الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ورطة «جوجل» و«فيسبوك»!

ورطة «جوجل» و«فيسبوك»!
16 ابريل 2017 13:27
تتعرض شركة «جوجل» لخسارة بما يقارب 750 مليون دولار بسبب مقاطعة المعلنين لها، وفقاً لمصادر «مركز نومورا للبحوث». ويأتي موقف المعلنين هذا احتجاجاً على تسكين إعلاناتهم بجوار المحتويات الإعلامية الخاصة بالمتطرفين ودعاة نشر الكراهية. وربما يكون المتهم الأكبر في خلق هذه المشكلة هو موقع «فيسبوك» الذي يتهم بأنه قد أفسح المجال لنشر الأخبار الملفقة التي يُعتقد أنها أثرت على مجرى ونتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة. وقد حصدت الشركتان عوائد ضخمة من خلال السماح بنشر المعلومات الكاذبة، فيما صرحت مصادرهما بجهلها بطرق التعامل مع الأساليب التي لجأ إليها الجناة لاستغلال التكنولوجيا التي تستخدمانها لخدمة أغراضهم الدنيئة، وأشارت تلك المصادر إلى استحالة مراقبة المعلومات التي تنشر على منصتيهما. ولم يكن أحد ينتظر منهما العمل بهذه الطريقة أبداً، لأن مواقع التواصل الاجتماعي تم تطويرها على أمل المساهمة في نشر الديمقراطية والحرية، وليس نشر الجهل والتعصب والكراهية. وذلك من خلال تحقيق التواصل بين المليارات من البشر، والسماح لهم بتبادل المعارف والأفكار. وكان من المفترض أيضاً أن تيسّر لهم هذه التكنولوجيا فرص تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، وإبراز الأخطاء التي ترتكبها الحكومات، والسعي الجماعي لحل مشاكل العالم. ولكنها، بدلاً من ذلك، تحولت إلى أدوات تسمح لشركات التكنولوجيا بجمع ومعالجة البيانات من أجل بيعها للمسوقين والسياسيين والجماعات ذات المصالح الخاصة، وهو ما أدى إلى تمكين بعض تلك الجهات من نشر معلومات مضللة أو ملفقة. وأدت تلك المواقع إلى خلق ما يشبه «غُرف الصدى» التي يمكن لبعض الناس المتشاركين في الرؤى والمواقف المنحرفة أن يروّجوا من خلالها لأفكارهم المبنية على الجهل أو التحيّز. كما أن افتقار تلك المواقع للأنظمة التقنية المتخصصة بمراقبة المعلومات والبيانات التي يقدمها المستخدمون، تركت أثرها البالغ ليس على الحياة الاقتصادية للأميركيين فحسب، بل أيضاً على الرسائل السياسية التي يتلقونها عبر تلك المنصات وخاصة منها موقع «فيسبوك». ويكمن جزء من المشكلة في أن حفنة صغيرة من الشركات التكنولوجية الكبرى أصبحت تشكل كيانات احتكارية لمنصات التواصل ونشر المعلومات كلها. وأصبحت تلك الشركات تحصد عوائد هائلة، ولكنها تخلّت في الوقت ذاته عن مسؤولياتها التي كانت تتزايد مع تعاظم القوة التي اكتسبتها. و«فيسبوك» مثلاً، تحوّل إلى ما يشبه «الشركة الإعلامية» التي تمتلك من قوة التأثير بأكثر من صحيفتي «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز». وأصبح ما يزيد على 65 في المئة من مجمل مستخدمي الموقع (و44 في المئة من البالغين في الولايات المتحدة)، يتلقون الأخبار عبر هذه المنصّة. وعلى رغم هذا، فإن شركة «فيسبوك» تحرص على تجنّب وصفها بأنها شركة لنشر المعلومات والأخبار، وترفض تحمل مسؤولياتها عما يُنشر في منصتها، وتبرئ نفسها من التبعات التي تترتب عن طرق استغلال البيانات التي تتكفل بنشرها وتسويقها. وبعد ردة الفعل العنيفة الذي ضجّت بها وسائل الإعلام حول هذا القصور الكبير بتحمل المسؤوليات، أصبحت شركتا «فيسبوك» و«جوجل» تعيان هذه المشكلة وعياً كاملاً، وقررتا أن تفعلا شيئاً ما إزاءها. وتحدث مارك زوكيربيرج، المدير التنفيذي لشركة «فيسبوك»، من خلال منشور على مدوّنته الخاصة، عن خطط لبناء نظام آمن ومُراقَب بحذر، وأقرّ بمسؤولية شركته على تشجيع الدعوة لتأسيس المجتمع الشمولي الذي يتلاءم مع أهداف وتطلعات مواقع التواصل الاجتماعي. ولكنه أشار إلى أن «فيسبوك» عاجز عن مراقبة مليارات المنشورات التي يتم تناقلها على منصته كل يوم. ولهذا السبب، فهو عاجز عن حل المشاكل التي ينطوي عليها هذا التدفق الهائل للبيانات باستخدام الوسائل المتاحة الآن، وقال إن الأمر يتطلب ابتداع تقنيات الذكاء الصناعي التي يمكنها إنجاز هذا العمل المعقد. وأشار إلى أن تحقيق هذا الهدف «صعب من الناحية التقنية» وقد يستغرق سنوات من البحوث المضنية. ولكننا في واقع الأمر، لا نستطيع الانتظار لسنوات. ولا سيما أننا على يقين من أن هذه الصناعة ليست عاجزة بالفعل عن مراقبة سوء استخدام منصاتها. وأما المشكلة الحقيقية فتكمن في غياب الدوافع المشجعة لأداء هذه المهمة الضرورية. على أن الحقيقة المهمة التي تجدر الإشارة إليها هنا هي أننا لا نستطيع إعادة التكنولوجيا إلى الوراء. والشيء الوحيد الذي يمكننا أن نأمل بتحقيقه هو استنهاض همم المسؤولين عن تشغيل مواقع التواصل الاجتماعي لتبني كل السلوكيات الإيجابية الممكنة من أجل درء الأخطار التي تترتب على استخدامها بطرق سلبية. *أستاذ محاضر في جامعة كارنيجي ميلون للهندسة- كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©