الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحلم الباهظ

21 مايو 2008 01:13
كثرت البرامج التافهة مؤخرا في معظم القنوات التلفزيونية، والتي تركز على المسابقات والربح السريع، وصرف المبالغ بالملايين، والمطلوب منك عزيزي المشاهد ''أعصاب قوية'' وكثير من الوقت، وقليل من المعلومات العامة البسيطة، إذ تنتفي غالباً، لمثل هذه السابقات، الحاجة إلى المعلومات الشاملة· هذه مشكلة قنواتنا التلفزيونية ''لا تقدم ولا تؤخر''، فإذا كان البرنامج ثقافياً، فالأسئلة كعادتها سخيفة وتافهة، ما لون القميص، ومن الضيفة، وما لون العقد أو الخاتم، ولا نستغرب إن كانت هذه البرامج كلها ''مستوردة ومنتهية صلاحيتها''، لتكون الجائزة في نهاية المطاف عبارة عن طقم أدوات منزلية، أو اشتراك في أحد المنتجعات الصحية، أو الغداء في مطعم درجة خامسة·· هذه هي طبيعة البرامج التي تدعو المشاهدين للمشاركة والاتصال، وهي في حقيقة الأمر وسيلة مبتكرة لسلب النقود· وكما يقول بعض من أسرفوا ووقعوا ضحية الاستدراج، فإن سؤال المسابقة سهل جداً جداً، والجائزة ضخمة جداٍ أيضاً، فعندما يسمع الشخص سؤالاً يعرف إجابته، حتى الأطفال، ويسمع أيضاً قيمة الجائزة، ينتابه الحماس والاندفاع، ويعقد مؤاخاة بينه وبين الهاتف، فلا يكتفي بالاتصال مرة واحدة أو اثنتين، بل مرات ومرات، ناسياً أن هذه الاتصالات مكلفة، كيف لا وهو يرى أمام عينيه حلم الفوز بعشرات الآلاف من الدولارات! وتمتد السهرة مع الهاتف إلى أن يحلّ ''الإحباط '' عندما لا تحضر الدولارات، ولا يشعر الشخص بأن المؤاخاة مع الهاتف مكلفة إلا عندما تأتيه التكلفة الباهظة بالفاتورة، فيشعر انه تعرض لاستدراج، وربما يتهم شركات الاتصالات بالخداع والتحايل والتضليل· وقد يصل به الشعور بما يسميه الخديعة، أو ربما بما فعله شخصيا، إلى التهديد بعدم دفع الفاتورة، أو التخلي عن الهاتف· هناك مسؤولية كبرى تقع علينا نحن المشاهدين، فلا قناة تلفزيونية تجبر مشاهداً على رفع سماعة الهاتف والاتصال مرات عديدة للإجابة على سؤال البرنامج، إنما نحن من نقرر أن ''نفعل أو لا نفعل''· فمثل هذه المحطات التلفزيونية، كما أسلفت، تزيّن الأمور للمشاهد، فالأسئلة سهلة جداً ولا تحتاج إلى إي ثقافة أو جهد عقلي، والجوائز ضخمة جداً· ومع ابتسامات فتيات الشاشات، والموسيقى التصويرية والتشويق والغناء، يشعر المشاهد أن ما يفصله عن الثروة وحلَ مشكلاته المالية أو تحقيق آماله، هو الاتصال ورفع السماعة· هالة علي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©