداء. وقدّرت روسيا حجم الأموال التي جناها «داعش» من بيع الآثار المنهوبة بما يتراوح بين 150 و200 مليون دولار في عام 2016. ويحصل التنظيم أيضاً على «غنائم الحرب» ويوظفها في خدمة أهدافه الشريرة، وهو يبيع كل ما يمكنه العثور عليه من النفط وحتى الآثار. وأضافت بوكوفا بوصفها رئيسة منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتعليم: «هذا شيء جديد لم نعهده من قبل»، وهي تصارع على الخط الأمامي للجبهة في هذا النوع الجديد من الحروب. وفي فبراير من 2015، صادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مشروع قرار يدين بشدة تربّح «داعش» من بيع الآثار، وسعيه إلى تدمير المواقع التي تجسّد الموروث الثقافي في العراق وسوريا. وتأمل بوكوفا أن يلعب هذا القرار دور العامل المشجع للدول المختلفة للقضاء على الأسواق السوداء للقطع الأثرية، والعمل على إدراج حملة «التدمير الثقافي» ضمن جرائم الحرب. وقد وجدت هذه الدعوة الآذان الصاغية في أوساط أعضاء الكونجرس الأميركي. وبعد شهر من صدور قرار الأمم المتحدة، صادق الكونجرس على مشروع «قانون حماية وصيانة المواقع الثقافية الدولية» لمنع استيراد وترويج القطع الأثرية التي يتم تهريبها من سوريا، والعمل من أجل القضاء التام على تجارة «داعش» بالآثار. * صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©