الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسرح أم القيوين يعاني أزمة مادية خانقة

مسرح أم القيوين يعاني أزمة مادية خانقة
12 مارس 2014 22:31
يرد في تقرير نشرته مجلة الرولة في عددها الثاني 1985 تعريفاً مختصراً بمسرح أم القيوين يشير إلى أن هذا المسرح تأسس في 1978 وهو تابع لجمعية الفنون الشعبية والمسرح، ثم اشهر حديثاً بعد استقلاله عن الفرقة الشعبية. أما أول مسرحية قدمها فهي «الطماعين» 1979 من إعداد سعيد سالم وإخراج كريم المخزنجي، وعرضت على مسرح المركز الثقافي في أم القيوين والمسرح القومي في دبي. وفي مارس 1980 قدمت الفرقة من إعداد سعيد سالم وإخراج كريم المخزنجي مسرحية «القضية الكبرى» وتباعاً راحت الفرقة تقدم مسرحياتها إلى نهاية 1982 حيث توقفت الفرقة عن إنتاج العروض لتعود في النصف الثاني من الثمانينيات بمسرحيات كوميدية مثل «بدون عنوان». كما قدمت الفرقة مسرحيات «حيسه وعفيسه»، «حلاق مواطن»، بالإضافة إلى الكثير من الإبداعات الشابة، كان أحدثها مسرحية «آي باد» في 2011 وهي من تأليف جاسم الخراز، وإخراج عيسى كايد، وهو عرض موفق أنجز بإشراف الفنان المسرحي سعيد سالم الذي اعتنى بتقديم مسرح رصين وموجه بدقة وانتباه نحو قضايا تهم الطفل وتخاطب انشغالاته. خلال متابعتنا لما يقدم من أنشطة مسرحية لم نلحظ حضوراً لافتاً لهذا المسرح الذي تأسس في 1978 وبخاصة في السنوات الأخيرة إلا من بعض المشاركات المتفرقة في «أيام الشارقة المسرحية» و«مهرجان دبي لمسرح الشباب». ولما شرعنا في إنجاز هذا التقرير استطلعنا عدداً من المسرحيين الإماراتيين حول منظورهم إلى حاضر المسرح في أم القيوين، وفيما لو كان من الممكن الحديث عن نشاط منظور وبخاصة في المناسبات المسرحية الرسمية التي يجري تنظيمها في الشارقة أو دبي أو أبوظبي؛ وفي كل مرة كنا نتلقى رداً بالعودة إلى الفنان سعيد سالم للإجابة، فهو الأكثر مناسبة للحديث عن الأمر... وهذا ما كان. فاعلية ماضية تقول الوقائع العيانية الخاصة بالنشاط المسرحي في الإمارات، إن فرقة مسرح أم القيوين كان لها تاريخها المشرق، وكانت فاعلة في المشهد المسرحي في الدولة، حيث ظلت حريصة لسنوات عدة على المشاركة والحضور في سائر الفعاليات الثقافية وذلك منذ إشهارها في 1985، وإذ نستذكر مع سعيد سالم هذا الماضي يضيف الى المسرحيات التي ذكرناها سابقاً مسرحيات عديدة قدمتها الفرقة ابتداء من 1993 مثل: «سرقوا الكأس يا ماجد» و«ابن ماجد يحاكم متهميه» و«شمبريش»، «يا ويلي من تاليها»، «فراش الوزير»، في التسعينيات، ثم في وقت لاحق: «ما كان لأحمد بنت سليمان»، «الياثوم»، «غصيت بك يا ماي»، «مولاي يا مولاي»، «المجاريح»... وغيرها. ويقول سعيد سالم بنبرة لا تخلو من حسرة، إن مرافقته هذا المسرح لمدة تزيد على ثلاثة عقود زمنية انتهت به إلى حال من الإحباط والتشاؤم؛ فالمسرح لا يفتقر فقط للموازنات التي تتيح له أن ينتج عملا جديدا بل أيضا يفتقر مقره للتجهيزات التقنية البسيطة التي يمكن أن تتيح ظرفاً جيداً لإجراء البروفات للمسرحيين والتدرب على إنجاز مشاريعهم الفنية. ويضيف: تستقبل خزينة مسرح أم القيوين سنوياً نحو 80000 درهم ولكن هذا المبلغ بالكاد يغطي إيجار المقر (40000 درهم) ومصاريف الماء والكهرباء، إضافة إلى رواتب عمال، والحال، كما يقول سالم، تدخر الفرقة ما يتبقى لتمويل بعض عروضها سواء للمشاركة في “الأيام” أو لأي مهرجان آخر. ويلفت سالم في حديثه إلى أنهم يعانون عدم وجود مسرح مخصص للفرقة لإجراء البروفات، وثمة مسرح تابع للمركز الثقافي لأم القيوين إلا أنه يستقبل العديد من الفعاليات الاجتماعية والفنية، وبالتالي يغدو من الصعب على الفرقة المسرحية أن تنشط فيه بروفاتها. ويكشف سالم أن فرقتهم تجد أن عليها دفع رسوم تقدر بـ أربعة آلاف درهم يومياً في حال قدمت عليه «عرضاً كوميدياً»، ويرى سالم أنها كلفة عالية جداً قياساً بالعائد المادي الذي تحققه الفرقة المسرحية من عروضها إجمالاً وليس على مستوى اليوم الواحد!. وفي رده على سؤال حول ما تبذله الفرق لأجل أن تكون حاضرة في المشهد قال سالم، إننا لا نغيب كثيرا، ونحاول أن ننوع في مشاركاتنا بين مهرجانات الكبار والصغار والموسم المسرحي وعروض المناسبات الأخرى لكننا لا نغيب بالمطلق. ما العمل؟ كان يمكن لفرقة مسرح أم القيوين أن تحضر هذه السنة ضمن قائمة العروض المشاركة في أيام الشارقة المسرحية إلا أنها مثقلة بديون السنة الماضية، على ما قال سالم، وهو يوضح أنهم لم يفلحوا بعد في سداد كلفة إنتاج العرض المسرحي الذي قدمته الفرقة السنة الماضية تحت عنوان «خلطة ورطة» وكان من تأليف إسماعيل عبد الله وإخراج محمد العامري، وهو من بين ابرز أعضاء «مسرح الشارقة الوطني»، ولعل هذه واحدة من ثمار أو حسنات عدم وجود مادة في القانون الخاص بضبط عمل الفرق والمجموعات المسرحية في الدولة تلزم الفنانين بقصر نشاطهم على فرقة محددة؛ إذ يجد الممثلون والمخرجون حرية في التنقل من فرقة إلى أخرى، وهو ما حدث مع سعيد سالم نفسه مؤسس ورئيس مجلس إدارة «مسرح أم القيوين» الذي لطالما اشتغل ممثلا مع العديد من الفرق المسرحية الأخرى. بيد أن مرونة هذا النظام الذي يتيح للفنان العمل مع أكثر من فرقة له مثلبة واضحة وهي أنه يسهم بالطبع في زيادة إفقار الفرق المسرحية محدودة الإمكانات ويزيد من سطوة تلك الفرق ذات الإمكانات العالية، إذ يظل بمقدور الأخيرة استقطاب المزيد من الكفاءات ومضاعفة وهج عروضها وكسب الجوائز والتأثير على المجال والذيوع والانتشار فيما يتفاقم وضع الأولى ويزداد بؤساً، هذا ما يمكن الوصول إليه بالنظر إلى حال فرقة مسرح أم القيوين التي لم يشفع لها تاريخ تأسيسها العريق بأن تكون قادرة على الحضور سنوياً في المناسبات المسرحية التي تقام هنا أو هناك. نسأل سالم عن عضوية الفرقة وفيما لو كانت لا تزال تستقبل شباناً جدداً فيرد: هب أننا سجلنا المزيد من الأعضاء الجدد كيف لنا أن نشغلهم ونحن بلا مال؟. الآن، في قوائم التسجيل لدى الفرقة خمسون عضواً لكن الفاعلين منهم عددهم أقلّ، وهو أمر يتسق مع حال الضعف المادي الذي تعانيه الفرقة. لكن، كثر من المتحركين في المجال، يلمسون انشغالًا دائماً من سعيد سالم بشؤون هذا المسرح الذي يضم العديد من الأسماء المهمة على صعيد التمثيل والإخراج، بيد أن أمر البحث عن صيغة مثلى تسهم في إنعاش خزينة المسرح وتوفير الإمكانات له هو مما يحتاجه هذا المسرح أكثر من أي شيء آخر؛ لكن ما الذي يمكن القيام؟. بقيت الإشارة إلى أن آخر ورشة تدريبية نظمتها الفرقة كانت في 2011 وبلغت موازنتها الإجمالية 50000 درهم، وكانت عبارة عن دعم تلقته الفرقة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأثمرت تلك الورشة التي أشرف عليها المخرج محمد صالح عرضاً مسرحياً جرى تقديمه على هامش مهرجان أيام الشارقة المسرحية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©