الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان قصر الحصن يبهر زائريه بمشاهد حية من التراث

مهرجان قصر الحصن يبهر زائريه بمشاهد حية من التراث
5 مارس 2013 09:58
يبهر مهرجان قصر الحصن جمهوره وزائريه بما احتواه من فعاليات مدهشة وما يقدمه من إرث ثقافي وحضاري كبير، حيث يستمر حتى التاسع من مارس الحالي، بعد نجاحه في استقطاب جموع المواطنين والمقيمين للاطلاع على جزء حي من تاريخ دولة الإمارات، ممثلاً في مشاهد متنوعة للمجتمع الإماراتي في أحقاب زمنية مختلفة، تناثرت في أرجاء ساحة قصر الحصن الذي يزين قلب العاصمة أبوظبي. ثلاث من السفن التراثية الضخمة كانت أكثر ما تطالعه عين الرائي لدى دخوله قصر الحصن، للبدء في جولة عبر التاريخ الإماراتي انصهرت فيها تجربة مئات وآلاف السنين في بوتقة حضارية وتاريخية مبهرة كان محلها ساحة قصر الحصن بما احتوته من زخم من الفعاليات والمناشط الإماراتية الأصيلة. فلق المحار حيناً تشاهد عملية فلق المحار التي يقوم بها النواخذة بنفسه على مرأى من الجمهور المشدوه بهذه العملية الصعبة، التي من خلالها تكسب واقتات آلاف الأسر الإماراتية في أزمان سابقة، وتمت عملية الفلق باستخدام المفلق الذي يشبه المطرقة ويتكون من مقبض خشبي في رأسه قطعة معدنية مصممة بما يتلاءم مع الشكل الدائري للمحارة، بحيث تدخل في قاعدة المحارة، بينما يتم شق المحارة باليد الأخرى بهدوء وتركيز حتى لا تنكسر المحارة، وإخراج اللؤلؤة منها سليمة وخالية من الخدوش والعيوب. حرفة صنع المراكب وفي موقع آخر نرى حرفة صنع المراكب الكبيرة وكيفية استخدام المسامير في تثبيت الأخشاب وضمها إلى بعضها بعضا، عنها يقول الوالد صالح محمد الحمادي إن المسامير المستخدمة في صناعة المراكب والسفن لابد وأن يتم إعدادها بشكل خاص، حيث يتم تغطيس المسامير في مادة تعرف باسم «الدامر» مصنوعة من جلد القرش أو الدولفين يتم تسخينها حتى تصير مادة صمغية، ثم يتم وضع الكلفان «قطن مفتول تم وضعه أيضاً في مادة الدامر»، بشكل دائري حول رأس المسمار، قبل استخدامه في صناعة السفن، بحيث لا يصيب المسمار أي صدأ، ولا يحدث أي تسريب للماء داخل السفينة أو المركب، وهذا الكلفان يتم وضعه أيضاً بين الألواح الخشبية للمركب بما لا يسمح بأي دخول للماء إلى جسم السفينة أو المركب. وأوضح الحمادي أن صناعة مركب طوله أربعة عشر متراً بهذه الطريقة، يستغرق نحو شهرين، والمراكب تحمل أسماء عدة منها، البقًارة، الشاحوب، البوم، الصمعة، الجالمود. درس الأجيال صناعة شباك الصيد المعروفة باسم القرقور أو «الجرجور» بلغة أهل الإمارات، اجتذبت اعدادا كبيرة من جمهور المهرجان، الذين عرف البعض منها أن القرقور لا يستخدم فقط في صيد السمك، بل إن بعض أنواعه تستخدم كمبيت للطيور المنزلية لحمايتها من الثعالب وخلافه، وكذا حفظاً عليها من الضياع. عن كيفية عمل القرقور يقول الوالد سيف سالم إن بداية عمل القرقور تبدأ بإحضار جريد النخل بعد تجفيفه، ثم يتم شقه بأداة حادة، وتحويله لأشرطة لينة، وبعد ذلك يتم جدل هذه الأشرطة بحبال من ليف النخل، ويتم عمل الشكل النهائي للقرقور بحيث يجعل له الصياد فتحتين، واحدة لدخول الأسماك إليه لا يمكنها الخروج منها، وفتحة أخرى يستخدمها الصياد عند ما يكون القرقور على ظهر المركب أو السفينة. استخدام القرقور وأشار سالم إلى أن القرقور له أكثر من استخدام، بعكس ما هو شائع أنه لصيد السمك فقط، ومن تلك الاستخدامات صنع قراقير لحماية الدواجن والطيور داخل البيت، كما أبدى الوالد سالم سعادته بتقديم هذه الحرفة التراثية المميزة ضمن مهرجان كبير يبين أهمية قصر الحصن في تاريخ الإمارات، وهو ما يعد درساً للأجيال الجديدة لضرورة الاعتزار بماضي أجدادهم، وما بذلوه من أجل الوصول إلى هذه المكانة الكبيرة التي تحتلها الإمارات حالياً. ضمن برنامج «إنتاجي» 5 إماراتيين يشاركون في إخراج «قصة حصن.. مجدوطن» من جيل الآباء والأجداد تنتقل «الاتحاد» إلى جيل الأحفاد ممن يواصلون مسيرة التعلم والارتقاء من أجل الحفاظ على ما ورثوه من مجد ومكانة عالية تحظى بها دولة الإمارات، من خلال مجموعة من أبناء الإمارات اندمجوا مع فريق العمل المسؤول عن العرض الفريد «قصة حصن، مجد وطن»، وظلوا معهم وراء الكواليس يشاركونهم الجهد والعرق حتى خرج العرض بهذا الشكل المبدع، الذي أبهر كل من رآه. تقول حميدة علي الرحبي، إنها خاضت تجربة العيش في كواليس عرض «قصة حصن، مجد وطن» مع خمسة من أبناء الإمارات عبر التحاقها كمتدربة في برنامج «انتاجي»، التابع لـ «twofour54»، موضحة أنها لازمت فريق العرض في كثير من الأوقات وخلال ذلك تدربت على كيفية تجميع اللقطات والصور التي شاهدها الجمهور ضمن أحداث «قصة حصن، مجد وطن»، وتم التدريب على يد ريتشارد تينر، المسؤول عن هذا الجزء من العرض. وتوضح الرحبي أن ترشيحها لهذه التجربة كان من قبل معمل الابداع التابع لـ «twofour54»، وهذه التجربة اكسبتها خبرات كثيرة عن آلية عرض الصور وفنون الجرافيك والإخراج وكيفية توزيع الإضاءة على المسرح حتى يخرج العرض إلى الجمهور في صورة مبهرة كما عرفت عن قرب كيف يتم الإعداد للفعاليات والاحتفالات الكبرى وكيف يكون العمل 24 ساعة متواصلة، حتى يصل إلى مستوى متكامل، فضلاً عن تكوين علاقات ذوي خبرة عالمية في مجالات العروض المسرحية، وهو بلا شك سيضيف إلى مسيرتها الإعلامية والمهنية الكثير مستقبلاً. وكمواطنة، وفق الرحبي، كانت المشاركة في فعاليات قصر الحصن، إضافة كبيرة لها، ومحاولة منها للتعرف على ملمح مهم في تاريخ الإمارات، ستحاول نقله إلى الآخرين، لتعريفهم كيف يصنع الإنسان مجد وطنه بالعزيمة والطموح والسعي المستمر للوصول إلى هدفه، وهو ما فعله الآباء والأجداد الذين صنعوا حضارة ودولة الإمارات. من ناحيتها تقول سارة ظافر الأحبابي، الطالبة في جامعة نيويورك قسم إعلام وفنون، والمتدربة بذات البرنامج، إن دورها خلال الإعداد للعرض، كان العمل كمخرجة للوقائع التي تتم خلف الكواليس ليعرف الجمهور كم الجهد المبذول حتى يرى العمل النور ويستقبله الناس بهذه الحفاوة المدهشة. تضيف الأحبابي: «كنت أقوم بالإمساك بالكاميرا وأصور ما يدور خلف الكواليس، وأقوم بعمل حوارات مع طواقم العمل، والتقاط صور ومقاطع مختلفة لما يتم أثناء فترات الإعداد وما يتخللها من أوقات إرهاق شديد وعمل متواصل يستمر ساعات طويلة يومياً، حتى ينال العمل رضا الجمهور، ويخرج بمستوى يضاهي الحدث الكبير الذي تحتفل به الإمارات هذه الأيام وهو مرور 250 عاماً على إنشاء قصر الحصن» وتلفت المتدربة إلى أن ترشيحها وزملاءها الخمسة جاء ضمن عدد كبير من المتقدمين اختارتهم«twofour54»، للإفادة بشكل عملي من هذا الحدث العالمي الذي يأخذ صبغة إماراتية، كون كل وقائعه وأحداثه مستمدة من البيئة والتاريخ الإماراتي، وهو ما يجعلها تشعر بالفخر لوجودها ضمن الفريق القائم على هذا العمل الذي يسرد واحدا من أبرز المعالم التاريخية في أبوظبي والإمارات بشكل عام. وتبين الأحبابي أن أكثر ما اكتسبته من خبرات يتمثل في وجودها خلف كواليس عمل ضخم كهذا، وتعلمت الكثير عن فنون التصوير بأنواعه، وكذا اكتسبت فكرة عامة عن باقي عناصر العمل الفني من إخراج وديكورات وتصوير وغيرها من مكونات العمل الفني. وكإماراتية تشعر بقيمة الاهتمام بذكريات وتاريخ الإمارات، وطرحه بهذا الشكل الجذاب، وبأنها كانت عنصرا أسهم ولو بقدر بسيط في إنجاح مهرجان قصر الحصن وتوصيل رسائله للعالم. ومن الشباب قال الطالب في كلية التقنية، والمتدرب حالياً في «twofour54»، محمد المرزوقي إنه عمل متدرباً خلال الإعداد للعرض في القسم الخاص بالصوت، لافتاً إلى أنه عرف الكثير عن أنظمة الصوت داخل المسرح، واستفاد بشكل مباشر من رؤية إعداد العمل على الطبيعة، خاصة وأن القائمين عليه كانوا ذوي حرفية عالية وكانوا يحترمون الوقت، وهذا التقدير للوقت جعل العمل أكثر نجاحاً، كذلك لاحظ الترابط بين فرق العمل بالرغم من أن معظمهم يرى الآخر ويتعامل معه لأول مرة. كما تعلم كيفية مزج الأصوات، وأن الأصوات التي نسمعها في الحفلات والفعاليات المختلفة ليست هي الأصوات الطبيعية، وإنما يتم إدخال تعديلات عليها، وذلك باستخدام برامج يتم تطبيقها على الكمبيوتر، بحيث يكون الصوت في النهاية مريحاً لمن يسمعه، مؤكداً، أن كل هذه الخبرات ستفيده مستقبلاً حين ينهي دراسته الجامعية وينخرط في العمل الإعلامي و لفت الطالب في كلية التقنية، والمتدرب حالياً في «twofour54» ولفت محمد المرزوقي إلى أن ذهابه إلى قصر الحصن واختلاطه بفريق العمل القائم على عرض «قصة حصن، مجد وطن»، جعله يشعر أنه انتقل من مجرد طالب إلى إنسان على مشارف الحياة العملية ورأى كيف يكون التعب والجهد حتى ينتهى أي عمل ويلقى إعجاب واستحسان الجمهور، وهو ما يعتبره أفضل تمهيد لحياته العملية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©